حسم الجدل الآن.. مقترح برلماني جديد يحدد مصير عقود الإيجار قبل يناير 96

يُعد موقف عقود الإيجار المعطى لها تاريخ قبل 1996 إشكالية قانونية معقدة، خصوصًا عندما يكون تاريخ التحرير الفعلي لاحقًا لهذا التاريخ الفاصل، حيث يسعى البعض للاستفادة من مزايا قوانين الإيجار القديمة، مما يفتح الباب أمام نزاعات قضائية يتوقف حسمها على إثبات التاريخ الحقيقي للعقد، وهو ما يضع الملاك والمستأجرين في مواجهة مباشرة أمام القضاء لتحديد القانون المطبق على علاقتهم الإيجارية.

يعتبر العام 1996 هو التاريخ المحوري الذي يفصل بين نوعين من عقود الإيجار في مصر، فالعقود المبرمة قبل هذا التاريخ تخضع لقوانين الإيجار الاستثنائية التي كانت تمنح المستأجر حماية كبيرة، مثل امتداد العقد لسنوات طويلة وبقيمة إيجارية شبه ثابتة مع إمكانية التوريث، أما العقود التي أبرمت بعده فتخضع لمبدأ سلطان الإرادة المنصوص عليه في القانون المدني، حيث تكون مدة العقد محددة باتفاق الطرفين وتنتهي بانقضائها تلقائيًا، وقد جاءت التعديلات التشريعية المقترحة، مثل القانون رقم 164 لسنة 2025 المفترض، لتنظيم هذه العلاقة بشكل نهائي وإلغاء بعض القوانين السابقة تدريجيًا، حيث نصت المادة التاسعة منه على إلغاء قوانين رئيسية بعد مرور فترة انتقالية، وهذا الإلغاء يشمل:

  • القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن.
  • القانون رقم 136 لسنة 1981 الخاص ببعض الأحكام المتعلقة بالإيجار.
  • القانون رقم 6 لسنة 1997 المتعلق بإيجار الأماكن غير السكنية.

هذه التعديلات تؤكد أن موقف عقود الإيجار المعطى لها تاريخ قبل 1996 يظل مرتبطًا بفترة زمنية انتقالية تهدف لإنهاء العمل بالقوانين القديمة تدريجيًا.

ما هو موقف عقود الإيجار المعطى لها تاريخ قبل 1996 على خلاف الحقيقة؟

تنشأ المشكلة الأساسية عندما يتفق المؤجر والمستأجر على تدوين تاريخ قديم للعقد، أي قبل 31 يناير 1996، في حين أن الاتفاق الفعلي تم بعد هذا التاريخ، ويكون الدافع وراء ذلك غالبًا هو رغبة المستأجر في الاستفادة من الامتداد القانوني للعقد وعدم التقيد بمدة محددة، وقد يكون هذا الاتفاق الصوري مصحوبًا بدفع المستأجر لمقدم إيجار كبير غير مثبت في العقد أو قيامه بتشطيبات مكلفة في العين المؤجرة، وهنا يظهر الجدل حول موقف عقود الإيجار المعطى لها تاريخ قبل 1996 بشكل صوري، فالقانون يعتد بالتاريخ الحقيقي لنشأة الالتزام وليس التاريخ المدوّن شكليًا، مما يتيح للمالك الطعن على هذا التاريخ لإثبات الحقيقة وإخضاع العقد لأحكام القانون الجديد التي تضمن له استعادة ملكيته بعد انتهاء المدة المتفق عليها فعليًا.

حلول قانونية للتعامل مع عقود الإيجار القديم قبل 1996 المؤرخة صورياً

لمواجهة التحايل المتمثل في تأريخ العقود بتاريخ قديم، وضع القانون عدة آليات يمكن للمالك اللجوء إليها لإثبات التاريخ الحقيقي للعلاقة الإيجارية واستعادة حقوقه، حيث إن موقف عقود الإيجار المعطى لها تاريخ قبل 1996 يتوقف على إثبات الصورية، والطعن بالصورية يُعد أبرز هذه الحلول، إذ يتيح للمدعي إثبات أن التاريخ المذكور في العقد لا يعبر عن الحقيقة بكافة طرق الإثبات المتاحة، مثل شهادة الشهود أو المستندات الأخرى التي قد تشير إلى تاريخ بدء العلاقة الفعلي، ويوفر القضاء للمتضرر عدة فرضيات للخروج من هذه الأزمة، أهمها:

  • التقدم بدعوى قضائية للطعن بصورية تاريخ العقد لإثبات أنه حرر بعد التاريخ الفاصل.
  • الاعتماد على القرائن والأدلة المادية مثل فواتير المرافق (كهرباء، مياه) لإثبات بدء الانتفاع الفعلي بالعين.
  • إثبات عدم معاصرة كتابة العقد للتاريخ المدوّن به من خلال الخبرة الفنية والتحليل الجنائي للورق والحبر.

بنجاح المالك في إثبات الصورية، يُعاد تكييف العقد ليخضع لأحكام القانون المدني بدلًا من قوانين الإيجار القديمة، مما يغير موقف عقود الإيجار المعطى لها تاريخ قبل 1996 من عقود ممتدة إلى عقود محددة المدة.

استثناء حوالة الحق وتأثيرها على موقف عقود الإيجار القديم قبل 1996

يوجد استثناء هام لهذه القاعدة يتعلق بالعقود التي تنتقل من مستأجر قديم إلى مستأجر جديد عبر ما يعرف بـ “حوالة الحق”، والتي تتم بموافقة كتابية صريحة من المالك، فوفقًا للمادة 303 من القانون المدني، إذا تنازل المستأجر الأصلي (الذي أبرم عقده قبل 1996) عن عقد الإيجار لمستأجر جديد بموافقة المؤجر، فإن المستأجر الجديد يحل محل القديم في جميع حقوقه والتزاماته، وهذا يعني أن العقد يظل خاضعًا لأحكام قوانين الإيجار القديمة بكل مزاياها، بما في ذلك الامتداد القانوني، حتى لو تمت حوالة الحق بعد عام 1996، وهنا، لا يُعتبر موقف عقود الإيجار المعطى لها تاريخ قبل 1996 قابلاً للطعن لأن حوالة الحق لا تنشئ علاقة إيجارية جديدة، بل تنقل علاقة قديمة قائمة بالفعل بكل خصائصها القانونية إلى طرف جديد، مما يجعل هذا الاستثناء نقطة قانونية دقيقة يجب الانتباه إليها عند تقييم هذه العقود.

بذلك يصبح الإثبات هو سيد الموقف في تحديد القانون الواجب التطبيق، حيث يقع على عاتق من يدعي صورية التاريخ عبء تقديم الدليل القاطع، ليتحدد بناءً عليه ما إذا كان العقد سيخضع للحماية الاستثنائية القديمة أم لمبدأ حرية التعاقد الذي أقره القانون المدني.