4.8 مليار دولار.. قفزة غير متوقعة في سوق الهواتف المحمولة بمصر خلال العقد القادم

شهد سوق تجميع الهواتف المحمولة في مصر تطوراً ملحوظاً، مدعوماً بسياسات حكومية واستثمارات متزايدة تهدف إلى تعزيز قدرة البلاد الإنتاجية وتحويلها إلى مركز إقليمي للتصدير، رغم التحديات القائمة في استغلال الطاقة الإنتاجية المتاحة.

النمو المتوقع لسوق تجميع الهواتف المحمولة في مصر حتى 2031

توقع تقرير مؤسسة فيتش سوليوشنز أن يشهد سوق تجميع الهواتف المحمولة في مصر نمواً سنوياً مركباً يقدر بـ 11.4% حتى عام 2031، مع ارتفاع مبيعات السوق من 2.5 مليار دولار في 2025 إلى أكثر من 4.8 مليار دولار بحلول 2031. ويأتي هذا النمو مدفوعاً بشكل كبير بتوسع عمليات التجميع المحلي وتقوية السياسات الحكومية الداعمة لهذا القطاع الحيوي؛ حيث كانت مصر تعتمد بشكل كامل على استيراد الأجهزة، أما اليوم فتستضيف مصانع لتجميع هواتف علامات تجارية كبرى منها سامسونج، وأوبو، وشاومي، وفيفو، ونوكيا. ويهدف هذا التحول إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي وخفض التكلفة، مع توجه الإدارة الاقتصادية نحو بناء قاعدة إنتاج أكثر اعتماداً على الذات رغم استمرار تحديات الاستغلال المنخفض للطاقة الإنتاجية.

التوسع في تجميع الهواتف المحمولة ودور الشركات المحلية والدولية

بدأت مصر خطواتها في تجميع الهواتف عبر شركة سيكو المحلية التي أطلقت هاتف “نيل إكس” في 2019 كأول هاتف ذكي مصري الصنع، ثم انضمت سامسونج بإنتاجها لأول هاتف “جالاكسي A13” في بني سويف عام 2022. بعد ذلك، أسست شركات صينية مثل فيفو وأوبو خطوط تجميع متعددة في المناطق الصناعية داخل مصر. إلى جانب ذلك، دخلت علامات أخرى مثل شاومي وإتش إم دي جلوبال المسؤولة عن هواتف نوكيا، اللتين تعاونتا مع سيكو لتجميع هواتف بنسبة مكونات محلية بلغت نحو 43% بحلول 2023. كما شهد السوق انضمام علامات مثل إنفينيكس ومايكرومكس الهندية، ما رفع القدرة الإنتاجية المركبة إلى حوالي 11.5 مليون وحدة مع استثمارات تتجاوز 87 مليون دولار وتوفير أكثر من 2000 فرصة عمل.

تأثير عوامل اقتصادية وسياسات الدعم على سوق تجميع الهواتف المحمولة في مصر

منذ 2021، ارتفع إنتاج الهواتف المحمولة محلياً من 1.5 مليون جهاز إلى نحو 3 ملايين وحدة في 2024، بينما شهدت واردات الهواتف تراجعاً حاداً من 1.8 مليار دولار في 2020 إلى 54 مليون دولار في 2024، ما يوضح تحول الواردات من هواتف كاملة إلى مكونات وتجميع محلي. تعكس هذه التغيرات سياسة الدولة الصناعية القائمة على تقليل استيراد الأجهزة تامة الصنع. مع انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار من أقل من 20 جنيهاً في 2022 إلى أكثر من 50 جنيهاً في 2025، زادت تكلفة الواردات، ما زاد الطلب على التجميع المحلي. وتتوقع فيتش سوليوشنز تراجع تدريجي للجنيه إلى 58.6 جنيهاً في 2029 مع استقرار معدل التضخم حول 6.5%، ونمو الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4.3% سنوياً، ما يخلق بيئة سوقية مستقرة وحساسة للأسعار حيث تبرز مزايا الأجهزة المجمعة محلياً خصوصاً للفئات التي تقل أسعارها عن 150 دولاراً. دعم الحكومة لهذا التوجه جاء عبر مبادرة “مصر تصنع الإلكترونيات” ورفع الرسوم الجمركية على الهواتف المستوردة إلى 10%، إضافة إلى تجديد النظر في رسوم التنمية على المكونات المستوردة لتخفيف الأعباء الضريبية على مصانع التجميع.

  • استثمار أوبو وفيفو بنحو 30 مليون دولار لكل منهما بطاقة إنتاجية تتراوح بين 2.1 و4.5 مليون وحدة سنوياً.
  • شراكة اتصال للصناعات المتطورة مع إتش إم دي جلوبال لتجميع مليون هاتف نوكيا في 2022.
  • تصنيع شاومي أول مصنع للهواتف في مصر والشرق الأوسط بطاقة مليون هاتف سنوياً بدءاً من 2023.
  • توسعة سامسونج بمصنع جديد مساحته 6000 متر مربع في بني سويف بحلول نهاية 2023.

على الرغم من هذا النمو، تعاني الصناعة من انخفاض ملحوظ في معدل استغلال الطاقة الإنتاجية؛ حيث بلغت الطاقة المركبة 11.5 مليون وحدة في 2024 بينما الإنتاج الفعلي لم يتجاوز 3 ملايين وحدة فقط، ما يعني تشغيلاً بنسبة 26% وفجوة تصل إلى 8.5 مليون وحدة. تتوقع مؤسسة فيتش سوليوشنز تحسن معدلات الاستغلال تدريجياً حتى تصل إلى 80% بحلول 2031، مع استمرار وجود فجوة تقدر بـ 3.2 مليون وحدة مقارنة بالطاقة المركبة الكاملة.

وترى المؤسسة في هذه الفجوة جانباً إيجابياً يؤشر إلى فرص التوسع السريع بمجرد تجاوز تحديات سلاسل التوريد وسهولة النفاذ إلى الأسواق المحلية والإقليمية، الأمر الذي قد يعزز مساهمة قطاع تجميع الهواتف المحمولة في دعم الاقتصاد المصري وتحقيق الريادة الإقليمية في هذا المجال.