تتعدد أسباب تراجع مقاهي كوستا وشعبيتها في الأسواق العالمية، حيث يبرز تحول أذواق المستهلكين نحو تجارب جديدة ومشروبات عصرية مثل الماتشا كعامل أساسي في هذا التغير، وهو ما يضع العلامات التجارية الكبرى أمام تحديات غير مسبوقة للحفاظ على مكانتها في سوق تتزايد فيه المنافسة يومًا بعد يوم، ويصبح فيه ولاء العملاء أكثر ارتباطًا بالتجربة الفريدة التي لا يمكن الحصول عليها في المنزل.
تجلس لوسي ويليامز مستمتعة بمشروب الماتشا المثلج في مقهى “بلانك ستريت”، وتعتبر هذه اللحظة مكافأة خاصة أكثر من كونها عادة يومية، فهي تربط مشروب ماتشا الفراولة بالخروج مع شقيقتها، بينما تحتسي قهوتها اليومية في المنزل، وعندما يتعلق الأمر بشراء القهوة من الخارج، فإنها لا تتردد في اختيار أماكن بعينها، مؤكدة أن سلسلة مقاهي “كوستا” لا تندرج ضمن قائمتها المفضلة، وهذا التوجه يعكس تحولًا أوسع في أنماط استهلاك القهوة والشاي، خصوصًا بين الأجيال الشابة التي تبحث عن تجارب مختلفة، مما يضع السلاسل التقليدية في موقف حرج وسط ارتفاع تكاليف المعيشة وتغير الأذواق.
ما سر تراجع شعبية كوستا أمام مشروبات الماتشا العصرية؟
يكمن سر نجاح المنافسين الجدد مثل “بلانك ستريت” في قدرتهم على فهم وتلبية رغبات الجيل الجديد، فقد انطلقت هذه السلسلة عام 2020 كعربة قهوة متواضعة في بروكلين بنيويورك، وسرعان ما توسعت لتشمل فروعًا في واشنطن وبوسطن، قبل أن تفتتح أول متجر لها في لندن عام 2022، وتصل اليوم إلى حوالي 35 فرعًا في العاصمة البريطانية وحدها، بالإضافة إلى فروع أخرى في مانشستر وبرمنغهام وإدنبرة، وقد ساهمت جاذبيتها على منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك في بناء قاعدة جماهيرية واسعة، حيث يتشارك المعجبون مقاطع فيديو لمشروباتهم الملونة في المقاهي ذات الديكورات الزاهية، الأمر الذي يفسر جانبًا من **أسباب تراجع مقاهي كوستا وشعبيتها** التي لم تواكب هذا النوع من التسويق الرقمي بنفس القوة.
لم تعد الزيارة لمجرد احتساء مشروب، بل أصبحت تجربة متكاملة، وهذا ما جذب سائحتين من أستراليا، بري تايلور وريبيكا تراو، اللتين وضعتا “بلانك ستريت” على قائمة الأماكن التي يجب زيارتها في لندن بعد مشاهدة مقاطع فيديو لمشروباته الجذابة على تيك توك، وبالمثل، انجذب كل من لورين نيكولسون وجوردان بروكس إلى ألوان الماتشا الزاهية التي تقدمها السلسلة بتكلفة تقل عن 5 جنيهات إسترلينية، ويؤكد جوردان أنه أصبح مولعًا بالماتشا بعد تجربته قبل شهرين فقط، وهو ما يعكس قوة الاتجاهات الجديدة وتأثيرها المباشر على قرارات الشراء لدى الشباب، مما يجعل السلاسل التي لا تقدم هذه الخيارات تبدو قديمة وغير جذابة.
كيف أثرت أذواق الجيل الشاب على أسباب تراجع مقاهي كوستا؟
إن الانتشار العالمي لمشروب الماتشا لا يمثل مجرد صيحة عابرة، بل هو مؤشر قوي على تحول الأذواق نحو خيارات صحية وفاخرة بتكلفة معقولة، وهو توجه بدأ بالظهور منذ جائحة كوفيد، ويتزايد مع استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة، وقد تجاوب المنافسون بذكاء مع هذا الاتجاه، مما فاقم من **أسباب تراجع مقاهي كوستا وشعبيتها** التي بدت بطيئة في استجابتها، حيث أصبح من السهل العثور على مشروبات الماتشا لدى العديد من العلامات التجارية الأخرى.
- ستاربكس: يقدم لاتيه ماتشا مثلج ضمن قائمته الأساسية.
- بريت: يوفر أيضًا لاتيه ماتشا مثلج لتلبية طلبات العملاء.
- نيرو: يبتكر بتقديم ماتشا مثلج بنكهات الفراولة والفانيليا لجذب شريحة أوسع.
- سلاسل أخرى: مثل “جيلز” و”بلاك شيب كوفي” التي تقدم حتى وافل الماتشا الأخضر.
يسود اعتقاد واسع بين جيل الشباب بأن الماتشا يحتوي على مضادات أكسدة ويوفر تأثيرًا أكثر اعتدالًا للكافيين مقارنة بالقهوة العادية، حتى لو كانت الفوائد الصحية المثبتة علميًا محل جدل، وهذا الاهتمام بالصحة يجعلهم يبتعدون عن المشروبات التي تحتوي على محليات سائلة وكريمة مخفوقة، مثل تلك التي تقدمها “كوستا” ضمن قائمة مشروبات الفراَبّي، وبالتالي فإن عدم تلبية هذا الاهتمام بالصحة والعافية يعتبر من أبرز **أسباب تراجع مقاهي كوستا وشعبيتها**، خصوصًا مع انتشار أجهزة القهوة المنزلية التي تجعل العملاء يتوقعون شيئًا فريدًا عند الشراء من الخارج.
ضغوط مالية تزيد من أسباب تراجع مقاهي كوستا وشعبيتها
تجلت التحديات التي تواجهها “كوستا” بوضوح في تصريحات جيمس كوينسي، الرئيس التنفيذي لشركة كوكاكولا، الذي أقر بأن السلسلة “لم تحقق المستوى الذي كنا نطمح إليه”، وأن الشركة تدرس خيارات جديدة لتحقيق النمو، وقد أكدت تقارير إعلامية أن كوكاكولا تتعاون مع بنك “لازارد” الاستثماري لاستكشاف خياراتها المستقبلية، بما في ذلك إمكانية بيع السلسلة التي استحوذت عليها عام 2019 مقابل 3.9 مليار جنيه إسترليني، وهو ما يعكس الضغوط المالية التي تفاقم من **أسباب تراجع مقاهي كوستا وشعبيتها** في ظل سوق متغير.
يوضح التقرير المالي الأخير للشركة حجم الصعوبات التي تواجهها:
البيان المالي | القيمة (للسنة المالية 2023) | ملاحظات إضافية |
---|---|---|
إجمالي الإيرادات | 1.2 مليار جنيه إسترليني | يعكس حجم العمليات الواسع للسلسلة. |
النتيجة التشغيلية | خسارة 14 مليون جنيه إسترليني | تأثرت بضغوط التضخم وارتفاع تكاليف الطاقة والأجور. |
يؤكد الخبراء أن “كوستا” ليست العلامة التجارية الوحيدة التي تعاني، فالنمو المتزايد للمتاجر المستقلة والصغيرة ذات الطابع الحرفي يؤثر سلبًا على الحصة السوقية للسلاسل الكبرى، فالأجيال الشابة أصبحت تولي اهتمامًا أكبر للمكان الذي تنفق فيه أموالها، وغالبًا ما تفضل دعم المشاريع الصغيرة لجودة منتجاتها وتجربتها المميزة، حيث يتوقع العميل عند دفع ما يقارب خمسة جنيهات إسترلينية الحصول على مشروب لا يمكنه تحضيره بسهولة في المنزل، وهذا الإخفاق في تقديم قيمة فريدة يظل من أهم **أسباب تراجع مقاهي كوستا وشعبيتها** ويجعلها في وضع تنافسي صعب للغاية.
أشارت الخبيرة كلير بيلي إلى أن الشركات التي تقف في “منتصف الطريق” هي الأكثر عرضة للمتاعب، لأنها لا تمثل شيئًا محددًا بوضوح؛ فـ”كوستا” ليست سريعة ورخيصة مثل “جريغز” أو “ماكدونالدز”، وفي نفس الوقت لا تقدم التجربة الفاخرة والفريدة التي يبحث عنها العميل عند الرغبة في تدليل نفسه، وهذا الموقف غير الواضح يقلل من جاذبيتها ويعد من أسباب تراجع مقاهي كوستا وشعبيتها.
على الرغم من كل هذه التحولات التي يشهدها السوق، لا تزال السلسلة تحتفظ بقاعدة من العملاء الأوفياء، حيث يتردد رفيق خزمجي على “كوستا” لقربه من مكان عمله ورغبته في الاستمتاع بقهوته في الهواء الطلق، بينما ترى الطالبة ميغان بينفولد أن الاتجاهات الحديثة لا تؤثر عليها، فهي تختار ما تحبه بغض النظر عن الشائع.