بطاريات السيارات.. مصير غامض ينتظرها مع تزايد الاعتماد على السيارات الكهربائية

تُعَدُّ إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية من أبرز التحديات البيئية والصناعية التي تواجه العالم اليوم، إذ يشهد الطلب على المعادن النادرة المستخدمة في هذه البطاريات ارتفاعاً مستمراً، مما يُحفِّز على تطوير تقنيات مبتكرة لاستعادتها بكفاءة من خلايا الطاقة المُستعملة، حفاظاً على الموارد وتقليل التلوث.

أهمية إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية وتقنيات استعادة المعادن النادرة

تتطلب إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية معالجة دقيقة تبدأ بتقطيع البطاريات إلى قطع صغيرة لتحويلها إلى “الكتلة السوداء”؛ وهي مسحوق داكن يحتوي على مواد مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت والغرافيت، بجانب الفولاذ والبلاستيك التي يجب فصلها بدقة. تُعَدُّ هذه المعادن عناصر حيوية لصناعة بطاريات جديدة، حيث يُعوَّل عليها لتلبية الطلب المتزايد نتيجة التحول العالمي من الوقود الأحفوري إلى الطاقة الكهربائية المتجددة. وتُشير الإحصائيات إلى أن نحو سيارة من كل خمس سيارات مباعة في 2023 كانت كهربائية، مما أدى إلى زيادة سوق بطاريات السيارات الكهربائية بشكل كبير، وحدوث خلل في توريدات المعادن النادرة التي تُركّز في مناطق جغرافية محددة تعاني أحياناً من قضايا حقوق إنسان واستدامة بيئية.

طرق مبتكرة لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية وتعزيز الاقتصاد الدائري

تعمل شركات متخصصة مثل “ألتيليوم” في المملكة المتحدة على تطوير عمليات إعادة تدوير متقدمة، تعتمد على فصل المواد الكيماوية بقواعد دقيقة، وذلك عبر مختبرات مجهزة بسوائل ملونة تستخرج المعادن القيمة من الكتلة السوداء بطريقة آمنة وفعالة، بعيداً عن الاعتماد على المعالجات التقليدية المرتبطة بانبعاثات عالية. تشمل هذه العمليات ترشيح الغرافيت باستخدام حمض الكبريتيك، ثم فصل المعادن الثمينة مثل النيكل والكوبالت والمنغنيز عبر تفاعلات كيميائية مع مواد مذيبة. وتهدف الشركة إلى ضمان سلسلة توريد مغلقة تُعيد تدوير البطاريات بالكامل، وتُقلل حاجة الصناعة إلى التعدين الذي يضر بالنظم البيئية وصحة الإنسان، ما يدعم التوجه نحو اقتصاد دائري مستدام.

التحديات والفرص المستقبلية في إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية

على الرغم من التقدم الملحوظ، إلا أن سوق إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية لا يزال في مراحله الأولى، ويواجه تحديات منها تعقيد تصميم البطاريات وتنوع تركيبها الكيميائي، ما يتطلب تطوير تقنيات مرنة وقابلة للتكيف مع أنواع جديدة من البطاريات. كما يشكل توسيع نطاق الإنتاج وتخفيض التكلفة عوامل حاسمة لنجاح هذا القطاع؛ حيث تخطط شركات مثل ألتيليوم لتوسيع منشآتها لإنتاج كميات كبيرة ترفد السوق بمواد معاد تدويرها بأقل تكلفة بنحو 20%. يكتسب هذا المجال أهمية استراتيجية أيضاً، إذ يُعتبر تأمين المعادن الثمينة محلياً جزءاً من أمن الطاقة الوطني، ويُقلل الاعتماد على أسواق استيراد غير مستقرة. يمكن أن يلعب تصميم البطاريات المستقبلية دوراً أساسياً في تسهيل عمليات إعادة التدوير، ما يخلق فارقاً كبيراً في الاقتصاد المستدام.

المعدن الوظيفة في البطارية مصادر التعدين التقليدية طرق الاستعادة في إعادة التدوير
الليثيوم تخزين الطاقة مناجم في أمريكا الجنوبية وأستراليا استخلاص كيميائي من الكتلة السوداء
النيكل زيادة كثافة الطاقة إندونيسيا فصل باستخدام مذيبات متخصصة
الكوبالت استقرار الكاثود جمهورية الكونغو الديمقراطية ترسيب كيميائي ومذيبات معالجة
الغرافيت المكون الأساسي للأنود مصادر طبيعية ومصادر صناعية المعالجة الحرارية المائية

يُعتبر تطوير تقنيات إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية مفتاحاً لخفض الأثر البيئي، وتأمين الموارد الصناعية الحيوية، إلى جانب دعم الاستقلالية الاقتصادية للدول، مع تنامي الاعتماد العالمي على المركبات الكهربائية. ويُشدد الخبراء على أهمية دعم السياسات التنظيمية والتقنية لتسريع الانتقال نحو دورة حياة مستدامة للبطاريات، حيث يتم تقليل النفايات وإعادة تدوير المواد بنسبة تصل إلى نصف الطلب المتوقع بحلول منتصف القرن.

بات من الواضح أن تعزيز إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية لا يقتصر فقط على حماية البيئة بل يتعداه إلى تعزيز أمن سلسلة التوريد وتوطين الصناعة، مما يفتح آفاقاً جديدة لتحقيق نقلة نوعية في قطاع الطاقة المستقبلية، ويساهم في بناء مجتمع مستدام يراعي الموارد ويواجه تحديات التغير المناخي بفاعلية.