يُعَد “مسجد الفسح”، الواقع على سفح جبل أُحد شمال المدينة المنوّرة، أحد المعالم التاريخية البارزة التي يقصدها الزوّار من مختلف البلدان؛ كونه شاهداً على أحداث معركة أُحد التي وقعت في السنة الثالثة للهجرة، وأحد المواضع التي صلّى فيها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. وحظي المسجد باهتمامٍ وعناية خاصّة، حيث أُعيد ترميمه وتأهيله للمحافظة عليه من الاندثار.
وأوضح المؤرخ والباحث في التاريخ الإسلامي الدكتور فؤاد المغامسي؛ في حديثه لوكالة الأنباء السعودية، أن منطقة أُحد تحتضن عدداً من المواقع التاريخية المرتبطة بمعركة أُحد، من أبرزها: جبل الرماة، ووادي قناة، وجبل أُحد، ومسجد الفسح؛ المعروف أيضاً بـ”مسجد أُحد” أو “مسجد شِعب الجِرار”. ويُعدّ هذا المسجد من المعالم التي ورد ذكرها في التراث الإسلامي، إذ يُروى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلّى عنده يوم معركة أُحد.
وأضاف “المغامسي”: إن “مسجد الفسح” لا تزال آثاره قائمة، حيث يحيط به سورٌ حجري من ثلاث جهات بارتفاع يقارب متراً، وتبلغ مساحة المسجد ستة أمتار طولاً، وأربعة أمتار عرضاً، وقد نال هذا المَعلَم التاريخي اهتماماً خاصاً؛ إذ كان أحد المواضع التي حُدّدت في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز، حين أمر بحصر الأماكن التي صلّى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنوّرة. وقد بُني المسجد بالحجارة السوداء، وظل قائماً على مر العصور، وشهد عدة عمليات ترميم، كان آخرها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ضمن مشروع تطوير وتأهيل المواقع والمعالم التاريخية.
ويتميز المسجد بتفاصيله المعمارية البسيطة، حيث يتكوّن من مساحة صغيرة مستطيلة الشكل، ويضم تجويفاً في الجهة القِبلية من الحجارة السوداء، بينما كُسي محرابه بالطوب الأحمر؛ ليضفي على المكان طابعاً معمارياً فريداً.
ورصدت عدسة وكالة الأنباء السعودية مشاهد من المسجد، الذي يَفِد إليه الزوّار لمشاهدة تفاصيله؛ كأحد المعالم الإسلامية المرتبطة بالسيرة النبوية.
ويقع المسجد أسفل جبل أُحد من الجهة الجنوبية الغربية، ويحدّه من الغرب حيٌّ مأهولٌ بالسكان يضم أبنية قديمة.
وشملت أعمال التطوير والتأهيل إضافة سقفٍ خشبي يغطي مساحة المسجد الصغيرة، مع كسوة أرضيته بأحجارٍ طبيعية صغيرة باللون الأصفر، تمّ تثبيتُها بطريقة فنية للحفاظ على شكلها وثباتها.
كما رُصفت المنطقة المحيطة بالحجر، وأُضيفت مواقع للجلوس، إلى جانب لوحات تعريفية نفّذتها هيئة التراث، التي تعد الجهة المشرفة على أعمال التأهيل والتطوير.