التحديث الجديد.. أبرز ما جاء في نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة ووضع اليد المؤقت على العقارات

يشكل إقرار مجلس الوزراء لـ “نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة” نقطة تحول مهمة في تنظيم العلاقة بين المشاريع التنموية وحقوق المواطنين في المملكة العربية السعودية، حيث يضع هذا التشريع إطارًا قانونيًا واضحًا يوازن بين متطلبات التطور العمراني وضمان حقوق الملّاك بشكل كامل، ومن المقرر أن يصبح ساري المفعول بعد 120 يومًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

يأتي هذا الإطار التشريعي الجديد ليوفر ضمانات أساسية لكافة الأطراف المعنية، سواء الجهات صاحبة المشاريع الحكومية أو أصحاب العقارات المنزوعة ملكيتها، حيث تم تصميم مواده بعناية فائقة لتغطية جميع الجوانب المحتملة للعملية، بدءًا من التقييم المالي وصولًا إلى التعويضات والإعفاءات، وتعتبر فترة السماح البالغة 120 يومًا قبل النفاذ فرصة للجهات والأفراد للاستعداد للتغييرات والتأقلم مع الآليات الجديدة التي يقدمها نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة.

ملامح نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة ودوره في حماية الحقوق

يهدف نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة إلى إرساء مبدأ العدالة والشفافية في عمليات نزع الملكية، فهو لا يقتصر على تسهيل تنفيذ المشاريع الحيوية فقط، بل يؤكد في جوهره على كفالة حقوق الملّاك كأولوية قصوى، وهذا يتجلى بوضوح في الآليات المعتمدة لتقييم العقارات وصرف التعويضات، مما يمنح المالك ثقة كاملة في أن حقوقه المالية والمعنوية مصانة بموجب القانون، كما يحدد التشريع بدقة الإجراءات الواجب اتباعها من قبل الجهة صاحبة المشروع، مما يغلق الباب أمام أي ممارسات عشوائية أو تقديرات غير منصفة قد تضر بمصالح الأفراد.

إن هذا التوجه يعكس فهمًا عميقًا لأهمية الملكية الخاصة ويؤكد أن تحقيق المنفعة العامة لا يجب أن يكون على حساب حقوق الأفراد، بل يجب أن يتم من خلال عملية منظمة تضمن حصولهم على مقابل عادل ومجزٍ، وهذا يمثل ركناً أساسياً في فلسفة نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويدعم البيئة الاستثمارية في القطاع العقاري عبر توفير إطار قانوني موثوق يمكن الاعتماد عليه من قبل جميع الأطراف.

كيف يضمن نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة تعويضًا عادلًا؟

يضع النظام آلية دقيقة ومنصفة لتقدير قيمة التعويضات المستحقة لأصحاب العقارات، معتمدًا بشكل أساسي على تقييم محايد ومهني لضمان عدم بخس الناس أشياءهم، حيث تتم عملية التقييم حصريًا من خلال خبراء معتمدين لدى الهيئة السعودية للمقيّمين المعتمدين (تقييم)، والذين يحددون القيمة السوقية العادلة للعقار في وقت نزع الملكية، ولا يكتفي النظام بذلك، بل يضيف حزمة تعويضية إضافية لضمان رضا المالك وتسهيل انتقاله، وتتضمن آليات التعويض المحددة ما يلي:

  • تقييم العقار وفقًا لسعره السوقي العادل لحظة صدور قرار النزع.
  • إضافة مبلغ يعادل 20% من القيمة السوقية كتعويض إضافي عن عملية النزع.
  • في حالة وضع اليد المؤقت، يُصرف تعويض يعادل أجرة المثل مضافًا إليها 20% من قيمتها.

هذه الإضافة البالغة 20% تمثل اعترافًا من المشرّع بالجانب غير الطوعي لعملية نزع الملكية، وهي تهدف إلى تعويض المالك عن أي أعباء إضافية قد يتكبدها جراء البحث عن عقار بديل أو التكيف مع الوضع الجديد، وبذلك، لا يضمن نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة تعويضًا ماليًا فحسب، بل يقدم دعمًا إضافيًا يجعل العملية أكثر سلاسة وقبولًا لدى المتأثرين بها، مؤكدًا على التزامه بتحقيق أقصى درجات الإنصاف.

الإعفاءات الضريبية والرسوم في نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة

لم تقتصر المزايا التي يقدمها نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة على التعويض المالي المباشر، بل امتدت لتشمل حزمة من الإعفاءات الضريبية والرسوم التي تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية عن كاهل المالك المنزوعة ملكيته، وتسهيل عملية حصوله على عقار بديل دون تكاليف إضافية غير متوقعة، حيث يمنح النظام إعفاءات مهمة تساهم في الحفاظ على القدرة الشرائية للمالك وتعزيز استقراره المالي بعد عملية النزع، وتشمل هذه المزايا ما يلي:

  • إعفاء المالك من سداد ضريبة التصرفات العقارية عند شراء عقار بديل خلال مدة خمس سنوات.
  • يبدأ سريان هذا الإعفاء لمدة خمس سنوات من تاريخ استلام المالك لمبلغ التعويض بالكامل.
  • الإعفاء الكامل من رسوم الأراضي البيضاء في حالة حصول المالك على أرض بديلة كجزء من التعويض.

تعد هذه الإعفاءات جزءًا لا يتجزأ من الحزمة التعويضية الشاملة التي يكفلها التشريع، فهي تضمن ألا يتآكل مبلغ التعويض بسبب الالتزامات الضريبية، مما يمكن المالك من إعادة استثمار أمواله في القطاع العقاري بسهولة أكبر، وبذلك، يؤكد نظام نزع ملكية العقارات للمصلحة العامة على رؤيته المتكاملة التي لا تنظر فقط إلى قيمة العقار المادية، بل تأخذ في الاعتبار مستقبل المالك المالي وقدرته على إعادة بناء استثماراته.

بهذه الآليات المتوازنة، يرسي التشريع الجديد قواعد واضحة وشفافة تخدم أهداف التنمية الوطنية الشاملة مع توفير حماية كاملة لحقوق الملكية الخاصة وضمان استقرارها وثقة أصحابها في المنظومة القانونية.