زيادة مساهمة القطاعات.. دول الخليج تعيد صياغة اقتصادها بعيدًا عن النفط

شهدت دول مجلس التعاون الخليجي تحولًا واضحًا نحو تعزيز القطاعات غير النفطية داخل اقتصادها، حيث بات تنويع مصادر الدخل خطوة حتمية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، ويعكس هذا التوجه نجاح السياسات التي تعمل على دعم الاقتصاد غير النفطي كجزء أساسي من الناتج المحلي الإجمالي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في ظل التقلبات العالمية.

إستراتيجيات التنويع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي

يرتبط صعود مساهمة الاقتصاد غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي بتبني استراتيجيات واضحة لتنويع الاقتصاد، حيث تم وضع رؤى مستقبلية طموحة تركز على تقليل الاعتماد على النفط وتحفيز قطاعات أكثر استدامة تنعش الاقتصاد. ويشير أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة قطر، رامي زيتون، إلى أن الاستثمار في قطاعات مثل السياحة، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، والخدمات اللوجستية، والتعليم يعد من أبرز العوامل التي تعزز مساهمة الاقتصاد غير النفطي في الناتج المحلي. ويترافق ذلك مع دعم حكومي مستمر من خلال سياسات مالية ونقدية تستهدف التحكم بمعدلات التضخم، وتقديم حوافز متنوعة للمستثمرين، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية الحديثة والنمو في القطاع المالي، مما جعل دول الخليج مراكز مالية واستثمارية إقليمية نشطة. كما تؤدي السياسات الداعمة للابتكار والاقتصاد المعرفي، عبر الاستثمار في التعليم والبحث العلمي وإنشاء مؤسسات لريادة الأعمال، إلى نمو اقتصادي مستدام قائم على المعرفة، مع دعم الصناعات التحويلية والتحول الرقمي الذي يحد من الاعتماد على الواردات.

ضمان استدامة النمو الاقتصادي غير النفطي في الخليج

يؤكد الخبير الاقتصادي القطري عبد الله الخاطر أن تنويع الاقتصاد ليس مسعى جديدًا بل مسارًا استراتيجيًا يجسد إدراك دول الخليج لضرورة تخفيف الاعتماد على النفط والغاز لضمان استدامة النمو في مواجهة تقلبات الأسواق. ويضيف أن استثمار دول الخليج المكثف في البنية التحتية والتعليم والابتكار وقطاعات الخدمات يعزز من مساهمة الاقتصاد غير النفطي، كما أن السياسات التي تتبعها في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر تسهيل الإجراءات وتقديم الحوافز ترفع من تنافسية البيئة الاستثمارية. وتبرز أهمية التوسع في الصناعات التحويلية حيث تزيد القيمة المضافة المحلية وتقلل الحاجة إلى الواردات. تشير بيانات المجلس الوطني للتخطيط في قطر إلى نمو الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 3.7% في الربع الأول من 2025، مع بلوغ مساهمة الاقتصاد غير الهيدروكربوني نحو 63.6% من الناتج المحلي. كما يحتل قطاع السياحة والضيافة موقعًا متميزًا في الخطط التنموية، مع تعزيز فرص العمل وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، لا سيما بعد تطوير البنية التحتية إثر استضافة كأس العالم 2022.

تحولات اقتصادية عالمية تؤثر على الاقتصاد الخليجي غير النفطي

في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية، أصبح تقليل الاعتماد على قطاع النفط ضرورة استراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي. ويشير الخبير الاقتصادي عبد الرحيم الهور إلى أن البيانات الحديثة تظهر نموًا قويًا في الاقتصاد غير النفطي بنسبة 3.7% في 2024، مقابل نمو إجمالي أقل يعكس تحول القطاعات غير النفطية إلى المحرك الأساسي للاقتصاد. وتظهر بيانات قطر نمو الناتج المحلي للقطاع غير الهيدروكربوني بنسبة 5.3% في الربع الأول من 2025، مما يؤكد الريادة في مسار التنويع الاقتصادي. ووفق تقرير شركة “برايس ووترهاوس كوبرز”، شهدت دول الخليج معدلات نمو متفاوتة في القطاعات غير النفطية، حيث سجلت الإمارات 4.9%، والسعودية 3.5%، وسلطنة عمان 3.4%، مع استمرار انخفاض قطاع النفط بنسبة 0.9% في الربع الأخير من 2024. وتبرز الفجوات في معدلات النمو بين دول المجلس، لكن القاسم المشترك يكمن في تخفيف الاعتماد على النفط وتعزيز الصناعات والخدمات والتكنولوجيا والطاقة النظيفة لتحقيق اقتصاد أكثر مرونة.

الدولة نمو الاقتصاد غير النفطي 2024 (%) نمو القطاع النفطي 2024 (%)
الإمارات 4.9 غير متوفر
السعودية 3.5 غير متوفر
سلطنة عمان 3.4 غير متوفر
البحرين 3.5 غير متوفر
الكويت 2.2 غير متوفر