برزت المملكة كوسيط دولي بارز في الأزمة الأوكرانية، حيث تسعى إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة وتعزيز الحلول الدبلوماسية، والتي آخرها المباحثات التي تجري بالرياض، حيث تأتي هذه الجهود في ظل علاقاتها القوية مع كل من روسيا وأوكرانيا، إضافة إلى مكانتها الدولية المؤثرة.
وفي 14 مارس 2025، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالًا هاتفيًا بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ناقشا خلاله تطورات الأزمة الأوكرانية وسبل التوصل إلى تسوية سلمية، معربًا عن تقديره للدور الذي تلعبه المملكة في الوساطة، خاصة في ظل اللقاءات التي جرت بين مسؤولين روس وأمريكيين في فبراير الماضي برعاية سعودية، كما أكد الطرفان التزامهما بتعزيز التعاون في إطار اتفاقيات “أوبك+” لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة.
وفي 11 مارس، استقبلت السعودية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث بحث مع ولي العهد سبل تحقيق سلام دائم وعادل في أوكرانيا، وتناول اللقاء فرص تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، لا سيما في مجالات الطاقة والبنية التحتية والاستثمارات المشتركة.
ولم تقتصر الجهود السعودية على اللقاءات الثنائية، بل استمرت في تقديم منصات للحوار بين القوى الدولية، حيث استضافت جدة في 7 مارس اجتماعًا جمع مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين لمناقشة سبل إنهاء الصراع، وتأتي هذه الخطوة بعد نجاح الرياض في استضافة لقاء سابق بين الولايات المتحدة وروسيا، مما عزز دورها كوسيط محايد يسعى إلى تقريب وجهات النظر.
وتُعدّ هذه المساعي امتدادًا لدور المملكة الذي برز في أغسطس 2023، عندما استضافت جدة اجتماعًا دوليًا بحضور مستشاري الأمن الوطني وممثلي عدد من الدول لمناقشة الأزمة الأوكرانية، بهدف تعزيز الحلول السلمية.
تؤكد هذه التحركات التزام السعودية بتعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، وسعيها الدائم للعب دور فعال في حل النزاعات من خلال الحوار والدبلوماسية؛ مما يعكس الثقة المتزايدة في قدرتها على التوسط بين القوى الكبرى لتحقيق السلام.