بدأ تأثير خفض سعر الفائدة 2% على الاقتصاد المصري يرسم ملامح مرحلة جديدة، خصوصًا بعد قرار البنك المركزي، الذي صدر يوم الخميس، بخفض أسعار الفائدة الأساسية للمرة الثالثة على التوالي خلال عام 2025، وهو ما يعيد ترتيب أولويات المستثمرين والأفراد على حد سواء، ويفتح الباب أمام تحولات كبيرة في خريطة التدفقات النقدية داخل السوق.
يأتي هذا الإجراء في سياق اقتصادي يشهد تراجعًا في الضغوط التضخمية واستقرارًا نسبيًا في أداء الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية، حيث وصلت الفائدة بعد هذا الخفض إلى مستوى 22% للإيداع و23% للإقراض، مكملًا بذلك سلسلة من التخفيضات التي بلغت قيمتها الإجمالية 5.25% منذ بداية العام، الأمر الذي يمثل تحولًا واضحًا نحو سياسة نقدية أكثر تيسيرًا تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمار المباشر.
كيف يؤثر خفض سعر الفائدة 2% على موازنة الدولة والمستثمرين؟
يمثل هذا القرار دفعة إيجابية كبيرة للموازنة العامة للدولة، إذ يُسهم كل تخفيض بنسبة 1% في توفير ما يتراوح بين 75 إلى 80 مليار جنيه من تكاليف خدمة الدين العام السنوية، ومع وصول إجمالي الخفض إلى 5.25%، من المتوقع أن يتجاوز حجم الوفر المالي حاجز 400 مليار جنيه، وهو رقم ضخم من شأنه أن يخفف الضغط على الموازنة ويساعد في تقليص العجز، وفي الوقت نفسه، يجد المستثمرون ورجال الأعمال في هذا القرار فرصة ذهبية، حيث تنخفض تكلفة الحصول على القروض اللازمة لتمويل المشروعات الجديدة أو التوسع في الأنشطة القائمة، مما يعزز الدورة الاقتصادية ويدعم حركة التوظيف وخلق فرص عمل جديدة، ويبرز تأثير خفض سعر الفائدة 2% على الاقتصاد المصري في تسهيل الاقتراض الشخصي والعقاري للأفراد.
يعتبر قرار خفض الفائدة بمثابة نقطة تحول تعيد توزيع المكاسب بين مختلف القطاعات الاقتصادية، ويستفيد منه بشكل مباشر عدة أطراف رئيسية في السوق، ويمكن تلخيص أبرز الرابحين في النقاط التالية:
- الحكومة المصرية من خلال تخفيف عبء خدمة الدين العام.
- المستثمرون والشركات عبر انخفاض تكلفة تمويل المشروعات.
- قطاعا العقارات والذهب كبدائل استثمارية جذابة.
- البورصة المصرية مع توقعات بزيادة أحجام التداول.
انعكاسات خفض سعر الفائدة على أسواق العقارات والذهب والبورصة
من المتوقع أن يشهد السوق تحركًا ملحوظًا للأموال الخارجة من شهادات الادخار مرتفعة العائد التي انتهت آجالها، حيث سيبحث أصحاب هذه الأموال عن أوعية استثمارية بديلة توفر عوائد مجدية، وتبرز هنا جاذبية قطاع العقارات الذي يُنتظر أن يشهد انتعاشة قوية، مدعومًا بانخفاض فائدة التمويل العقاري وتوسع الحكومة في طرح المشروعات السكنية والتجارية الجديدة، كما يُعد الذهب ملاذًا آمنًا وبديلًا استثماريًا مفضلًا للكثيرين في أوقات انخفاض الفائدة للحفاظ على قيمة مدخراتهم، وبالتوازي، تزداد جاذبية البورصة المصرية كقناة استثمارية قادرة على تحقيق عوائد مرتفعة، مما قد يؤدي إلى زيادة أحجام التداول وجذب شريحة جديدة من المستثمرين، بينما تستفيد البنوك من تقليل تكلفة الفوائد التي تدفعها على الودائع والشهادات، مع تحقيق أرباح إضافية من زيادة حجم محفظة القروض.
من الخاسر الأكبر من قرار خفض سعر الفائدة 2% في مصر؟
على الجانب الآخر من المعادلة، يقع التأثير السلبي لقرار خفض الفائدة على أصحاب الودائع والمدخرات، خاصة من شريحة كبار السن والمتقاعدين الذين يعتمدون بشكل شبه كامل على العوائد الدورية لشهادات الادخار كمصدر دخل أساسي لتغطية نفقاتهم الشهرية، فهؤلاء سيشهدون تراجعًا واضحًا في دخولهم، مما يضعهم أمام تحديات مالية جديدة، كما أن أدوات الدين الحكومي مثل أذون وسندات الخزانة تفقد جزءًا من بريقها لدى المستثمرين المحليين والأجانب بسبب انخفاض العائد عليها، ورغم أنها لا تزال تقدم عوائد تنافسية مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، إلا أن التخفيض المتتالي قد يحد من جاذبيتها كأداة استثمارية، ويُظهر هذا الجانب السلبي أن تأثير خفض سعر الفائدة 2% على الاقتصاد المصري يحمل في طياته إعادة توزيع للمخاطر والمكاسب.
يمثل استمرار البنك المركزي في سياسته التيسيرية إعادة هيكلة لأولويات الاستثمار في مصر، حيث يتم توجيه السيولة نحو القطاعات الإنتاجية المحفزة للنمو على حساب الأوعية الادخارية التقليدية، وهذا التحول، رغم تأثيره المباشر على المدخرين، قد يؤتي ثماره على المدى المتوسط من خلال تعزيز النشاط الاقتصادي الحقيقي.