إطلاق سراح عرمان بعد ساعات من احتجازه بواسطة «الإنتربول» في نيروبي

أطلقت السلطات الكينية، الخميس، سراح السياسي السوداني البارز ياسر سعيد عرمان، بعد ساعات من توقيفه من قبل «منظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول)»، على خلفية وجود اسمه ضمن مذكرة بأسماء أشخاص تلاحقهم الحكومة السودانية.

وأثار الاعتقال موجة من ردود الفعل؛ لأن العاصمة نيروبي ظلت تستقبل القيادات السودانية منذ اندلاع الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.

وقال عرمان في تدوينة على موقع «فيسبوك»: «تم إيقافي في مطار جومو كيناتا في نيروبي ظهر أمس (الأربعاء)، وتم اقتيادي إلى مقر (الإنتربول الكيني) بسبب (إشعار أحمر) يفيد بأنني مطلوب من قبل سلطات بورتسودان بتهم عديدة لا أساس لها من الصحة».

وأضاف: «أخبرت سلطات (الإنتربول) أن قضيتي سياسية بحتة».

ياسر عرمان القيادي في «الحرية والتغيير»… (الشرق الأوسط)

وأفاد عرمان بأنه تلقى صباح الخميس مكالمات هاتفية من مسؤولين كينيين في مكتب الرئيس ووزارة الخارجية، واتصالاً آخر من «الإنتربول»، وبأن وثائق سفره قد أعيدت.

وعدّ ما جرى معه من قبل سلطات بورتسودان «محاولة لإرهابه وردعه عن الدعوة إلى السلام والديمقراطية، وقد فشلوا في ذلك».

وقال عرمان، الذي يرأس «الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري الديمقراطي»: «من المفارقة أن جميع التهم الموجهة لي مصممة على مقاس من هم في بورتسودان، وأن تحقيق العدالة يجب أن يبدأ باعتقال الرئيس المعزول، عمر البشير وزمرته المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، لكن بدلاً من ذلك نجد أن أسماء قيادات القوى الديمقراطية هي التي على قائمة (الإنتربول)»، مضيفاً: «علينا أن نعمل على إزالتها حتى لا يتعرض آخرون لتجربة مماثلة مثل ما حدث معي».

ودعا عرمان طرفي الحرب، التي وصفها بــ«القبيحة» والتي «هي في الأصل ضد الشعب السوداني، إلى أن يتوقفا فوراً».

وعقب القبض على عرمان بساعات، انطلقت حملة تضامن واسعة من السودانيين الذين تفاعلوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع احتجازه.

وكانت النيابة العامة في بورتسودان خاطبت في سبتمبر (أيلول) الماضي، بمذكرة رسمية، «الإنتربول» لإصدار «نشرة حمراء» ضد 16 من قيادات «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)» سابقاً، على رأسهم رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، بمزاعم أنهم «شركاء في الجرائم التي ارتكبتها (قوات الدعم السريع)».

رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (رويترز)

ووقتها أعلن النائب العام السوداني، الفاتح طيفور، عن عزمه على محاكمة قادة «تنسيقية تقدم» و«قوات الدعم السريع» غيابياً حال تعذر مثولهم أمام القضاء داخل البلاد.

وفي الشهر ذاته دفعت «تقدم» بمذكرة لـ«الإنتربول» طالبت فيها برفض الطلب المقدم من حكومة بورتسودان، بوصفه «اتهامات ذات طابع سياسي كيدي، لا تستند إلى أي شيء يمت للقانون بصلة».

وشملت التهم التي قيدتها النيابة ضد القادة المدنيين: «إثارة الحرب ضد الدولة، وتقويض النظام الدستوري، وإثارة التذمر بين القوات النظامية، وجرائم حرب ضد الممتلكات والحقوق الأخرى، وجرائم ضد الإنسانية، تصل عقوبتها إلى الإعدام».

ورأت اللجنة القانونية التابعة لـ«تنسيقية تقدم» أن طلب نيابة بورتسودان «يشكل خرقاً لـ(المادة3) من النظام الأساسي لـ(الإنتربول)، التي تحظر التدخل في القضايا ذات الطابع السياسي».

وتعليقاً على الحادث، قال وزير شؤون مجلس الوزراء السابق، خالد عمر يوسف: «تم إطلاق سراح الرفيق ياسر عرمان بعد أن تبينت هزلية الاتهامات السياسية الملفقة ضده من نيابة سلطة بورتسودان فاقدة الشرعية».

وأضاف يوسف، وهو أحد أبرز المطلوبين في المذكرة: «هذه الحادثة فضحت مرة أخرى سلطة بورتسودان التي تصب كل جهدها في ملاحقة القوى المدنية الديمقراطية المناهضة للحرب من خلال اتهامات مثيرة للسخرية».

حمدوك يتوسط قيادة «تقدم»… (الشرق الأوسط)

وتابع: «تتهمنا زيفاً بارتكاب جرائم حرب نحن المدنيين العزل الداعين للسلام، في حين أنها هي المدانة بهذه الجرائم عبر تقارير صادرة من جهات دولية موثوقة، وليس من نيابة مسيسة تفتقر إلى المصداقية والأهلية».

وأشار يوسف إلى التقرير الأخير من مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، «الذي وثق الجرائم التي ارتكبها كل من طرفي النزاع بحق المدنيين في هذه الحرب الإجرامية».

وقال المسؤول السوداني السابق: «تدعي سلطة بورتسودان، في تناقض واضح، ملاحقتها مرتكبي الجرائم، بينما توفر الحماية لمطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية متهمين بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وهم الأشخاص الذين أسسوا لوضعية تعدد الجيوش، ونشروا السلاح في أيدي القبائل، وهو ما تدفع بلادنا ثمنه الباهظ اليوم».

close