تريليون دولار.. خسائر ضخمة تضع فقاعة الذكاء الاصطناعي على المحك

اهتزت أسواق المال العالمية بفعل خسائر غير مسبوقة في أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؛ حيث تبخرت تريليون دولار من القيمة السوقية للشركات العاملة في قطاع الذكاء الاصطناعي خلال أيام قليلة، ما أثار المخاوف بشأن وجود «فقاعة الذكاء الاصطناعي» بسبب مبالغة التسعير مقارنة بوتيرة العائد البطيئة، كما كشف تقرير لمعهد ماساتشوستس التقني أن 95% من مشاريع الذكاء الاصطناعي لم تحقق عوائد ملموسة حتى الآن.

تداعيات خسائر أسهم الذكاء الاصطناعي على الأسواق المالية العالمية

شهدت أسواق الأسهم تقلبات حادة مع تراجع أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، خاصة تلك المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، حيث برزت ظاهرة المضاربة ضد هذه الأسهم لأول مرة منذ صعود الذكاء الاصطناعي عام 2022. أظهرت إحصائيات أن المكاسب من بيع أسهم مايكروسوفت وإنفيديا وميتا على المكشوف تجاوزت 2.8 مليار دولار خلال يومين، بينما بلغت صفقات البيع على المكشوف الإجمالية 5.6 مليار دولار. وأدت هذه التقلبات إلى تسجيل ناسداك أسوأ أداء أسبوعي منذ أشهر، مع خسائر ضخمة لشركات مثل إنفيديا ومايكروسوفت وبلانتير التي كانت رموزًا للنجاح في القطاع، ما أوجد مقارنة فورية مع فقاعة الإنترنت في مطلع الألفية.

أسباب ظهور قلق «فقاعة الذكاء الاصطناعي» في ظل إنفاق ضخم وعوائد متواضعة

تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى إنفاقاً رأسمالياً غير مسبوق على مشاريع الذكاء الاصطناعي، إذ تصل المبالغ المخصصة لهذا القطاع إلى 400 مليار دولار هذا العام، وهو مبلغ يتفوق على ميزانية الدفاع الأوروبية لعام 2024. تستثمر شركات مثل مايكروسوفت وغوغل وأمازون وميتا بكثافة في بناء بنية تحتية ضخمة تشمل مراكز بيانات ومعالجات متطورة. ووفق توقعات مورغان ستانلي، يقدر الإنفاق الإجمالي بين 2025 و2028 بحوالي 2.9 تريليون دولار، ما قد يضيف نصف نقطة مئوية للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة خلال العامين المقبلين. في الوقت نفسه، تؤثر تلك المشاريع على استهلاك الطاقة بشكل كبير، إذ من المتوقع ارتفاع الطلب على الكهرباء لمراكز البيانات بنسبة قد تصل إلى 165% بحلول 2030، ما يجعل البنية التحتية للطاقة تحدياً أساسياً. تبقى المشكلة الكبرى في عوائد الاستثمار، حيث تحذر تقارير عديدة من «إنفاق ضخم مقابل عوائد محدودة»، وهو ما يزيد من مخاوف السوق ويعزز حديث «فقاعة الذكاء الاصطناعي».

سيناريوهات محتملة وتقييمات مستقبلية لفقاعة الذكاء الاصطناعي في الأسواق

يرسم المحللون عدة سيناريوهات مستقبلية لمسار الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية؛ الأولى تتمثل في «تصحيح إيجابي» حيث تعود التقييمات إلى مستويات أكثر تماشياً مع نمو الإيرادات، ويستمر الإنفاق بالرغم من تبنيه لأساليب أكثر عقلانية، مستندين إلى فرضية أن الأساسيات متينة والطفرة حقيقية ولكن بوتيرة أبطأ. أما السيناريو الثاني فيتحدث عن «انكماش ممتد» بفشل المشروعات في تحقيق أرباح ملموسة مع انخفاض رغبة الإنفاق الرأسمالي، ما يؤدي إلى تراجع أوسع في أسهم الذكاء الاصطناعي والشركات المرتبطة. السيناريو الثالث يتناول «إعادة تسعير انتقائي» بحيث تحتفظ شركات البنية التحتية بتقييمات قوية يمكن مقارنة أداء البرمجيات التي تواجه ضغوطاً مستمرة بناءً على النتائج المالية الفعلية. وتستبعد التحليلات الموثوقة تكرار فقاعة الإنترنت عام 2000 لأنها تفرق بين الاستخدامات التطبيقية المثبتة للذكاء الاصطناعي اليوم، مثل الطب والبحث والتعليم؛ في حين أن الأزمة آنذاك كانت بسبب غياب نموذج ربح واضح.

السيناريو الوصف التأثير المتوقع
تصحيح إيجابي تراجع التقييمات لتتوافق مع النمو، مع استمرار إنفاق عقلاني نمو مستدام وبطيء للأسواق
انكماش ممتد فشل تحقيق الأرباح وتراجع الإنفاق انخفاض أسهم الذكاء الاصطناعي والقطاع المرتبط
إعادة تسعير انتقائي تباين التقييمات بين البنية التحتية والبرمجيات ضغوط مالية متكررة على البرمجيات وبقاء تقييمات قوية للبنية التحتية

في النهاية، يشير الواقع إلى أن ما جرى مؤخراً يعكس هشاشة قطاع الذكاء الاصطناعي وتعقيدات تحويل الإنفاق إلى دخل وربحية ملموسة، مما يظل يحافظ على احتمال تصحيح حاد أو استمرار تقلبات في سوق الذكاء الاصطناعي العالمية.