تراجع غير متوقع.. السياحة الأجنبية في تركيا تسجل أول انخفاض بعد كورونا

شهد قطاع السياحة في تركيا تراجعًا ملحوظًا في أعداد السياح الأجانب خلال يوليو 2025، وهو أول انخفاض يسجل منذ خمس سنوات، ما أثار مخاوف عديدة بشأن قدرة السياحة على دعم ميزان الحساب الجاري وتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي؛ إذ انخفض عدد السائحين بنسبة 5% ليصل إلى 6.97 ملايين زائر، وهو التراجع الأول منذ صيف 2020 في ذروة جائحة كورونا، ما يشير إلى تغير في ديناميكيات هذا القطاع الحيوي.

الضغوط الاقتصادية وتأثيرها على أعداد السياح الأجانب في تركيا

تشير بيانات وزارة الثقافة والسياحة التركية إلى أن تراجع أعداد السياح الأجانب جاء في وقت تعتمد فيه تركيا بشكل كبير على إيرادات السياحة الصيفية لتقليل عجز الحساب الجاري، وهو ما يجعل انخفاض السياح تحديًا اقتصاديًا حقيقيًا؛ فقد أوضح خبراء غولدمان ساكس أن توقعاتهم لعجز نسبته 1.9% من الناتج المحلي لعام 2025 تأخذ في الاعتبار تباطؤ نمو أعداد السياح بسبب ارتفاع الأسعار في السنوات الماضية. هذه الأرقام تلقي الضوء على الأزمات التي تواجه الاقتصاد التركي نتيجة التغيرات في حركة السياحة الخارجية، خاصة في ظل متغيرات عالمية وإقليمية تؤثر على القطاع.

تأثير قوة الليرة على جذب السياح الأجانب إلى تركيا

في الوقت نفسه، لعبت قوة الليرة التركية دورًا مؤثرًا في تراجع جاذبية السياحة؛ فقد ركزت بلومبيرغ على أن سياسة “التقدير الحقيقي” التي يتبعها صانعو السياسات النقدية أدت إلى تباطؤ انخفاض قيمة الليرة مقابل معدل التضخم المرتفع، ما انعكس على السياحة بشكل مباشر. يرى البنك المركزي أن هذه القوة الرئيسية للعملة كانت نتيجة ضرورية للسياسة النقدية المشددة الهادفة إلى كبح معدل التضخم الذي بلغ 33.5% سنويًا، إلا أن هذا الارتفاع في قيمة الليرة أضر بالصادرات وأثر على السكان المحليين الذين يشعرون بأن العملة التركية باتت “مبالغًا في تقييمها”، وهو ما يؤثر بدوره على تكاليف السياحة ويقيد حجم السياح الأجانب الوافدين.

ارتفاع أسعار المنتجعات وتأثيره على السياحة الخارجية في تركيا

يرى مراد أقبال، رئيس شركة “أقبالدان تورزم” في منتجع مرمريس، أن الأسعار المرتفعة في الوجهات السياحية تعيق جذب السياح الأجانب، حيث ذكر أن دفع 35 دولارًا مقابل كرات اللحم و20 دولارًا مقابل بيتزا ينعكس سلبًا على سمعة القطاع وقطاع السياحة بشكل عام؛ لذلك طالب بتشديد الرقابة على أسعار المطاعم والمتاجر في المناطق السياحية لضمان تنافسية الأسعار وراحة الزائرين. وبالفعل، تشير البيانات إلى أن إجمالي عدد السياح في الأشهر السبعة الأولى من 2025 انخفض بنسبة 2.1% مقارنة بالعام الماضي، مما يعزز القلق بالنسبة إلى إمكانية تحقيق الأهداف المحددة للإيرادات السياحية التي تصل إلى 64 مليار دولار، وهو الهدف الذي أكد وزير السياحة محمد أرسوي على ثباته رغم تحديات السوق الحالية.

يبدو واضحًا أن تراجع أعداد السياح الأجانب في تركيا يرتبط بعوامل متعددة ما بين اقتصادية وسياسية وأسعار مرتفعة، وهو ما يدفع القطاع للتفكير بآليات تحسين تنافسيته عالميًا؛ حيث لا يمكن فصل التأثيرات الاقتصادية عن قرارات السياسات النقدية وأسعار الخدمات في المنتجعات، إذ إن الموازنة بين هذه العوامل هي المفتاح لاستعادة معدلات النمو في قطاع السياحة داخليًا وخارجيًا خلال الشهور القادمة.