“الحسين:” 3 عقود من الهاتف الجوال في المملكة حولته من رفاهية محدودة إلى ضرورة يومية

فند المستشار والمؤرخ في تاريخ المملكة وموروث الرياض عبدالعزيز بن سليمان الحسين، المشرف العام على ديوانية الـ”حسين التاريخية”، الحقبة الزمنية التي ظهر فيها تاريخ الجوال للنور أول مرة ليؤكد أنه “مع حلول رمضان 2026م الموافق 1447هـ، نكون قد أكملنا 30 عامًا منذ دخول خدمة الهاتف الجوال إلى المملكة العربية السعودية، وهي نقلة نوعية غيّرت أسلوب الحياة ووسائل الاتصال بشكل جذري. فمن جهاز كان يُعد رفاهية لا يملكها إلا القلة، إلى أداة أصبحت اليوم ضرورة يومية في كل منزل وجيب”.

البدايات الأولى: رفاهية للميسورين وأصحاب الأعمال

وأضاف: دخلت خدمة الهاتف الجوال إلى المملكة عام 1996م (1416هـ)، وكان امتلاك هاتف جوال في ذلك الوقت يُعد علامة على الرفاهية، يقتصر على رجال الأعمال والمسؤولين ومن يستطيع تحمل تكلفته الباهظة. لم تكن الهواتف آنذاك كما نعرفها اليوم، بل كانت كبيرة الحجم ذات هوائيات طويلة وبطاريات تدوم لساعات قليلة فقط.

في تلك الفترة، كانت بعض الأجهزة تحظى بشهرة واسعة، مثل: السيمنس، والأريكسون، والموتورولا، والكاتيل، والعنيد (أحد أشهر الهواتف القوية آنذاك).

أوضح أن هذه الأجهزة لم تكن مزودة بكاميرات أو تطبيقات، بل كانت تقتصر على المكالمات والرسائل النصية فقط.

وقال إنه مع إطلاق الخدمة، شهدت إقبالًا غير مسبوق، حيث تم حجز 95 ألف رقم في أول ساعتين فقط، مما يعكس تعطش السوق لهذه التقنية الجديدة. إلا أن تكلفة الاشتراك كانت مرتفعة، حيث بلغت رسوم تأسيس الخدمة 10,000 ريال في بداياتها، وهو مبلغ كبير مقارنة بالقوة الشرائية آنذاك. لكن مع مرور السنوات وزيادة الطلب، بدأت الأسعار في الانخفاض تدريجيًا إلى: 3500 ريال و1500 ريال، حتى وصلت إلى 50 ريالًا فقط في وقتنا الحالي، مع توفر باقات وعروض تنافسية.

قفزة في التقنية: من العنيد إلى النوكيا الذهبي

وأشار إلى أنه مع دخول الألفية الجديدة، بدأت ثورة الهواتف المحمولة، خصوصًا بعد انتشار أجهزة نوكيا التي أصبحت أيقونة في عالم التقنية في ذلك الوقت. كانت هذه الأجهزة تتميز ببطاريتها طويلة الأمد وألعابها الشهيرة مثل لعبة “الثعبان”. ومع مرور الوقت، تطورت الهواتف لتدعم تقنيات جديدة مثل: إرسال الوسائط المتعددة (MMS)، وإمكانية الاتصال بالإنترنت عبر GPRS، وإضافة كاميرات بدائية للتصوير.

وذكر أنه اليوم، وبعد 30 عامًا، تحولت الهواتف الجوالة إلى هواتف ذكية تحمل ميزات لم يكن أحد يتخيلها سابقًا. فمن جهاز يقتصر على إجراء المكالمات فقط، إلى كمبيوتر متنقل يُدير حياتنا اليومية، ويوفر خدمات مثل الدفع الإلكتروني، الحجز الفوري، ومتابعة الأعمال والتعليم عن بُعد.

ولفت بأنه ما بدأ كخدمة محصورة على فئة محدودة، أصبح اليوم جزءًا أساسيًا من حياة كل فرد. فالهاتف الجوال لم يعد مجرد وسيلة اتصال، بل أصبح أداة للتحكم بالحياة اليومية، وتوثيق اللحظات، والتواصل مع العالم في ثوانٍ. ومع دخول رمضان 2026م، سنكون أمام ذكرى 30 عامًا من التطور المذهل، الذي يُظهر كيف تتغير الحياة بسرعة بفضل التقنية، وكيف تحول الهاتف الجوال من رفاهية محدودة إلى ضرورة يومية لا غنى عنها.

close