يُسلط الضوء مؤخرًا على تحرك برلماني لنقل الجامعات لخارج القاهرة والجيزة والإسكندرية، وهي خطوة طال انتظارها وتستند إلى دراسات وتقارير متخصصة أكدت ضرورة إعادة النظر في وجود المؤسسات التعليمية الكبرى داخل الكتل السكانية المزدحمة، حيث يهدف هذا المقترح إلى تخفيف الضغط الهائل على البنية التحتية واستغلال المقار الحالية بطريقة تعزز القيمة الاقتصادية والتاريخية للمدن الكبرى.
أسباب التحرك البرلماني لنقل الجامعات لخارج القاهرة والجيزة
طرح النائب إبراهيم نظير، عضو مجلس النواب، طلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزيري التعليم العالي والتنمية المحلية، لمناقشة سيناريوهات عملية نقل مقار الجامعات والمعاهد التعليمية بعيدًا عن قلب العاصمة والمناطق المكتظة بالسكان، حيث استعرض المقترح أهمية هذا التحرك البرلماني لنقل الجامعات لخارج القاهرة والجيزة كحل استراتيجي للعديد من المشكلات الحضرية القائمة، مشيرًا إلى أن جامعات كبرى مثل جامعة القاهرة وجامعة عين شمس تمتلك بالفعل أفرعًا ناجحة في مدن جديدة مثل السادس من أكتوبر والعاصمة الإدارية الجديدة؛ مما يثبت جدوى الفكرة وقابليتها للتطبيق على نطاق أوسع، وكمثال حي على ضرورة التنفيذ، تم تسليط الضوء على وضع معهد الدراسات التعاونية التابع لجامعة عين شمس، والذي يشغل مساحة ضخمة تقدر بعشرة أفدنة داخل كتلة سكنية حيوية، بينما يخدم عددًا محدودًا من الطلاب، وهو ما يعد استخدامًا غير فعال لمورد عقاري ثمين.
إن توفير بيئة تعليمية أفضل للطلاب هو أحد الدوافع الرئيسية وراء تبني فكرة نقل المؤسسات التعليمية إلى الظهير الصحراوي والمدن الجديدة، فالمساحات الواسعة هناك تتيح إنشاء حرم جامعي متكامل ومجهز بأحدث التقنيات والمختبرات، مما يفتح آفاقًا جديدة للتوسع الأكاديمي والبحثي بشكل لا يمكن تحقيقه في المقار القديمة الضيقة، وفي الوقت نفسه، سيؤدي هذا التحرك إلى تقليل الضغط السكاني والمروري على سكان المناطق الحضرية القديمة، ويساهم في تحسين جودة الحياة اليومية لهم، حيث يعد هذا المقترح الخاص بنقل الجامعات لخارج القاهرة والجيزة جزءًا لا يتجزأ من رؤية أوسع لإعادة هيكلة المدن الكبرى.
كيف يدعم نقل الجامMAFات خارج المدن الكبرى خطط تطوير القاهرة التاريخية؟
يتناغم هذا المقترح بشكل مباشر مع الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة المصرية لتطوير منطقة القاهرة الفاطمية وإحياء تراثها التاريخي العريق، فخطة التطوير هذه لا تقتصر فقط على ترميم المباني الأثرية والمساجد، بل تشمل إعادة تأهيل المنطقة بالكامل لتصبح مقصدًا سياحيًا عالميًا، ويأتي نقل الأنشطة غير المتوافقة مع الطابع التاريخي، وعلى رأسها بعض المؤسسات التعليمية الضخمة، كخطوة ضرورية لإخلاء مساحات استراتيجية يمكن تحويلها إلى فنادق تراثية ومراكز ثقافية ومناطق ترفيهية تخدم أهداف التنمية السياحية، فضلًا عن الحفاظ على الهوية المعمارية الإسلامية الفريدة للمنطقة، وتتكامل هذه الرؤية مع خطة تطوير القاهرة الخديوية 2030، التي تهدف إلى خلق تجربة سياحية متكاملة ومستدامة، ويعتبر نجاح تحرك برلماني لنقل الجامعات لخارج القاهرة والجيزة عنصرًا داعمًا وأساسيًا لتحقيق هذه الأهداف الطموحة.
خطة تنفيذ النقل وتأثيرها على جذب الاستثمارات لمصر
طالب النائب الحكومة بضرورة التحرك السريع لوضع خطة تنفيذية عاجلة وواضحة المعالم، تضمن انتقالًا سلسًا للمؤسسات التعليمية إلى مواقعها الجديدة في المدن الحديثة، مع التأكيد على أن نجاح هذه الخطوة يعتمد بشكل كبير على توفير بنية تحتية متطورة، وفي مقدمتها شبكات نقل عام حديثة ومستدامة تربط المدن الجديدة بالقاهرة الكبرى، لتسهيل حركة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين بتكلفة معقولة وبكفاءة عالية، وتتضمن الخطة المقترحة عدة محاور رئيسية لضمان نجاحها، منها:
- تحديد جدول زمني دقيق لعمليات النقل لكل مؤسسة على حدة.
- توفير حلول نقل متكاملة ومستدامة لربط المقار الجديدة بالمدن الرئيسية.
- تقديم حوافز وتسهيلات للجامعات لتشجيعها على الانتقال والتوسع.
- وضع خطط استثمارية واضحة لإعادة استغلال الأراضي والمباني التي سيتم إخلاؤها.
من المتوقع أن يكون لهذا التحرك الاستراتيجي أثر إيجابي كبير على مناخ الاستثمار في مصر، فإعادة تنظيم المشهد الحضري في القاهرة والجيزة والإسكندرية سيخلق بيئة أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والدوليين، كما أن إتاحة أراضٍ ذات قيمة استثنائية في قلب العاصمة سيفتح الباب أمام مشروعات عقارية وسياحية وتجارية ضخمة، تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير آلاف فرص العمل الجديدة، مما يجعل هذا التحرك البرلماني لنقل الجامعات لخارج القاهرة والجيزة ليس مجرد خطوة تنظيمية، بل محركًا رئيسيًا للتنمية الاقتصادية.
في النهاية، يمثل هذا التوجه رؤية متكاملة تجمع بين تطوير قطاع التعليم العالي وإعادة التخطيط العمراني للمدن الكبرى، بهدف تشكيل مستقبل أكثر تنظيمًا وازدهارًا، مع إطلاق العنان للإمكانيات الاقتصادية والتاريخية الكامنة في قلب مصر.