رسميًا.. صفقة دفاعية استراتيجية بين السعودية وتركيا تُحدث تحولًا في المنطقة 2024

اتفاقيات التعاون بين السعودية وتركيا في الصناعات الدفاعية تعزز نقل التكنولوجيا والإنتاج المحلي

قفزت اتفاقيات التعاون بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) وشركات الصناعات الدفاعية التركية إلى محور الاهتمام خلال معرض IDEF 2025، حيث وضعت هذه الصفقات حجر الأساس لنقل التكنولوجيا والبدء في الإنتاج العسكري داخل المملكة العربية السعودية، ما ينسجم مع استراتيجية تحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاع الدفاعي.

نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك في الصناعات الدفاعية السعودية التركية

جاءت الاتفاقيات الثلاث التي وقعتها شركة “سامي لاند” التابعة لـ SAMI مع الشركات التركية FNSS، وأسيلسان، ونورول ماكينا لتشكل خطوة مهمة على طريق نقل التكنولوجيا في مجال الصناعات الدفاعية داخل السعودية، وهو محور حيوي من أهداف رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى رفع نسبة الاعتماد المحلي في الصناعات الدفاعية إلى 50%، ما يسهم في تعزيز القدرات الوطنية المختصة بالتصنيع والتطوير المحلي. تستفيد المملكة من الخبرات العميقة لهذه الشركات التركية التي تتميز بنجاحات كبيرة على الصعيد الدولي في مجال تصنيع المركبات المدرعة ونظم التحكم والاتصالات، حيث تسهم هذه الشراكة في تأسيس منظومة صناعية متكاملة تستخدم أحدث تقنيات الدفاع في الشرق الأوسط.

دور الشركات التركية FNSS وأسيلسان ونورول ماكينا في تعزيز الصناعات الدفاعية السعودية

تتحمل FNSS مسؤولية تصميم وإنتاج المركبات المدرعة المجنزرة والمدولبة، وهي ذات خبرة طويلة في تصنيع مركبات مدرعة مستخدمة في عدة دول، ما يمنح المملكة فرصة لتعزيز قدراتها في هذا المجال. أما أسيلسان، فتوفر أنظمة اتصالات دفاعية متطورة، تشمل نظم تحكم بالأسلحة وأجهزة استشعار حديثة، إضافة إلى منصة “SARP 100/25” غير المأهولة، المستخدمة في محطات قتالية متطورة. بدورها، توفر نورول ماكينا المركبات التكتيكية المدرعة الخفيفة 4×4 مثل مركبة “إيجدر يالسين” التي نالت شهرة دولية بعد تصديرها لأكثر من عشر دول، وتتنوع تجهيزاتها لتشمل ناقلات جند مدرعة، وعربات دعم ناري، وناقلات مضادة للطائرات المسيّرة، بما يلبي الاحتياجات القتالية المتنوعة داخل المملكة.

تداعيات التعاون الدفاعي السعودي التركي على تطوير القدرات المحلية والاستراتيجية

تمثّل هذه الاتفاقيات تعزيزًا ملموسًا للشراكة السعودية التركية في القطاع الدفاعي، خاصة مع التقارب السياسي المستمر بين البلدين، حيث تعكس وجهة نظر المملكة بثقة متزايدة في جودة وإمكانات المنتجات التركية التي أثبتت نجاحات ميدانية في عدة مناطق نزاع حول العالم. وتسعى السعودية إلى تطوير جيل جديد من المركبات المدرعة المتوافقة مع متطلبات العمليات في المنطقة، مع تعزيز أنظمة السيطرة والاتصالات الحربية الحديثة، بالإضافة إلى دعم بناء قدرات وطنية من خلال إشراك المهندسين السعوديين في برامج نقل التكنولوجيا. وفي الوقت نفسه، تعزز تركيا مكانتها كمورد رئيسي للتسليح في الخليج، مستفيدة من توسيع امتداد أسواقها التصديرية. ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تعميق التعاون الدفاعي، بما يشمل أنظمة أسلحة ذكية ومركبات ذاتية القيادة، مما يسهم في بناء قاعدة صناعية دفاعية مستقلة حديثة داخل المملكة.

تعكس هذه الخطوة توقعات بتسريع تحديث المعدات القتالية للقوات المسلحة السعودية، بالإضافة إلى وضع أسس صناعة دفاعية محلية متكاملة تقلل من الاعتماد على الاستيراد من الموردين التقليديين. كما يحمل هذا التعاون أهمية جيوسياسية في تعزيز الأمن الإقليمي عبر تقوية الروابط الصناعية والأمنية بين البلدين، وهو ما رحبت به رئاسة الصناعات الدفاعية التركية ودعمت تنفيذ الاتفاقيات.

يجدر بالذكر أن هذا التعاون الدفاعي المتنامي يدعم أيضا نمو التبادل التجاري بين السعودية وتركيا في قطاعات أخرى، ويثبت أن الصناعات الدفاعية التركية بفضل الابتكار والتكنولوجيا تمتلك القدرة على المنافسة بقوة على الساحة العالمية، في حين تحتفظ المملكة بخطى ثابتة نحو بناء منظومة دفاعية وطنية قادرة على تلبية تطلعاتها الاستراتيجية.