عشرون عامًا .. مسيرة حافلة غيّرت ملامح الإبداع في المنطقة.

تحتفي مدينة بجاية بالذكرى العشرين لتظاهرتها الفنية العريقة عبر تنظيم اللقاءات السينمائية ببجاية في دورتها العشرين، حيث تستعد قاعة السينماتيك لاستقبال عشاق الفن السابع في الفترة الممتدة من 6 إلى 11 سبتمبر ببرنامج حافل يعكس عقدين من التجارب السينمائية الثرية والانفتاح على الإبداع العالمي والمحلي في آن واحد، مما يبرهن على مكانة هذا الموعد السنوي البارز.
تجسد هذه التظاهرة رؤية فنية فريدة قائمة على المزج بين الصرامة في الاختيار والانفتاح على مختلف التجارب، وهو ما يجعلها مساحة حيوية للحوار والنقاش وتبادل الخبرات بين المبدعين والجمهور، حيث لا يقتصر الحدث على كونه مجرد عروض سينمائية؛ بل يتجاوزه ليصبح احتفالية متكاملة تعكس الحيوية التي تتمتع بها السينما كفن جامع، وبهذا تترسخ أهمية اللقاءات السينمائية ببجاية في دورتها العشرين كمنصة فكرية وإبداعية.

استكشاف برنامج اللقاءات السينمائية ببجاية في دورتها العشرين

يبدأ البرنامج فعالياته صباح يوم السبت بجلسة سينمائية مخصصة للأطفال في تمام الساعة العاشرة، يليها حفل الافتتاح الرسمي مساءً بعرض فيلم “بين وبين” للمخرج لخضر تاتي، لتتواصل بعدها العروض اليومية على مدار الأسبوع بواقع ثلاث حصص مبرمجة على الساعة الثانية ظهرًا، والخامسة مساءً، والثامنة مساءً، وتتخلل هذه العروض فضاءات نقاشية تحت عنوان “مقهى ـ سينما” تهدف إلى تعزيز التفاعل المباشر بين صناع الأفلام وجمهور اللقاءات السينمائية ببجاية في دورتها العشرين.
تنطلق الأنشطة التفاعلية يوم الأحد 7 سبتمبر بلقاء مفتوح يجمع فريق عمل فيلم “بين وبين” مع الجمهور، يليه تنظيم مائدة مستديرة هامة تناقش موضوع “المسلسلات: واقع وآفاق”، بينما يشهد البرنامج اليومي تفاعلاً مستمراً مع صناع الأفلام، ليصبح هذا الحدث أكثر من مجرد عروض، بل هو تجربة فنية متكاملة يقدمها مهرجان بجاية السينمائي في نسخته الجديدة.

بانوراما سينمائية عالمية خلال لقاءات بجاية السينمائية

يتميز برنامج اللقاءات السينمائية ببجاية في دورتها العشرين بثرائه وتنوعه، حيث يقدم للجمهور أكثر من ثلاثين فيلماً تمثل 19 دولة مختلفة، وتتنوع هذه الأعمال بين الأنماط الوثائقية والروائية والتجريبية، مما يوفر تجربة مشاهدة غنية تعكس التيارات السينمائية المعاصرة حول العالم، ويؤكد هذا الاختيار الدقيق مكانة التظاهرة كنافذة على أفضل الإنتاجات الفنية العالمية.
سيكون الجمهور على موعد مع مجموعة من الأعمال السينمائية اللافتة التي تستحق المشاهدة، حيث تبرز ضمن القائمة أفلام تعالج قضايا إنسانية واجتماعية عميقة، وتتسم بجرأتها الفنية، وهو ما يؤكد على أن اللقاءات السينمائية ببجاية في دورتها العشرين تواصل دورها الريادي في عرض السينما الجادة والهادفة، وتشمل قائمة العروض المميزة ما يلي:

• فيلم “After Oil” للمخرج بوِيما تاكر.
• فيلم “رشيد طفل سنجار” للمخرجة جسنا كراجينوفيتش.
• فيلم “Post Trauma” للمخرج نضال بدرني.
• فيلم “السودان، تذكرونا” للمخرجة هند مدب.
• فيلم “أرض الانتقام” للمخرج أنيس جعاد.
• فيلم “الريح ستحملني” للمخرج عتمان شعاوي.
• فيلم “سكينة” للمخرج عدنان عبد.
• فيلم “Tin Hinan: آخر التوارق” للمخرجة ليلى عرتي بن حاج.
• فيلم “من حياة الهواة” للمخرج حميد بن عمرة.

تمنح هذه الدورة اهتمامًا خاصًا بالسينما الكيبيكية القادمة من كندا، حيث سيتم عرض أربعة أفلام تمثل هذا التيار السينمائي وهي “Simo” لعزيز زورومبا، و”ثقب في الصدر” لألكسندرا مايوت وجان سباستيان هامل، وفيلم “Aska” لكلارا ميلو، بالإضافة إلى فيلم “Brotherhood” للمخرجة مريم جوبور، وستعقب هذه العروض جلسة حوارية ثرية مع كل من داني لينون، سارة ناصر، وضياء سارة شرتوق، مما يتيح فرصة فريدة للتعمق في هذه التجربة السينمائية المميزة.

ورشات عمل ودعم المواهب: مستقبل السينما في لقاءات بجاية

لا تقتصر أهمية اللقاءات السينمائية ببجاية في دورتها العشرين على العروض والنقاشات فحسب، بل تمتد لتشمل الجانب التكويني عبر تنظيم ورشتي عمل أساسيتين موجهتين للمهتمين بصناعة السينما، الورشة الأولى تحمل عنوان “الذكاء الاصطناعي في سؤال تقاطع الفن والتكنولوجيا” ويؤطرها الفنان والمخرج إلياس جيميل، مما يعكس مواكبة التظاهرة لأحدث التطورات التقنية وتأثيرها على الفن السابع.
أما الورشة الثانية فتركز على “المهن التقنية في السينما: بين الإبداع والدقة” وهي مصممة خصيصًا للشباب المبتدئ في المجال السمعي البصري، لتوفر لهم أساسًا متينًا للانطلاق في هذا الميدان، وبهذا تؤكد اللقاءات السينمائية ببجاية في دورتها العشرين على التزامها بدعم الجيل الجديد من السينمائيين وتزويدهم بالمعرفة اللازمة لصقل مواهبهم وتطوير مهاراتهم التقنية والإبداعية.
تستمر التظاهرة في دعم المواهب المحلية من خلال تنظيم النسخة الثانية من “منحة زرماني” التي أطلقها الفنان صوفيان زرماني، المعروف باسم “فيانسو”، العام الماضي ضمن مبادرة “بجاية فيلم لاب”، إذ تستهدف هذه المنحة دعم السينمائيين الجزائريين الشباب الذين يطمحون إلى إخراج أول أفلامهم الطويلة، وقد استقطبت المبادرة هذا العام أكثر من عشرين مشروعًا، تم اختيار عدد منها من قبل لجنة قراءة ضمت المخرجة ياسمين شويخ والكاتب بوقلفة أمازيت والممثل سمير الحكيم، لتواصل اللقاءات السينمائية ببجاية في دورتها العشرين دورها في رعاية الإبداع.
وبهذا المزيج المتكامل بين العروض الفنية الراقية والفرص التكوينية الواعدة، تؤكد التظاهرة دورها المحوري كملتقى سنوي لا غنى عنه يحتفي بالإبداع السينمائي ويفتح آفاقًا جديدة للمبدعين والجمهور على حد سواء، مما يعزز من مكانة بجاية كعاصمة ثقافية وفنية.