العلاج بالموت في كوريا الجنوبية.. ينامون في قبر 10 دقائق ليعودوا إلى الحياة دون اكتئاب

في محاولة غير تقليدية ومثيرة للجدل من أجل علاج الاكتئاب، انتشر بشكل واسع أسلوب صادم في كوريا الجنوبية؛ إذ يمر الشخص بتجربة “جنازة وهمية” بعد إعلان موته، وحضور الأسرة والأقارب، وبعد قراءة وصيته يتم إيداعه تابوتًا، وإغلاقه عليه لمدة 10 دقائق.

وبحسب تقرير على موقع “روسيا اليوم”، يعاني معظم سكان كوريا الجنوبية في سن العمل الإجهاد الشديد والتعب؛ ما أدى إلى ازدياد كبير في حالات الانتحار، أوصل البلد إلى المرتبة العاشرة على مستوى العالم.

واللافت أن عددًا من الشركات الكورية الجنوبية بدأت منذ أواخر عام 2000 اقتراح العلاج “الجنائزي” لمنتسبيها، بممارسة العلاج الجنائزي، بصورتين (فردية وجماعية).

من العلاج التقليدي إلى “الجنازة الوهمية”

وبحسب التقرير، الوصفات المعتادة والكلاسيكية للتعامل مع مشكلة الاكتئاب هي زيارة طبيب نفساني، وتعاطي أدوية خاصة مهدئة، واتباع نظام غذائي صحي مع أقساط من الراحة المنتظمة؛ وهو ما يساعد على التخفيف من الاكتئاب.. ولكن ظهر توجُّه آخر للعلاج، يرى أن الأشخاص الذين تصل بهم حدة الاكتئاب لدرجة قريبة من التفكير بالموت يمكن أن يساعدهم “الاقتراب من الموت” في إلقاء نظرة جديدة على حياتهم ومصادر قلقهم واكتئابهم، وربما الإحساس بالتجديد.

العلاج بـ”الجنازة الوهمية” في كوريا الجنوبية

تبدأ “التجربة الجنائزية” بالتقاط صور للمشاركين في هذا النوع من “العلاج”، والاستماع بعدها إلى إحاطة قصيرة عن الانتحار. بعد ذلك يقودهم رجل في زي ملاك الموت عبر ممر مظلم إلى قاعة الجنازة، وهناك يرتدون ملابس الجنازة التقليدية في كوريا الجنوبية، ويكتبون رسائل وداع، وما يشبه الوصايا، ويقرؤونها بصوت عال.

وبعد الانتهاء من هذه الطقوس يستلقي المشاركون في التوابيت، ويغلق “ملاك الموت” أغطيتها، ثم يطفئ الأضواء.

داخل التابوت.. من الاسترخاء إلى الفزع

يستمر “تذوق الموت” نحو 10 دقائق. وتختلف ردود فعل المشاركين؛ فالبعض يصاب بحالة فزع شديد، ويرفض الدخول إلى التابوت والاستلقاء فيه، والبعض الآخر يمر بالتجربة حتى النهاية، ويستلقي في تابوته، ويسترخي داخله.

ويُقال إن أغلبية مَن جرّب علاج “الجنازة الوهمية” يصرحون بأن التجربة جعلتهم أكثر نشاطًا وحيوية وأقل اكتئابًا.

تجربة القبر

ويمر بتجربة القبر في كل عام آلاف عدة من الأشخاص في كوريا الجنوبية. والمدهش أن التجربة يمر بها ليس فقط أولئك الذين يعانون التوتر والاكتئاب حد التفكير في الانتحار، بل موظفو الشركات الكبرى الذين ترسلهم مؤسساتهم خصيصًا إلى هذه “التوابيت” من أجل “رفع معنويات موظفي الشركة”.

وتوجد تجارب قبور مشابهة في هولندا وفي الصين.

وهذا النوع من علاج الاكتئاب المزمن في الصين يمارس في مقبرة “باباوشان” في بكين عن طريق محاكاة تجربة الموت في الواقع الافتراضي.

طبيبة نفسية: العلاج بـ”الدفن” لا فائدة منه

الطبيبة النفسية ناتاليا شيمشوك ترى أن علاج الاكتئاب بـ”الدفن” لا فائدة منه، مضيفة في شرح موقفها قائلة: “نعم، سيشعر بالفرح عندما يخرج. والآن هل يتوجب أن نوصي هذا الشخص في كل مرة بمثل هذه الرحلة؟ سيخرج الرجل من القبر الوهمي، وسوف يشعر بالسعادة. ولكن كم من الوقت سيستمر ذلك؟ غدًا سوف يذهب إلى العمل، وسوف يخبرونه مثلاً بأنه سيطرد من العمل. ماذا سيفعل؟ يهرب ويمضي لدفن نفسه مرة أخرى؟ السعادة شعور داخلي”.

الروائي والمفكر الروسي العالمي ليو تولستوي كان قد أشار إلى علاج أسهل بكثير، وكتب يقول: “يجب أن يكون الشخص سعيدًا. إذا لم يكن سعيدًا فهو المسؤول، وهو ملزم بالاعتناء بنفسه حتى يزيل هذا الإزعاج أو سوء الفهم”.

close