الجمعة 14 مارس 2025 | 02:20 مساءً
الاقتصاد الصيني
في ظل تصاعد المخاوف من ركود اقتصادي بسبب الحرب التجارية الموسعة التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وجد المستثمرون العالميون وجهة استثمارية غير متوقعة وهي الأسهم الصينية، ففي الوقت الذي تعرض فيه مؤشر S&P 500 لخسائر بنسبة 9% منذ بداية العام، قفز مؤشر هانج سنج في هونج كونج، الذي يضم العديد من الشركات الصينية الكبرى، بنسبة 17%.وعكس هذا التحول تراجع ثقة المستثمرين في الأسهم الأمريكية بسبب تصريحات ترامب المتذبذبة بشأن الرسوم الجمركية، إضافةً إلى توجهه نحو خفض الإنفاق الحكومي، مما دفع بعض المستثمرين إلى استبدال مبدأ “TINA” (لا بديل عن الأصول الأمريكية) بمفهوم “TIARA” (هناك بديل حقيقي).
قطاع التكنولوجيا يقود المكاسب
كانت أسهم التكنولوجيا المحرك الرئيسي للارتفاع الصيني، حيث سجل مؤشر HSTECH مكاسب 29% حتى الآن في 2025، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويرى المستثمرون فرصًا واعدة في قطاعات التكنولوجيا والدفاع والاستهلاك، وفقًا لتقرير وكالة “رويترز”.لماذا يراهن المستثمرون على الصين؟
من أبرز أسباب جاذبية الأسهم الصينية في الوقت الحالي هو قيمتها المنخفضة، حيث يتم تداولها عند مستويات أقل بنسبة 30% من ذروتها في 2021، ويبلغ مضاعف الربحية لمؤشر هانج سنج حوالي 7 مرات مقارنة بـ 20 مرة لمؤشر S&P 500، مما يجعلها أكثر جاذبية من حيث التقييمات.
رغم ذلك، لا تزال هناك مخاوف بشأن الاقتصاد الصيني، خاصة بعد التدخلات الحكومية السابقة في قطاع التكنولوجيا، إضافةً إلى التحديات التي تواجه سوق العقارات، كما أن تركيز السلطة في يد الرئيس شي جين بينج يثير قلق بعض المستثمرين.
التحفيز الصيني مقابل الغموض الأمريكي
في حين أن ترامب يواصل التقليل من أهمية اضطرابات السوق، ويؤكد أن التعريفات ستجعل أمريكا غنية، تتخذ الصين نهجًا مختلفًا تمامًا من خلال تحفيز الاقتصاد، وفي فبراير، عقد الرئيس الصيني اجتماعًا مع كبار رجال الأعمال، مما عزز التفاؤل في الأسواق.
وتشير بيانات مورجان ستانلي، إلى أن الاستثمارات الأجنبية في الأسهم الصينية بلغت 3.8 مليار دولار خلال فبراير، بعد ثلاثة أشهر من التراجع، ومع استمرار الضغوط الاقتصادية في الولايات المتحدة، قد تتزايد تدفقات رأس المال نحو الأسواق الصينية.
مفاجأة جيوسياسية؟
المفارقة الأبرز أن الأسواق الصينية والأوروبية، اللتين وصفهما ترامب بالمنافسين الجيوسياسيين، تحققان مكاسب غير متوقعة، مدفوعةً جزئيًا بالسياسات الأمريكية نفسها، ودفعت تصريحات ترامب حول تقليل الالتزامات تجاه الناتو، أسهم شركات الدفاع الأوروبية إلى الارتفاع.
فقاعة مؤقتة أم تحوّل هيكلي؟
مع أن بعض المستثمرين يرون في هذا الصعود فرصة تكتيكية قصيرة الأجل، لا تزال هناك مخاوف بشأن استدامة النمو في الصين، وقد تحد التدخلات الحكومية السابقة، والمخاوف من الانكماش الاقتصادي، والحرب التجارية المتجددة مع الولايات المتحدة من الزخم الإيجابي للأسهم الصينية.
ويبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا التحول في التدفقات الاستثمارية مجرد موجة مؤقتة، أم أنه يعكس تحولًا طويل الأمد في مشهد الاستثمار العالمي.