رسميًا.. هل تعود كنوز ألاسكا التاريخية لروسيا بعد إغراءات ترامب؟

تستعد روسيا لاستعادة كنوز ألاسكا المحتملة بعد سنوات من التنازل عنها، مما يعود إلى العروض الاقتصادية التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهدف إنهاء الحرب في أوكرانيا؛ إذ يتضمن العرض إتاحة الفرصة لموسكو للاستثمار في موارد ألاسكا الطبيعية والمعادن الاستراتيجية، إلى جانب تخفيف العقوبات على الطيران الروسي.

ألاسكا.. الولاية الأميركية الأكبر والثروات الطبيعية التي تثير الجدل

تُعرف ألاسكا بأنها أكبر ولاية أمريكية بمساحة تزيد على 1.5 مليون كيلومتر مربع، انضمت للولايات المتحدة من خلال صفقة بيعت فيها الإمبراطورية الروسية هذه الأرض الشاسعة مقابل 7.2 ملايين دولار فقط؛ وهي دولة غنية بالمعادن كالذهب والنفط، وتقع شمال غرب القارة الأمريكية، ومعزولة جغرافيًا عن باقي الولايات بسبب صقيع شمال غرب كندا. تفصل ألاسكا نحو 82 كيلومترًا فقط عن الأراضي الروسية عبر مضيق بيرينج، الذي يتجمد في الشتاء، ما يقترب أكثر من الأرض الروسية، فيما تحدها برًا كندا لمسافة 2500 كيلومتر. أما من حيث السكان، فتضم الولاية نحو 733 ألف نسمة في 2023، رغم اتساعها الجغرافي الهائل.

الاستكشاف الروسي لألاسكا وتفريط القيصر في هذه الأرض الثمينة

بدأت روسيا اكتشاف ألاسكا عام 1725 بإرسال الإمبراطور بطرس الأكبر بعثة استكشافية بقيادة البحار الدانمركي فيتوس بيرينج، الذي كشف عن الثروات الطبيعية في المنطقة؛ إلا أن ضعف الإمبراطورية الروسية بعد هزيمتها في حرب القرم، وتصاعد المنافسة التجارية مع الأمريكيين، وضعف وجود السكان الروس الذين لم يتجاوز عددهم 400 نسمة بحلول منتصف القرن التاسع عشر، دفع روسيا للتخلي عن مستعمرتها. خشية من هجوم بريطاني مباغت، عرضت موسكو ألاسكا للبيع إلى الولايات المتحدة عام 1859، لكنها أُرجئت بسبب الحرب الأهلية الأمريكية، قبل إتمام الصفقة رسميًا عام 1867.

خطوات الصفقة وتأثيرها على السيادة الأمريكية وأهمية ألاسكا الاستراتيجية

تم توقيع اتفاق شراء ألاسكا بين وزير الخارجية الأمريكي ويليام سيوارد والسفير الروسي إدوارد دي ستويكل في 30 مارس 1867، ووافق مجلس الشيوخ الأمريكي والبيت الأبيض على الصفقة، لتنتقل الولاية رسميًا إلى الولايات المتحدة في 18 أكتوبر من نفس العام، منهية الوجود الروسي في أمريكا الشمالية. ظلّ اهتمام الحكومة الفيدرالية بألاسكا محدودًا لعقود، إلى أن اكتشاف الذهب والنفط والموارد المعدنية الأخرى وضع الولاية في موقع استراتيجي مهم، خاصة بعد إعلانها رسميًا ولاية أمريكية عام 1959. في الآونة الأخيرة، أعاد الرئيس الروسي ومرسومه لعام 2024 تخصيص أموال للبحث عن الممتلكات الروسية المنقولة إلى الخارج، بما في ذلك ألاسكا التي تعد محط جدل سياسي متصاعد بين موسكو وواشنطن، وسط دعوات من سياسيين روس لاستفتاء قد يعيد الولاية إلى السيادة الروسية، وربط ذلك بملف تجميد الأصول الروسية خارجيًا، خاصة قبيل الانتخابات الروسية.

ألاسكا بين “حماقة سيوارد” والكنز الاستراتيجي الوفير

وصف الأمريكيون صفقة شراء ألاسكا بأنها “حماقة سيوارد” بسبب شكوكهم في أهميتها الاقتصادية، قبل اكتشاف الذهب في منطقة يوكون عام 1884 الذي قلب النظرة السابقة. شهدت ألاسكا نموًا اقتصاديًا متفاوتًا، مع تنفيذ مشاريع بنية تحتية مثل إنشاء طريق ألاسكا السريع خلال الحرب العالمية الثانية، فضلاً عن طفرة النفط التي انطلقت بعد اكتشاف النفط في 1968 وإنشاء خط أنابيب النفط عام 1977. تشمل موارد ألاسكا أكثر من نصف احتياطيات الفحم الأمريكية وأكبر مناجم الفضة والزنك، إضافة إلى الذهب المنتشر في أنهارها وجبالها. أنشئ “صندوق ألاسكا الدائم” عام 1980 لتوفير أرباح النفط للسكان، فيما تعد السياحة والصيد البحري من أهم مصادر الدخل، مع استقبال أكثر من 1.1 مليون زائر سنويًا، وإنتاج 6 مليارات رطل من المأكولات البحرية.

أسباب إغراء روسيا بالعودة لألاسكا ورهان ترامب على الموارد الطبيعية

الطبيعة الغنية بالثروات تجعل ألاسكا هدفًا اقتصاديًا وسياسيًا؛ لذلك تقترح إدارة ترامب منح موسكو إمكانية استثمار موارد الألاسكا الطبيعية، مع توفير حوافز اقتصادية متنوعة تخفف من العقوبات المفروضة، وتحاول إقناع روسيا بالتوصل إلى اتفاق لنزع فتيل النزاعات، خاصة في ظل الحرب الأوكرانية المستمرة؛ لكن الولايات المتحدة تحجم عن الإقرار بإمكانية فقدان الولاية، معتبرة أن ألاسكا ستظل تحت السيادة الأمريكية، رغم الضغوط الروسية، وهذه التحركات تعكس صراع النفوذ بين البلدين على خريطة ثروات العالم الطبيعية.