حسابات وملفات.. أبعاد زيارة ترامب المرتقبة للسعودية وتداعياتها الإقليمية

تستعد المملكة العربية السعودية لاستقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الشهر المقبل، في زيارة تحمل أبعادًا سياسية ودبلوماسية معقدة، بالنظر إلى توقيتها الحرج والتطورات المتسارعة في المنطقة. تأتي هذه الزيارة في سياق جهود دبلوماسية مكثفة تتعلق بقضايا حساسة، على رأسها الوضع في غزة، ومستقبل الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، وصفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس.إحياء الدور الأمريكيترامب، الذي طرح في ولايته السابقة الاتفاقيات الإبراهيمية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، يبدو عازمًا على إعادة تثبيت موقعه في المشهد الدبلوماسي الشرق أوسطي، غير أن عودة ترامب إلى واجهة الوساطة الإقليمية تواجه معضلات معقدة، في مقدمتها تصلب موقف الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي أبدى في أكثر من مناسبة ترددًا في الالتزام الكامل بمخرجات اتفاق التهدئة وصفقة تبادل الأسرى؛ ما يزعزع الأمن والاستقرار الإقليميين.ورغم أن الاتفاقيات الإبراهيمية حققت اختراقًا في العلاقات العربية الإسرائيلية، إلا أن التصعيد في غزة والتوتر المستمر على جبهة الضفة الغربية كشفا عن هشاشة هذا المسار. زيارة ترامب للسعودية تُفسَّر على أنها محاولة لإعادة الزخم لهذه الاتفاقيات، عبر إقناع القيادة السعودية بالضغط على نتنياهو للانخراط في مسار أكثر انفتاحًا تجاه الفلسطينيين.صفقة تبادل الأسرىمن الملفات الشائكة على طاولة المفاوضات، صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، والتي تمثل اختبارًا حقيقيًا لجدوى الوساطة الأمريكية.. ترامب، المعروف بنزعته النفعية في إدارة الملفات الدبلوماسية، قد يسعى إلى توظيف علاقاته القوية مع القيادة الإسرائيلية لتحقيق اختراق في هذا الملف، خاصة في ظل الضغوط الداخلية التي يواجهها نتنياهو.نجاح ترامب في إتمام صفقة تبادل الأسرى قد يعيد خلط الأوراق في الداخل الإسرائيلي، إذ إن تحقيق إنجاز بهذا الحجم قد يمنح نتنياهو فرصة لتعزيز موقعه السياسي.في المقابل، فإن الفشل في إنجاز هذه الصفقة قد يعمق أزمته الداخلية، ويفتح الباب أمام تغيير سياسي في إسرائيل.البحث عن بديلالمسار الآخر الذي يُعطي لهذه الزيارة أهمية استراتيجية هو مستقبل الحكومة الإسرائيلية.. إذا فشلت جهود ترامب في دفع نتنياهو للانخراط في مسار سياسي جديد يراعي المصالح الفلسطينية والإقليمية، فقد تتبنى واشنطن خيار دعم بديل سياسي داخل إسرائيل. تصريحات سابقة لترامب ألمحت إلى أن استمرار نتنياهو في موقفه المتصلب قد يضطر الولايات المتحدة إلى التعامل مع قيادة جديدة في إسرائيل، تكون أكثر مرونة في الملفات الحساسة، بما فيها القضية الفلسطينية.المعادلة السعودية– الأمريكيةالسعودية، من جانبها، تدرك أن نجاح هذه الزيارة قد يمنحها دورًا أكبر في صياغة معادلة السلام الإقليمي.. أي تقدم في ملف تبادل الأسرى أو الاتفاقيات الإبراهيمية سيعزز مكانة الرياض كوسيط إقليمي فاعل، وهو ما ينسجم مع توجهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في بناء تحالفات إقليمية أكثر توازنًا.فرصة محفوفة بالمخاطرزيارة ترامب للسعودية تُعَدّ اختبارًا لقدرة الدبلوماسية الأمريكية على إعادة ضبط توازنات المنطقة.نجاح ترامب في إحداث اختراق في ملف غزة أو في صفقة تبادل الأسرى قد يعزز موقعه السياسي في الداخل الأميركي، فيما أن الفشل سيكشف حدود التأثير الأميركي في المشهد الإقليمي المعقد. السعودية، من جهتها، تراقب بحذر مدركة أن نتائج هذه الزيارة قد تحدد مسار التفاعلات الإقليمية في المرحلة المقبلة.

close