يترقب المصريون زيادات جديدة في أسعار الوقود خلال الفترة المقبلة، وسط مخاوف من تأثيراتها على أحوالهم المعيشية، فيما أكد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، «استمرار حكومته في تنفيذ خطة إعادة هيكلة دعم الوقود التي تتضمن رفع الدعم عن المحروقات بنهاية العام الجاري، مع تحقيق (دعم بيني) بين المنتجات، لعدم بيع بعض المنتجات بالأسعار الحرة ومن بينها السولار والبوتاجاز».
تصريحات مدبولي، مساء الأربعاء، جاءت بعد يومين فقط من موافقة صندوق النقد الدولي على المراجعة الرابعة من قرض الصندوق البالغ 8 مليارات دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.6 جنيه في البنوك المصرية)، وهي المراجعة التي أتاحت حصول مصر على شريحة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار.
ونفذت مصر 3 زيادات العام الماضي في أسعار المحروقات بنسب متفاوتة، ضمن خطة رفع الدعم التدريجي عن أسعار الوقود التي تعهدت الحكومة بالمضي قدماً فيها منذ مطلع العام الماضي.
وتتضمن خطة خفض فاتورة الدعم بالموازنة، رصد وزارة المالية دعماً للمواد البترولية بنحو 154 مليار جنيه في مشروع موازنة السنة المالية الحالية، مقارنة بـ165 مليار جنيه في السنة المالية الماضية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.
وبحسب نائب رئيس هيئة البترول سابقاً، مدحت يوسف، فإن «ثمة تصريحات متضاربة من الحكومة ومقتضبة حول رفع دعم الوقود»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الرفع الكامل للدعم عن المحروقات لا يبدو قريباً حتى في حال انخفاض أسعار برميل النفط»، مرجحاً «إعادة التفاوض مع صندوق النقد بعد فترة ليست طويلة، لإطالة أمد مدة رفع الدعم».
وأضاف أن «الدعم البيني الذي ستطبقه الحكومة، سيكون مرتبطاً بالمقام الأول بسعر السولار وأسطوانات الغاز، عبر صياغة معادلة سعرية قريبة من الأسعار العالمية، وفي الوقت نفسه تتم زيادة الأسعار بصورة ليست كبيرة». وأوضح أن «أسطوانة الغاز المنزلي تباع بأقل من ثمنها ويستحيل للمواطنين الذين يقومون بشرائها تحمل تكلفتها الفعلية، وهو ما ينطبق على السولار؛ لكن بدرجة أقل»، مشيراً إلى تفهم «الصندوق»، عادة، الضغوط التي تسببها مثل هذه الإجراءات وتقبل الاستمرار في تنفيذها على مدد زمنية أطول.
عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إيهاب منصور، انتقد «استمرار الحكومة في تنفيذ سياسات (الصندوق) من دون الانتباه لتداعيات هذه السياسات على المواطنين»، محذراً من «انفلات كبير ومتوقع في الأسعار حال الاستمرار في الاتجاه لرفع الدعم من دون البحث عن آليات أخرى لتقليل الإنفاق».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ستكون لزيادة أسعار الوقود تأثيرات كبيرة، وستنعكس على المواصلات والخدمات، وستدفع نحو مزيد من الزيادات التي لن يكون بمقدور المواطنين التعامل معها».
ويدعم الخبير الاقتصادي المصري، كريم العمدة، ذلك الرأي، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة تفترض استمرار انخفاض أسعار النفط عالمياً وثبات سعر الصرف الحالي في حساباتها الحالية؛ لكن في حال تغير أي من العاملين بصورة غير متوقعة، ستكون هناك حسابات أخرى للأسعار، وزيادات لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع». وأضاف أن «سعر الصرف أصبح محدداً أساسياً في تسعير المنتجات البترولية، ومع الالتزام بسعر الصرف المرن فإن أي انخفاض في قيمة الجنيه سيؤدي على الفور لزيادة في أسعار المحروقات»، لافتاً إلى أن «هذه المعادلة ستتواصل تأثراً صعوداً وهبوطاً».
وحددت الحكومة سعر برميل النفط في موازنة العام المالي الحالي عند 82 دولاراً للبرميل، فيما تعتمد أسعار الوقود على آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية، من قبل «لجنة» مشكلة بموجب قرار من الحكومة منذ عام 2019، تكون مسؤولة عن تحديد الأسعار باجتماع يُعقد كل 3 أشهر، على ألا تتجاوز نسبة التغير في سعر البيع للمستهلك 10 في المائة ارتفاعاً أو انخفاضاً، ومن المقرر أن تنعقد الشهر المقبل.
وحذر إيهاب منصور من تداعيات موجة تضخمية في الشهور المقبلة نتيجة الزيادات المتوقعة، وهو ما يدعمه العمدة بالتأكيد، على أن «الزيادات الكبيرة المتوقعة بحسب التصريحات الأخيرة ستعيد مؤشرات التضخم للارتفاع مجدداً وبشكل سريع».
الإعلامية المصرية، لميس الحديدي، حذرت أيضاً من تداعيات الزيادة المقبلة في أسعار المحروقات على التضخم. وانتقدت في تدوينة عبر «إكس» تسريع الحكومة وتيرة ما يخص إصلاح الدعم الذي لا يتعدى نسبة 11 في المائة من الاستخدامات، في مقابل تحركات وصفتها بـ«الأهم والأكثر تأثيراً» على غرار «تخارج الدولة وشركاتها وتطبيق المنافسة العادلة».
هذا التصريح يعنى ببساطه اننا متجهون لرفع آخر فى #اسعار_الطاقة قريبا ربما فى اجتماع ابريل و حتى نهاية العام و هو ما يطرح اسئله و ملاحظات عديدة:١-التصريح يختلف عما قاله د #مدبولي فى اكتوبر الماضى ان الاسعار لن تزيد محلياً لو استقرت اسعار النفط العالميه حول السبعينات و الان… https://t.co/Vobg6SW63i
— Lamees elhadidi (@lameesh) March 12, 2025
الحكومة المصرية من جهتها، دافعت عن تحريك أسعار الوقود. وأكد المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، أن «عملية تحريك الأسعار تأتي بناء على الرؤية المصرية، وليست إملاءات من صندوق النقد الدولي».
وقال في تصريحات متلفزة، مساء الأربعاء: «نتحرك في إطار خطتنا ورؤيتنا للإصلاح الاقتصاديين»، لافتاً إلى أنه منذ مارس (آذار) 2024 «حين بدأنا عملية الإصلاح كنا واضحين من أنه لا بد من الوصول لأسعار التوازن في المواد البترولية… وأن يكون جزءاً أساسياً من عملية الإصلاح في صورتها الأشمل هو توصيل الدعم إلى مستحقيه».