الكرملين يرفض وقف إطلاق النار في أوكرانيا.. والزي العسكري لـ”بوتين” ينذر بالتصعيد

في خطوة تُعيد رسم خريطة التوترات، رفض الكرملين الخطة الأمريكية لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، واصفاً إياها بـ”الاستراحة العسكرية” التي تعزز موقف كييف دون تحقيق مكاسب لروسيا. بينما أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالةً صارخةً عبر زيارة مفاجئة لمنطقة كورسك المحتلة مرتدياً الزي العسكري، في مشهدٍ نادر يُضيء على استراتيجية موسكو لتحويل الحرب إلى ورقة ضغطٍ دولية.

رفض الهدنة

أكد يوري أوشاكوف المستشار السياسي لبوتين، أن وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً سيسمح لأوكرانيا بإعادة تجميع قواتها واستئناف القتال، مشيراً إلى أن موسكو ترفض أي تسويةٍ مؤقتةٍ لا تضمن مصالحها الاستراتيجية. جاء الرفض الروسي رغم الضغوط الأمريكية، التي حاولت إقناع الكرملين بقبول الهدنة عبر تفاصيلٍ ناقشها مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، وفقاً لـ”رويترز”.

وارتدى بوتين الزي العسكري الأخضر خلال زيارته لمنطقة كورسك، في خطوةٍ رمزيةٍ تُحاكي استعراض القوة وتذكير العالم بقدرة روسيا على حسم المعارك. ويعتبر هذا المشهد استثنائياً لزعيمٍ نادراً ما يظهر بالزي العسكري، مما يشير إلى رغبة الكرملين في توظيف التقدم الميداني كورقة تفاوضية، وتعزيز الرواية الروسية عن “الحرب الدفاعية” ضد التمدد الغربي.

معادلة التعقيدات

وتُظهر التصريحات الروسية والأمريكية تناقضاً صارخاً في الرؤى: فبينما يصر ترامب على تجنب “حرب عالمية ثالثة” عبر دبلوماسية التهدئة، تُحاول موسكو استغلال مكاسبها العسكرية لفرض شروطٍ تُكرس هيمنتها الإقليمية. وتكشف قائمة المطالب الروسية المقدمة لواشنطن – والتي لم تُفصح عن تفاصيلها– عن محاولةٍ لإعادة رسم التحالفات الجيوسياسية بعيداً عن الهيمنة الغربية.

وتحولت منطقة كورسك إلى ساحةٍ حاسمةٍ في الصراع، حيث نجحت القوات الروسية في استعادة 85% من الأراضي التي سيطرت عليها أوكرانيا عام 2024. يفسر الخبراء التركيز الروسي على هذه الجبهة بأنها محاولةٌ لـ”تطهير” الحدود الغربية، وإثبات تفوق الجيش الروسي قبل أي مفاوضات دولية.

عقوبات مدمرة

وهدد ترامب بفرض عقوباتٍ “مدمرة” على روسيا إذا رفضت السلام، لكنه لم يحدد آليات التنفيذ، في إشارةٍ إلى مرونة الموقف الأمريكي. من جهة أخرى، يعتمد الكرملين على التحالف مع الصين ودول “بريكس” لتحييد تأثير العقوبات الغربية، مما يعقد احتمالات نجاح الضغوط المالية في إجبار موسكو على التراجع.

وتُشير التطورات الأخيرة إلى أن الحرب تدخل مرحلةً حرجةً قد تُحدد مصير النظام العالمي: فبينما تُسرع روسيا نحو حسمٍ عسكريٍ جزئي، تُحاول واشنطن شراء الوقت لدعم كييف دون الدخول في مواجهة مباشرة. لكن السؤال الأكبر يبقى: هل تُدرك الأطراف الدولية أن استمرار الصراع يهدد بانهيارٍ اقتصاديٍ عالميٍ قد يفوق تبعات الحرب نفسها؟

close