ظهور نادر في السعودية.. كيف تعامل السودانيون مع الممرضة رانيا؟

نجح أبناء الجالية السودانية في المملكة العربية السعودية في تنظيم حملة تضامنية مميزة نجمت عنها جمع مبلغ ضخم تجاوز 800 ألف ريال سعودي خلال أقل من 24 ساعة، وذلك لإنقاذ الممرضة السودانية رانيا حسن أحمد علي من غرامة مالية كبيرة صدرت بحقها بسبب خطأ طبي في أحد مستشفيات تبوك.

دور التكافل الاجتماعي في إنقاذ الممرضة السودانية من الغرامة الطبية

تعرضت الممرضة رانيا إلى حكم قضائي يقضي بدفع 802,000 ريال سعودي كتعويض لعائلة طفل توفي جراء خطأ طبي وقع في المستشفى التي تعمل به، مما كاد أن يهدد مسيرتها المهنية وحريتها الشخصية. استجابة لهذه المحنة، أطلقت حملة تضامنية عبر منصات التواصل الاجتماعي، لقيت تفاعلًا واسعًا من السودانيين وغيرهم من الجنسيات، حيث تبرع المئات بمبالغ مالية لدعم الممرضة، وتمكنوا من جمع المبلغ كاملاً خلال 12 ساعة فقط. جاء ذلك بجهود متضافرة من أيدي الخير من السودان والسعودية ومصر والفلبين، عاكسين أبهى صور التضامن الإنساني الذي لا يعرف حدودًا.

تفاعل السودانيين ودورهم في دعم الممرضة رانيا كدليل على روح الانتماء والتكافل

قدم السودانيون، على وجه الخصوص، نموذجًا فريدًا من الدعم والتعاضد، مؤكدين أن قلب الوطن ينبض في كل مكان، وأن روح التكافل بين أبناء البلد واحدة. عبّر أحد الصيادلة على صفحته في فيسبوك عن فخره بهذه الوقفة، مستشهداً بأبيات الشاعر إسماعيل حسن، التي تصوير أعمق معاني المحبة والتكاتف التي تجمعهم، معربًا عن أن الحملة ليست مجرد جمع أموال بل تحفة إنسانية تعكس حقيقة أن الإنسان أخو الإنسان أينما كان.

القراءة القانونية والعقلانية لحملة جمع الغرامة: بين التعاطف والمسؤولية المهنية

على النقيض، تناول بعض المختصين القضية من منظور قانوني وعقلاني، مثل غزالي آدم موسى الذي أوضح أن صدور حكم تعويض في قضايا الأخطاء الطبية لا يتم اعتباطًا، بل بعد ثبوت الخطأ المهني ووقوع الضرر والرابطة السببية التي تربط الخطأ بالضرر. بيان المحكمة الذي ألزم الممرضة برانياً دفع الغرامة يعكس مسؤوليتها المباشرة، ولا يمكن وضع القضية ضمن مظلومية، بل تحكمها قواعد العدالة التي تفرض تحمل كل طرف تبعات أفعاله.

أشار موسى إلى أن تقديم الدعم المالي لسداد الغرامات يضعف وظيفة الردع المهني، ويخل بتوازن العدالة، خاصة أن التعاطف غير المنضبط يؤدي إلى ما يسمى بالمخاطرة الأخلاقية حيث قد يتهاون الممارس الطبي في الالتزام بمعايير السلامة متى ظن أن المجتمع سيتكفل بالعقوبة.
 
ونوّه إلى أن التعاطف الحقيقي يجب أن يُوجَّه للضحايا وأسرهم أولًا، إضافة إلى دعم الوقاية المستقبلية بما يشمل التدريب والتأمين المهني، بدلًا من تمويل الحملات التي تسدد الغرامات، إذ إن ذلك يبعد النظر عن جذور المشكلة الحقيقية التي تحتاج معالجات هيكلية وقانونية واضحة.

وأوضح أن ضغط المشاعر الإنسانية دفع كثيرين للتفاعل السريع، خاصة بسبب تداخل عوامل مؤثرة مثل الأمومة والطفل المتضرر، وكذلك الانتماء الوطني للممرضة، وربما سهولة وتأثير المحتوى عبر المنصات الرقمية، فيما غابت صورة الضحية التي تحمل الضرر الحقيقي.

جدير بالذكر أن المؤلف دعا نحو تعاطف مسؤول قائم على احترام العدالة والقانون، مع الإشارة إلى ضرورة عدم تمويل غرامات الأخطاء الطبية التي تثبت قضائيًا، باستثناء الأخطاء المؤسسية، مؤكدًا أهمية إلزام التأمين المهني للممارسين الصحيين، وتخصيص صناديق دعم واضحة موجهة للضحايا ولتعزيز التدريب والبروتوكولات، بدلًا من إنشاء صناديق لسداد الغرامات.

العنصر التفاصيل
حكم التعويض إلزام الممرضة رانيا بدفع 802,000 ريال سعودي
مدة جمع التبرعات 12 ساعة
المجموع المالي أكثر من 800,000 ريال سعودي
الدول المشاركة في التبرع السودان، السعودية، مصر، الفلبين، وغيرها
المزايا التي يجب تعزيزها التدريب، البروتوكولات، التأمين المهني

تجسد حملة تضامن السودانيين مع الممرضة رانيا صورة حية لروح التكافل والانتماء التي تتجاوز الحدود، فيما يسلط الجدل القانوني الضوء على ضرورة الموازنة بين التعاطف والعدالة، لضمان حماية حقوق المرضى والممارسين على حد سواء، وبناء مستقبل صحي مسؤول ومتوازن.