طلال الدبيات يكتب: السياسي إنفلونسر والشعب فولورز





الأحد 16/مارس/2025 – 05:48 م

لم يعد السياسي بحاجة للتليفزيون والإذاعة الرسمية للتواصل مع عامة الشعب.. أصبح بإمكان السياسي -إنفلونسر- يخاطب الناس مباشرة عبر تويتر أو فيسبوك أو انستجرام، متجاوزًا المؤسسات الإعلامية التقليدية. هذا التحول أدى إلى ظهور نمط جديد من السياسيين الذين يجيدون استخدام منصات التواصل الاجتماعي ويفهمون قواعد اللعبة الجديدة، لقد أفرز هذا الانقلاب الرقمي سلالة جديدة من السياسيين الذين يتقنون لعبة الهاشتاجات والتريند وصناعة اللحظات الفيروسية، إنه عصر سياسي – رقمي غير مسبوق!من المؤسسي إلى الشخصيالخطاب السياسي التقليدي كان يركز على المؤسسات والسياسات والبرامج، بينما الخطاب الجديد يركز على الشخص والقصة والعاطفة، السياسي لم يعد ممثلًا لمؤسسة بل أصبح شخصية عامة تشارك تفاصيل حياتها الشخصية مع الجمهور، هذا التحول أدى إلى شخصنة السياسة وإضعاف دور المؤسسات.لقد عززت وسائل التواصل الاجتماعي من سرعة دورة الأخبار وقصّرت من عمر الأحداث في الذاكرة العامة، هذا التسارع أثر على طبيعة الخطاب السياسي الذي أصبح أكثر تركيزًا على اللحظة الراهنة وأقل اهتمامًا بالتاريخ أو المستقبل البعيد، فالجمهور أصبح أقل ميلًا للمحاسبة السياسية على المدى الطويل.الخدعة الكبرى.. وهم الديمقراطية الرقمية!يقولون لنا إن السوشيال ميديا فتحت المجال العام وحررت الأصوات المهمشة، إنها كذبة كبرى! تحولت السلطة الإعلامية من محرري الصحف وقنوات التليفزيون التقليدية إلى خوارزميات شركات التكنولوجيا العملاقة! ماذا يعني؟ أنت لا تختار ما تراه، بل تختاره الخوارزميات نيابة عنك! ومن يتحكم بهذه الخوارزميات؟ شركات تجارية همها الربح لا المصلحة العامة! هذه هي الديكتاتورية الجديدة، وأخطر ما فيها أنك لا تراها!هل سيستمر هذا التحول نحو تبسيط الخطاب وشخصنة السياسة، أم سنشهد ردة فعل مضادة تعيد الاعتبار للخطاب المؤسسي والعقلاني؟ هل ستظهر أشكال جديدة من التنظيم السياسي تتناسب مع عصر الشبكات الاجتماعية؟ هل سيؤدي هذا التحول إلى تعميق الأزمة الديمقراطية أم إلى تجديد الحياة السياسية؟أسئلة مفتوحة تواكب هذا التحول الدراماتيكي في طبيعة الخطاب السياسي، والعلاقة بين السياسي والجمهور.

close