“من الأحمر إلى البرتقالي”.. وثيقة مسرَّبة تكشف خطة “ترامب” لحظر سفر مواطني 43 دولة لأمريكا

في خطوةٍ قد تُعيد إشعال أزمات الهجرة العالمية، تكشف وثيقة سرية تداولتها الإدارة الأمريكية عن نيّة توسيع حظر السفر بشكلٍ غير مسبوقٍ؛ ليست دول الشرق الأوسط وإفريقيا وحدها في مرمى القرار؛ بل تمتد القائمة المُقترحة إلى دول أمريكا اللاتينية وآسيا، في سيناريو يُحاكي سياسات الهجرة “القاسية” التي اتبعها ترامب سابقاً، لكن بآليات أكثر تعقيداً هذه المرة.

كشفت مسودة داخلية اطّلعت عليها “نيويورك تايمز”، عن تقسيم الدول المستهدفة إلى ثلاث فئات؛ تتصدّرها “القائمة الحمراء” المكوّنة من 11 دولة يُمنع مواطنوها تماماً من دخول الولايات المتحدة، تليها “القائمة البرتقالية” التي تضم 10 دول يُسمح فيها بدخول فئات محدّدة مثل رجال الأعمال، بينما تُحظر تأشيرات السياحة والهجرة. أما الفئة الثالثة فتشمل 22 دولة قد تواجه قيوداً جزئية بناءً على تقييمات أمنية متغيّرة، دون إعلان تفاصيلها النهائية.

تضم القائمة الحمراء مفاجآت غير متوقعة، مثل: كوبا؛ المُصنفة تقليدياً عدواً تقليدياً لواشنطن، وبوتان؛ الدولة الآسيوية الصغيرة ذات العلاقات الهادئة مع الغرب. إلى جانبهما، تظهر أسماءٌ معتادة، مثل إيران وسوريا وأفغانستان، في استمرارٍ لسياسة ما بعد الانسحاب الأمريكي من كابول. لكن إدراج فنزويلا يلفت الانتباه كتصعيدٍ جديدٍ ضد نظام مادورو، بينما يُثير وجود السودان تساؤلات بعد شطبها من قائمة “الدول الداعمة للإرهاب” عام 2020.

تشهد المسودة -بحسب مصادر مطلعة- مراجعات مكثّفة من جهات متعدّدة، حيث تقيّم السفارات الأمريكية التداعيات الدبلوماسية لإدراج دول حليفة، بينما تُركز أجهزة الاستخبارات على ربط القيود بتهديدات أمنية محدّدة. من جهة أخرى، يُتوقع أن يُدخل البيت الأبيض تعديلات على القوائم النهائية لاعتبارات سياسية، خاصة مع اقتراب السباق الانتخابي.

وتُواجه الإدارة الأمريكية معضلة في التعامل مع دولٍ تتعاون معها في ملفات حسّاسة، فليبيا -الواقعة ضمن القائمة الحمراء- تُعد شريكاً رئيساً في جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، بينما تحتضن الصومال قاعدة عسكرية أمريكية حيوية. أما اليمن، فإدراجها قد يُعقّد الجهود الدولية لمواجهة الحوثيين؛ ما يطرح تساؤلات عن جدوى سياسة “العقاب الجماعي”.

تعتمد القيود المُقترحة على نظام تأشيرات مُجزّأ، حيث يُمنع إصدار تأشيرات الهجرة تماماً لمواطني الدول الحمراء، بينما تُعلق التأشيرات السياحية لكل من القائمتَيْن الأولى والثانية. مع ذلك، تترك المسودة باباً مفتوحاً لاستثناءات محدودة، مثل تأشيرات الدراسة أو العلاج، شرط اجتياز فحوصات أمنية مُكثّفة قد تستغرق أشهراً.

ويُحذّر محللون من أن توسيع الحظر قد يُعيد إحياء سيناريو 2017، عندما أثار الحظر الأصلي احتجاجات عالمية واتهامات بالعنصرية. اليوم، وفي ظل انقسامٍ سياسي داخلي حاد، قد تواجه الإدارة معارضة قضائية أشرس، خاصة مع استهداف دول لم تكن ضمن حسابات السياسة الخارجية الأمريكية سابقاً.

وعلى الرغم من التركيز على المبررات الأمنية، إلا أن أسئلة عن دوافع توقيت الإعلان تلوح في الأفق: هل تسعى إدارة ترامب إلى تحويل سياسة الهجرة إلى ورقة ضغط انتخابية؟ أم أن توسيع الحظر سيفتح جبهات دبلوماسية جديدة تُقلل من فرص العودة إلى البيت الأبيض؟ الإجابة قد تُحدّدها الأسابيع المقبلة، مع تصاعد وتيرة التسريبات حول المسودة.

close