في مشهدٍ يفيض إنسانيةً وعطاءً، تقف فتيات الكشافة السعودية شامخاتٍ وسط أروقة المراكز الصحية والمستشفيات المُحيطة بالحرم المكي، يمددن أيديهن لمساعدة المعتمرين والمرضى بروحٍ ملؤها الرحمة والتفاني. بين ممرات المستشفيات وغرف الانتظار، يقدمن يد العون لكل محتاجٍ، يخففن الألم بابتسامة، ويرشدن التائهين بحب، في صورةٍ تعكس القيم النبيلة للعمل التطوعي.
قصص إنسانية من قلب الخدمة
في ليلةٍ رمضانية هادئة، كانت غادة أسيل؛ إحدى فتيات الكشافة، تسير بين زوّار المستشفى حين لمحَت معتمرة مسنّة تعاني الإعياء، عاجزةً عن التواصل مع مَن حولها. لم تتردّد غادة في التقدُّم نحوها، فاحتضنتها بكلمات طمأنينة، وساعدتها على التواصل مع الفريق الطبي بلغة الإشارة التي تتقنها. تقول غادة: “عندما رأيت الراحة في عينيها، أدركت أن هذا هو جوهر رسالتنا الحقيقية”.
أما شهد طرابلسي؛ فكانت شُعلة أملٍ لسيدة آسيوية فقدت أسرتها وسط زحام المستشفى. لم تتوانَ شهد عن استخدام تقنيات الترجمة عبر الهاتف، وبذلت جهداً مضاعفاً لتوجيهها حتى وجدت عائلتها؛ لتغمر دموع الفرح وجه السيدة في لحظة مؤثرة.
أدوارٌ متعدّدة بروحٍ واحدة
لا تقتصر جهود فتيات الكشافة على التوجيه والتنظيم؛ بل تمتد إلى تقديم الإسعافات الأولية، والمشاركة في حملات التوعية الصحية، وتقديم الدعم النفسي للمرضى. تعمل هؤلاء الفتيات جنباً إلى جنب مع الفرق الطبية، ليكُنَّ جسوراً للرحمة وخط الدفاع الأول في راحة ضيوف الرحمن.
توضح القائدة الكشفية عبير الغريبي؛ أن الدور الذي تؤديه الفتيات أبعد من مجرد خدمة؛ بل رسالة إنسانية سامية. تقول: “كل كلمة امتنانٍ من معتمرٍ أو مريضٍ تمنحنا طاقةً لمواصلة العطاء، فإن نكون سبباً في تخفيف مشقة أحدهم هو أعظم مكافأة”.
شعلة أمل في درب المعتمرين
فتيات الكشافة السعوديات لا يحملن فقط راية التنظيم؛ بل يحملن قلوباً مفعمةً بالعطاء، تعكس أبهى صور التكافل والتراحم. بمناديلهن الخضراء وأرواحهن النقية، يقفن شامخاتٍ كجدار دعمٍ إنساني، يجسّدن صورةً مشرّفةً للفتاة السعودية في ميادين الخير والخدمة المجتمعية، مؤكداتٍ أن العطاء رسالةٌ لا تعرف حدوداً.