دعم خليجي لمخرجات «قمة فلسطين» في القاهرة

أكّد مجلس التعاون الخليجي، الخميس، دعم مخرجات «قمة فلسطين» العربية غير العادية في مصر، التي اعتمدت خطة التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة، ونشر قوات حماية وحفظ سلام دولية بقرار من مجلس الأمن في الأراضي الفلسطينية بغزة والضفة الغربية.

جاء ذلك في كلمة جاسم البديوي، الأمين العام للمجلس، في مستهل اجتماع وزراء خارجية دول الخليج الـ163، والاجتماعات الوزارية المشتركة مع نظرائهم؛ المصري والسوري والمغربي والأردني، التي استضافتها مكة المكرمة.

الاجتماع الخليجي – المصري

وقال البديوي إن الاجتماعات تأتي في ظل أوضاع إقليمية ودولية معقدة، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية، مؤكداً الرفض القاطع للتصعيد الخطير والانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ما يشكل تهديداً صارخاً لهويته وحقوقه، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته لوقف هذه الممارسات التي تقوّض الأمن والاستقرار.

ورحّب بقرار «قمة القاهرة» لعقد مؤتمر دولي للتعافي وإعادة الإعمار في غزة، وذلك بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة، حاثاً المجتمع الدولي على المشاركة فيه، للتسريع في تأهيل القطاع وإعادة إعماره بعد الدمار الذي تسبب به العدوان الإسرائيلي.

جانب من الاجتماعات الوزارية في مكة المكرمة الخميس (مجلس التعاون)

وشدّد البديوي على أن مستقبل غزة يجب أن يكون في سياق الدولة الفلسطينية الموحدة، وتنفيذ حلّ الدولتين، رافضاً في الوقت ذاته تحميل مصر أي تبعات جراء دعوات التهجير غير الإنسانية والظالمة للشعب الفلسطيني.

وأضاف أن الاجتماع الوزاري المشترك الثالث بين مجلس التعاون ومصر يُمثِّل خطوة أخرى تضاف إلى خطوات عديدة اتخذها الجانبان سعياً تجاه توطيد العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمعهم، وعلى جميع المستويات.

من جانبه، قال عبد الله اليحيا وزير الخارجية الكويتي، رئيس الدورة الحالي للمجلس الوزاري، إن الاجتماعات تنعقد في ظل تحديات متسارعة وتطورات إقليمية ودولية تتطلب منّا جميعاً تعزيز التشاور والتنسيق والعمل المشترك لمواجهة هذه التحديات؛ بما يساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار، وتعزيز مسارات التنمية المستدامة، وتحقيق المصالح المشتركة لدولنا وشعوبنا.

وجدّد اليحيا الموقف الثابت والراسخ في رفض أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه، واصفاً مخرجات «قمة القاهرة» لبحث تطورات الأوضاع بـ«المهمة»، حيث عكست نتائجها وحدة الصف، والالتزام بالعمل المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وتؤكد على الثوابت العربية في دعم الأمن والاستقرار، وتعزيز التكامل العربي، ودفع مسارات التنمية، بما يلبي تطلعات شعوبنا نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

عبد الله اليحيا مترئساً الاجتماع الوزاري الخليجي – المصري في مكة المكرمة الخميس (مجلس التعاون)

بدوره، أكد بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، أن الاجتماع يأتي في توقيت بالغ الدقة على الصعيدين الإقليمي والدولي في ظل ما تشهده المنطقة من تغيرات عديدة، وما تموج به من تحديات غير مسبوقة، وهو الأمر الذي يتعين معه تكثيف التشاور والتنسيق بين مصر ومجلس التعاون، لافتاً إلى أنه يدفعنا نحو مزيد من تنشيط آليات التعاون بيننا للعمل معاً على مواجهة هذه التحديات والتهديدات غير المسبوقة وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأشار إلى أن «قمة القاهرة» أظهرت إجماعاً وتضامناً على التمسك بالثوابت العربية تجاه فلسطين لكونها القضية المركزية للعالم العربي، «الأمر الذي يمثل فرصة جديدة لإعادة التأكيد على مواقفنا التي ترتكز على دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والتصدي لأي أفكار تستهدف تصفيتها من خلال تهجيره أو نقله من أرضه»، مضيفاً أن ذلك «يدعونا جميعاً إلى الاستمرار في التنسيق والتعاون للعمل على إعادة إعمار قطاع غزة مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وتمكين لجنة إدارة قطاع غزة من استئناف الخدمات الحيوية للفلسطينيين تمهيداً لتمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى قطاع غزة والاطلاع بمهام الأمن والتنمية وإنفاذ القانون فيه».

الاجتماع الخليجي – السوري

وجدّد اليحيا موقف مجلس التعاون الثابت بأن «أمن سوريا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، وأن الحفاظ على وحدتها وسيادتها وسلامة أراضيها يمثل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة»، مؤكداً دعم تطلعات السوريين نحو الأمن والازدهار، وأن مستقبل بلادهم يجب أن يكون بيدهم أنفسهم دون أي تدخلات خارجية تمس سيادتها أو وحدة أراضيها.‏

صورة تذكارية قبيل الاجتماع الوزاري الخليجي – السوري في مكة المكرمة الخميس (مجلس التعاون)

وأضاف أن الاجتماع يأتي استكمالاً لجهود المجلس التي بدأت مباشرة بعد التطورات التي شهدتها سوريا، وذلك في إطار الاهتمام والحرص على أمنها واستقرارها، مجدداً دعوة المجتمع الدولي لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، وبما يراعي الجوانب الإنسانية، ويخفف من المعاناة التي واجهها الشعب السوري، ويدعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، وفق رؤية تضمن استعادة سوريا لدورها الفاعل عربياً وإقليمياً.

واستذكر اليحيا نتائج اجتماعات الرياض بشأن سوريا في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، التي شكّلت خطوة هامة في بحث آليات دعم الشعب السوري وتوفير العون والإسناد له في هذه المرحلة المفصلية من تاريخه، مؤكداً استمرار مجلس التعاون في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والتنموية للسوريين؛ «إدراكاً لحجم التحديات التي يواجهونها، وحرصاً على دعم الجهود الرامية إلى تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز جهود التعافي الاقتصادي والاجتماعي، والمساهمة في بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً لسوريا وشعبها».

بدوره، قال أسعد الشيباني، وزير الخارجية السوري، إن «وجودنا هنا اليوم يُمثل خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات بين سوريا والدول العربية، وفرصة للتعبير عن تطلعاتنا وآمالنا في تحقيق السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة أجمع».

مشاركة الوزير أسعد الشيباني في الاجتماع الخليجي – السوري بمكة المكرمة الخميس (مجلس التعاون)

وأضاف: «سوريا التي كانت خلال عقود ماضية مصدر إشعاع ثقافي وحضاري في المنطقة قد مرّت بتحديات جسيمة في السنوات الماضية فرضت علينا العمل المستمر على تحقيق التوازن بين استعادة الأمن وسيادة الوطنية من جهة، وبين تحقيق العدالة والتنمية من جهة الأخرى»، مشيراً إلى حاجة بلاده اليوم لجميع أنواع الدعم «للمساهمة في إعادة بناء الوطن وتنفيذ الإصلاحات اللازمة التي تضمن مستقبلاً مشرقاً».

وواصل الشيباني: «ضمن جهودنا في عملية الانتقال السياسي، فقد تم اتخاذ خطوات هامة منذ تحرير سوريا وإلى اليوم. منها اجتماع كلمة الفصائل العسكرية على التوحد تحت جيش وطني يخدم المصالح الوطنية، واختيار السيد أحمد الشرع رئيساً للبلاد، ومن ثم الإعلان عن خريطة طريق تحدده، بتشكيل لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر حوار وطني، حضره نحو 1000 شخص من مختلف المكونات».

ولفت إلى أن المؤتمر «عبّر بكل شفافية عن تطلعات الشعب السوري من مختلف الأطياف السورية، وكان بمثابة منصة حوارية لمناقشة القضايا الأساسية التي تشغل بال السوريين، مثل بناء الدولة، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وضمان حقوق جميع المواطنين بغضّ النظر عن الخلفيات السياسية أو الدينية أو العرقية»، مؤكداً أنه «شهد نجاحاً ملحوظاً في فتح قنوات للتواصل بين الأطراف المختلفة، ما أسهم في بناء ثقة متبادلة بين مكونات الشعب السوري، وأدّى إلى توافق حول بعض المبادئ الأساسية التي تشكل أساساً لعملية سياسية في المستقبل».

جانب من الاجتماع الوزاري الخليجي – السوري في مكة المكرمة الخميس (مجلس التعاون)

وتحدث عن الخطوات الإيجابية التي اتخذتها بعض الدول الأوروبية مؤخراً من خلال تعليق بعض العقوبات المفروضة، وقال إنها «تمثل تقدماً مهماً نحو تحفيز الاقتصاد السوري والاستقرار في البلاد»، معرباً عن أمله في أن «تتوسع هذه الاستثناءات لتشمل قطاعات أخرى حيوية، خاصة في مجال إعادة البناء وتقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية التي تعدّ ذات أهمية قصوى في هذه المرحلة، ورفع مزيد من القيود الاقتصادية المفروضة على الشعب السوري، ما يسهل علينا إعادة بناء البنية التحتية المتضررة وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين».

واختتم الشيباني بالقول: «سوريا اليوم بحاجة إلى دعمكم على الصعيد السياسي والإنساني والاقتصادي»، مؤكداً: «إن دعم الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي لا غنى عنه في هذه المرحلة، ونحن نثق بأن تعاوننا سيؤدي إلى نتائج مثمرة تسهم في إعادة سوريا واستقرارها».

الاجتماع الخليجي – المغربي

وعدَّ البديوي هذا الاجتماع «خطوة مهمة لمواصلة تدعيم أسس الشراكة الاستراتيجية نحو إطار نموذجي وتكاملي، متعدد الأبعاد، حتى يعكس في مضمونه عمق وقوة العلاقات الأخوية والتاريخية» التي تربط بين الجانبين، وقال إنه «يأتي لتعزيز علاقاتنا التاريخية المتميزة، ودعم أطر شراكتنا الاستراتيجية القائمة بيننا، وتطويرها في مختلف المجالات».

صورة تذكارية قبيل الاجتماع الوزاري الخليجي – المغربي في مكة المكرمة الخميس (مجلس التعاون)

وتطرق البديوي إلى تأكيد القمة الخليجية الـ45 في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وتنفيذ خطة العمل المشترك، وعلى مواقف المجلس وقراراته الثابتة الداعمة لمغربية الصحراء، والحفاظ على أمن واستقرار المغرب ووحدة أراضيه، مشيداً بقرار مجلس الأمن 2756 في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بشأن الصحراء المغربية.

الاجتماع الخليجي – الأردني

وأوضح اليحيا أن انعقاد هذا الاجتماع يجسد خطة واستراتيجية تعكس متانة العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط المجلس والأردن، والالتزام المشترك لتعزيز التعاون في المجالات الحيوية، وقال: «نشهد مرحلة مفصلية من تاريخنا، حيث تزداد التحديات الإقليمية والدولية مما يستوجب علينا العمل بشكل متناسق وفعَّال لمواجهة هذه التحديات، وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقتنا».

وجدّد تأكيد موقف المجلس الثابت والراسخ في أي محاولات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه أو تقويض حقوق المشروعة، مشدداً على ضرورة التصدي لأي إجراءات من شأنها المساس بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وأهمية الجهود الإقليمية والدولية لدفع عملية السلام وفق رؤية تضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتحقق الأمن والاستقرار للجميع.

وأشاد اليحيا بدور الأردن الريادي في حماية المقدسات بالقدس الشريف، استناداً إلى الوصايا الهاشمية، وجهودها في دعم الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة، ومساعيها الحثيثة لتحقيق السلام العادل والشامل وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإرساء دعائم استقرار المنطقة.

جانب من الاجتماع الوزاري الخليجي – الأردني في مكة المكرمة الخميس (مجلس التعاون)

بدوره، ثمَّن أيمن الصفدي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الأردني، عالياً دعم دول الخليج لبلاده «في مساعدتها على تحقيق التنمية الاقتصادية، والتعامل مع تبعات الأزمات الإقليمية التي انعكست علينا بشكل كبير، وخصوصاً قضية اللاجئين، والآثار الكبيرة التي تركتها على الأردن»، متطلعاً لمزيد من التعاون الاقتصادي بين الجانبين على أسس عملية تحقق الفائدة المشتركة والخير للجميع.

وأضاف الصفدي: «أمننا واستقرارنا ومستقبلنا واحد، وقادتنا حريصون على بناء المزيد من التعاون والعلاقات التي ستجلب الخير ليس لنا فقط، ولكن أيضاً لكل منطقتنا»، مؤكداً: «نقف صفاً واحداً إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في سعيه للحصول على حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حق الحرية والدولة ذات السيادة على تراب وطنه وعاصمتها القدس المحتلة».

وزاد: «نعمل جميعاً من أجل مواجهة التحديات الإقليمية والإرهاب، وإيجاد البيئة والمستقبل الذي يسوده الأمن والاستقرار والسلام، والعلاقات القائمة على احترام الآخر وعدم التدخل في شؤونه»، مؤكداً وقوف الأردن والخليج أيضاً في هذه المرحلة مع الشعب السوري الشقيق لمساعدته على إعادة بناء وطنه على الأسس التي تظهر وحدة أراضيه وأمنه واستقراره وسيادته، وتحفظ حقوق كل أبنائه، وتتيح الظروف الطوعية لعودة اللاجئين.

close