الخميس 13 مارس 2025 | 02:16 صباحاً
ين التقلبات الحادة التي تعصف بـ “وول ستريت” وارتفاع مؤشر الخوف بين المستثمرين، يعود السؤال القديم إلى الواجهة: هل يمكن للاضطرابات المالية أن تجبر دونالد ترامب على إعادة النظر في سياساته الاقتصادية؟
خلال ولايته الأولى، كانت الأسواق بمثابة كابح سياسي يدفعه أحياناً للتراجع عن خطوات مثيرة للجدل، مثل فرض الرسوم الجمركية على شركاء أميركا التجاريين. لكن اليوم، تبدو الصورة أكثر تعقيداً، مع تصاعد المخاوف من أن ترامب قد يكون أقل ميلًا لتعديل مساره، حتى لو أدى ذلك إلى مزيد من الاضطراب المالي.
بيع الأسهموفي هذا السياق، يخشى المستثمرون من أن تكون قدرة دونالد ترامب على تحمل عمليات بيع حادة للأسهم أعلى بكثير مما كانت عليه في ولايته الأولى، حيث فقدوا الثقة في أن الأسواق المالية ستكبح جماح التعرفات الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي وخفض الإنفاق، بحسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، يشير إلى التراجعات الحادة التي تشهدها “وول ستريت”، حيث تثير رسوم ترامب الجمركية مخاوف بشأن مسار أكبر اقتصاد في العالم.
وكان العديد من المستثمرين وبنوك وول ستريت يراهنون على أن ترامب سوف يتراجع في نهاية المطاف عن أشد تهديداته بالرسوم الجمركية والتخفيضات للحكومة الفيدرالية إذا ردت الأسواق بعنف. لكن الآمال في هذا السياق قد تضاءلت، بحسب التقرير.
قال بنك يو بي إس لعملائه مساء الاثنين: “تتساءل الأسواق عن فكرة أن إدارة ترامب ستعدل السياسات استجابة لتقلبات سوق الأسهم أو المخاوف بشأن النمو الاقتصادي”.
جماح الرسوم الجمركية
كما قال المدير الإداري لمشتقات الأسهم العالمية في نومورا، أليكس كوسوجليادوف، في أواخر فبراير: “كان الناس يتساءلون عما إذا كان ترامب سيكبح جماح الرسوم الجمركية وبعض تخفيضات الإنفاق الفيدرالي التي كانت تثير مخاوف الأسواق.. وفي الأيام القليلة الماضية من التداول، تحولت المشاعر”.
لم تقتصر المشاعر السلبية على سوق الأسهم؛ فقد خفّض كلٌّ من غولدمان ساكس ومورغان ستانلي توقعاتهما للنمو الاقتصادي الأميركي بسبب المخاوف بشأن الرسوم الجمركية، وردّ فعل الشركاء التجاريين.
وارتفع مؤشر التقلبات VIX ، الذي يقيس التقلبات المتوقعة في الأسهم الأميركية، من 12 إلى 28، متجاوزاً متوسطه طويل الأجل البالغ 20. وانخفض مؤشر ناسداك المركب، الذي يركز على التكنولوجيا، والذي ارتفع في العامين الماضيين، بأكثر من 13 بالمئة عن أعلى مستوى قياسي له في منتصف ديسمبر.
ويضيف تقرير الصحيفة البريطانية:
خلال فترة ولاية ترامب الأولى، كان يُنظر إلى الاضطرابات التي شهدتها الأسواق المالية على نطاق واسع باعتبارها حاجزاً حاسماً في إجباره على عكس مسار السياسات التي اعتبرها المستثمرون ضارة، على الأقل في الأمد القريب، بالنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
قال أحد المسؤولين التنفيذيين في أحد بنوك وول ستريت: “لقد اعتقد الجميع بأن الطريقة الوحيدة التي قد يتراجع بها ترامب هي إذا هبطت سوق الأسهم. ولكن ما لم ير الناس أنه سيغير روايته بالفعل”.
ويؤكد البيت الأبيض على رفضه للاضطرابات التي شهدتها الأسواق المالية في أعقاب عمليات البيع المكثفة التي شهدتها الأسهم أخيراً .
إجراءات اقتصادية
من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:
الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية يتخذ إجراءات اقتصادية مشددة لضمان ترك بصمة تاريخية خلال فترته الرئاسية.
ترامب خلال ولايته الأولى كان يعدّل من سياساته عند حدوث اضطرابات في الأسواق، كما حدث بعد فرضه رسوماً على المكسيك وكندا، حيث تراجع عنها لاحقاً.
الرؤساء الأميركيين، وخاصة عند استلامهم الحكم من حزب مختلف، غالباً ما يواجهون أداءً اقتصادياً ضعيفاً في العام الأول، وهو ما يُعزى إلى تركة الإدارة السابقة.. والسنوات التالية من الولاية تُستخدم عادة لتنفيذ إنجازات اقتصادية مهمة.
ويضيف: “الإدارة الأميركية تُركز في هذه الولاية على تعزيز الاقتصاد المحلي؛ سواء من خلال دعم القطاع الصناعي وتوفير فرص عمل للأيدي العاملة الأميركية، وهو ما يظهر في سياسات الرسوم الجمركية والهجرة”.
ويشير يرق إلى أن: التقلبات الحادة في الأسواق حالياً بمثابة “تصحيح طبيعي”، لكن هناك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد الأميركي عموماً.هناك احتمال بأن تتبع الإدارة سياسة اقتصادية متشددة قد تؤدي إلى ركود اقتصادي أو ركود تضخمي، مما قد ينعكس بانخفاض في النمو الاقتصادي على المدى القصير، يليها انتعاش اقتصادي كبير لاحقاً.
ويشدد على أن السياسات الاقتصادية التي سيتبعها ترامب في الفترة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الاقتصاد الأميركي وسوق الأسهم، خاصة مع انتظار آخر حزمة من التعرفات الجمركية الحمائية، والتي سيتم الإعلان عنها في أبريل المقبل، حيث ستُظهر مدى تأثيرها على الاقتصاد الأميركي في المرحلة الحالية.
هبوط الأسهم الأميركية
ويشار إلى أنه مع هبوط الأسهم الأميركية بشكل حاد ردا على التهديد بفرض رسوم جمركية على شركائها التجاريين، اتخذ ترامب خطوة للخلف، بعدما أرجأ فرض معظم الرسوم على كندا والمكسيك حتى أبريل ، لكنه أبقى على الرسوم الجمركية على الصين.
وأعلن الرئيس الأميركي، عن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25 بالمئة على واردات الصلب والألومنيوم الكندية. وتأتي هذه الخطوة استكمالًا لخطة قائمة لفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على واردات الصلب والألومنيوم من جميع شركاء أميركا التجاريين.
واصل البيت الأبيض، الثلاثاء، رفض المخاوف الواسعة النطاق بشأن اضطرابات السوق، قائلاً إن الولايات المتحدة تمر بمرحلة “تحول اقتصادي”.
قالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت: “عندما يتعلق الأمر بسوق الأوراق المالية، فإن الأرقام التي نراها اليوم، والأرقام التي رأيناها بالأمس.. هي لقطة من لحظة من الزمن”. وأضافت “نحن في فترة انتقالية اقتصادية”.
كانت التعليقات الصادرة عن كبار المسؤولين في إدارة ترامب والتي تقلل من المخاوف بشأن مشاكل سوق الأوراق المالية متسقة في هذا السياق.
وأثار وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، مخاوف المستثمرين خلال عطلة نهاية الأسبوع، عندما بدا وكأنه يرفض فكرة أن ترامب قد يحد من بعض سياساته الاقتصادية إذا استمرت سوق الأسهم في الانخفاض. وقال:
“لا يوجد خيار آخر.. إن توقعات ترامب بشأن الصعود هي أنه إذا اتبعنا سياسات جيدة فإن الأسواق سوف ترتفع”.
الاقتصاد الأميركي ربما يحتاج إلى “فترة إزالة السموم” حتى يصبح أقل اعتمادا على الإنفاق الحكومي.