يبدو أن التوصل إلى اتفاق ليبي يجنب طرابلس الحرب أصبح خطوة ضرورية لنزع فتيل التوتر المتصاعد، حيث كشفت مصادر مطلعة عن مفاوضات حساسة جرت برعاية تركية بين حكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع، ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي في أعقاب تحشيدات عسكرية خطيرة حول العاصمة، مما جعل الساحة الليبية على شفا مواجهة مسلحة كانت لتعيد البلاد إلى مربع الصراع الأول.
أفضت المحادثات الأولية بين حكومة عبد الحميد الدبيبة وجهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة إلى نتيجة محورية، وهي نقل جولات الحوار المتبقية إلى الأراضي التركية لاستكمالها هناك، وهذا التحرك لم يأت من فراغ، بل يعكس ثقل أنقرة في الملف الليبي، حيث لم يعد دورها يقتصر على الوساطة بل تعدى ذلك لتكون الضامن الرسمي لتطبيق بنود الاتفاق النهائية، ويعود هذا الدور المحوري إلى سيطرتها العملية على قاعدة معيتيقة الجوية الحساسة، بالإضافة إلى علاقاتها المتينة مع حكومة الدبيبة، مما يمنحها أدوات ضغط فعلية لضمان التزام الطرفين ومنع أي تصعيد عسكري قد ينسف الجهود المبذولة، ويُنظر إلى هذا الترتيب باعتباره محاولة لكسب الوقت وتبريد الأجواء المشحونة في انتظار حلول أكثر استدامة، وهو ما يبرز أهمية أي اتفاق ليبي يجنب طرابلس الحرب في هذه المرحلة الحرجة.
تفاصيل اتفاق ليبي يجنب طرابلس الحرب وآلية تنفيذه
يكمن جوهر هذا الاتفاق في إعادة ترتيب الوجود الأمني داخل أهم منشأة استراتيجية في العاصمة، حيث ينص على انسحاب عناصر جهاز الردع بشكل كامل من محيط مطار معيتيقة الدولي، وهو ما كان يمثل نقطة الاحتكاك الرئيسية، وفي المقابل، ستتولى قوات أمنية نظامية تابعة مباشرة لحكومة الوحدة الوطنية مهمة تأمين المطار ومرافقه، ولضمان تنفيذ هذا البند الشائك ومنع حدوث أي احتكاكات أو سوء فهم قد يؤدي إلى اشتباكات، ستنتشر القوات التركية المتواجدة في ليبيا على طول خط التماس الفاصل بين الطرفين، لتلعب دور قوة مراقبة وفصل، وهذا الترتيب الميداني الدقيق يهدف إلى بناء الثقة تدريجيًا وتهيئة الظروف لمزيد من الخطوات التي قد يتضمنها أي اتفاق ليبي يجنب طرابلس الحرب مستقبلاً.
ما هي خلفية التحركات العسكرية التي سبقت اتفاق ليبيا الأخير؟
لم تكن هذه المفاوضات مجرد حراك سياسي، بل جاءت نتيجة مباشرة لتحركات عسكرية مقلقة هددت استقرار طرابلس، فقد شهدت الفترة الماضية تحشيدًا لقوات انطلقت من مدينة مصراتة وتوجهت صوب العاصمة، مما أثار مخاوف جدية من اندلاع مواجهة شاملة بين الأجهزة الأمنية المختلفة، وفي خضم هذا التصعيد، طرحت حكومة الدبيبة مجموعة من الشروط التي اعتبرها البعض مثيرة للجدل لإنهاء الأزمة، والتي شكلت أساسًا للمفاوضات اللاحقة وكشفت عن عمق الخلافات بين الطرفين، وتضمنت هذه الشروط مطالب محددة تهدف إلى إعادة هيكلة النفوذ الأمني حول المطار.
- تسليم إدارة سجن معيتيقة بالكامل إلى جهة تابعة للحكومة.
- فصل المقرات الرئيسية لجهاز الردع بشكل تام عن حرم المطار.
- إعادة تنظيم الصلاحيات الأمنية ووضعها تحت الإشراف المباشر للنائب العام.
في المقابل، أشارت تقارير متطابقة إلى أن تركيا مارست ضغوطًا دبلوماسية وأمنية مكثفة على الدبيبة لثنيه عن خيار الهجوم العسكري المباشر على جهاز الردع، وذلك حرصًا منها على حماية مصالحها العسكرية والاستراتيجية في غرب ليبيا، وتجنب سيناريو فوضوي قد يضر بجميع الأطراف، وهذا الضغط هو ما دفع جميع الأطراف نحو طاولة المفاوضات للبحث عن اتفاق ليبي يجنب طرابلس الحرب.
كيف ضمنت التدخلات التركية إبرام اتفاق يمنع الصدام في طرابلس؟
كان للتدخل التركي أثر حاسم في الدفع نحو هذا الاتفاق الهش، إذ استثمرت أنقرة نفوذها على الأرض وعلاقاتها الوثيقة بكلا الطرفين المتنازعين لدفعهم نحو الحوار بدلًا من المواجهة، فلم يكن هدفها مجرد الوساطة، بل الحفاظ على الوضع القائم الذي يخدم مصالحها في طرابلس، وضمان عدم انزلاق العاصمة نحو حرب أهلية جديدة قد تقوض سنوات من العمل العسكري والدبلوماسي، ولهذا السبب، فإن نجاح اتفاق ليبي يجنب طرابلس الحرب يعتمد بشكل كبير على مدى قدرة تركيا على مواصلة لعب دور الضامن الفعلي والفاعل، فهذا الاتفاق، رغم كونه خطوة إيجابية نحو التهدئة، يظل محفوفًا بالمخاطر في ظل الانقسامات العميقة والتحركات الميدانية المستمرة.
يبقى مستقبل العاصمة الليبية معلقًا بخيوط هذا التفاهم الضعيف، حيث إن أي خرق للاتفاق أو تغيير في موازين القوى قد يعيد إشعال فتيل الأزمة مجددًا، مما يجعل الاستقرار في طرابلس مفتوحًا على كافة الاحتمالات خلال الفترة القادمة.