«الليدي دي» بنسخة عربية.. من هي التي تسير على خطى الأميرة ديانا من الرياض إلى القاهرة؟

تظل زيارات الأميرة ديانا للدول العربية بصمة خالدة في ذاكرة المنطقة، حيث نسجت خلال رحلاتها القصيرة جسوراً من المحبة والتواصل الإنساني، تاركةً وراءها إرثاً يتجاوز الصور الرسمية والبروتوكولات الملكية، فكانت رحلاتها بمثابة حوار ثقافي وإنساني عميق لا يزال صداه يتردد حتى اليوم، مما يجعل قصة تلك الجولات فصلاً فريداً في سيرتها الذاتية الحافلة.

تفاصيل زيارات الأميرة ديانا للدول العربية: محطة مصر التاريخية

تُعد رحلة الأميرة ديانا إلى مصر عام 1992 من أبرز المحطات في تاريخ علاقتها بالمنطقة؛ فقبل خمس سنوات فقط من رحيلها المأساوي، وقفت أمام عظمة أهرامات الجيزة وقالت للمحيطين بها إن المشهد “يقطع الأنفاس”، معبرة عن انبهارها العميق بالحضارة المصرية، ولم تكن هذه الزيارة، التي استمرت ستة أيام، مجرد جولة سياحية عابرة، بل كانت رحلة استكشافية غنية شملت العديد من المواقع الأثرية والثقافية التي تعكس عمق التاريخ المصري، وما زالت بعض الشركات السياحية المصرية حتى الآن تقدم برامج سياحية تقتفي أثر خطوات الأميرة، مما يؤكد التأثير الدائم الذي أحدثته زيارتها.

حرصت ديانا خلال وجودها في مصر على إعطاء الأولوية لنشاطاتها الإنسانية التي كانت شغفها الأكبر، حيث خصصت وقتاً لزيارة مركز يعنى بعلاج الأطفال المصابين بالشلل، بالإضافة إلى مدرسة للمكفوفين، لتؤكد مرة أخرى على لقبها “أميرة القلوب”، وقد وثّق المصور الملكي أنور حسين تلك اللحظات بعدسته، مشيراً إلى أن عينيها كانتا تمزجان بين الفرح والحزن، إذ كانت تمر بفترة عصيبة على الصعيد الشخصي مع إنهاء إجراءات طلاقها من الأمير تشارلز، وقد تجلى حب المصريين العميق لها بعد وفاتها عام 1997، حيث امتلأت الشوارع المحيطة بالسفارة البريطانية في القاهرة بالمعزين، وتوقفت القنوات المحلية عن بث برامجها لتغطية جنازتها التاريخية، خاصة وأنها رحلت مع حبيبها، رجل الأعمال المصري دودي الفايد.

  • زيارة أهرامات الجيزة والتعبير عن الانبهار بها.
  • جولة في معبد إيزيس بأسوان ومعبد الكرنك ووادي الملوك بالأقصر.
  • تفقد جامع الأزهر والمتحف الوطني في القاهرة.
  • الاطلاع على كنوز توت عنخ آمون الأثرية.

جولات ديانا الخليجية: كيف أصبحت الأميرة محبوبة العرب؟

قبل زيارتها لمصر، كانت أولى زيارات الأميرة ديانا للدول العربية قد بدأت في منطقة الخليج، ففي نوفمبر 1986، قامت برفقة زوجها الأمير تشارلز بجولة رسمية استمرت تسعة أيام، وكانت حينها في الخامسة والعشرين من عمرها، وتركت هذه الزيارة انطباعاً قوياً لدى شعوب المنطقة التي تعرفت عليها عن قرب، مما أسهم في تعزيز مكانتها كشخصية عالمية محبوبة، وقد شملت جولتها الخليجية الأولى أربع دول، حيث تركت في كل منها أثراً خاصاً، وواكبت الصحافة البريطانية جولتها بكل تفاصيلها، ومنحتها على إثرها لقب “ملكة الصحراء” تقديراً لتفاعلها مع الثقافة المحلية.

الدولة أبرز أنشطة ديانا خلال الزيارة عام 1986
المملكة العربية السعودية استقبال من الملك فهد ولقاء الملك سلمان، وزيارة منطقة الثمامة الصحراوية وقصر المصمك.
مملكة البحرين زيارة مسجد الفاتح وحضور مأدبات رسمية أقامها الأمير الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة.
سلطنة عُمان استقبال من السلطان قابوس، وزيارة “نقطة ديانا” الشهيرة في الجبل الأخضر وجامعة السلطان قابوس.
دولة قطر استقبال من قبل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وحضور سباق الجمال التقليدي وزيارة مدرسة.

لم تكتفِ ديانا بتلك الجولة، فبعد ثلاث سنوات فقط، وفي عام 1989، عادت لتكرار التجربة الخليجية في دلالة واضحة على متانة العلاقات، حيث زارت دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، وفي الإمارات، التقت بمؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتجولت بين أبوظبي ودبي والعين، ولم تغفل جانبها الإنساني بزيارة مؤسسة تعليمية للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، أما في الكويت، فقد استقبلها الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح في قصر بيان، وشاركت في الأنشطة الرسمية، كما زارت المتحف الإسلامي وأمضت وقتاً مع الأطفال في الجمعية الكويتية لذوي الاحتياجات الخاصة، لتؤكد أن زيارات الأميرة ديانا للدول العربية كانت تحمل دائماً رسالة إنسانية نبيلة.

ما هو الأثر الباقي من زيارات الأميرة ديانا للدول العربية؟

لم تكن بصمات زيارات الأميرة ديانا للدول العربية مجرد ذكريات عابرة أو صور تذكارية، بل امتد أثرها ليصبح جزءاً حياً من الحاضر، فالأماكن التي زارتها، مثل “نقطة ديانا” في الجبل الأخضر بسلطنة عُمان، لا تزال مقصداً سياحياً شهيراً يرتاده الناس للسير على خطاها، كما أن الفستان الذي ارتدته في البحرين بيع في مزاد علني بمبلغ كبير، ليتحول إلى قطعة من التاريخ، لكن التأثير الأعمق يكمن في إرثها الإنساني الذي استمر حتى بعد رحيلها، فتبنيها لقضية نزع الألغام الأرضية من خلال دعمها لمنظمة “هالو ترست” كان له انعكاس مباشر على المنطقة العربية.

بفضل جهودها ودعمها، تمكنت المنظمة من تطهير أراضٍ واسعة من الألغام في بلاد مثل العراق، والضفة الغربية، وسوريا، وليبيا، واليمن، مما أنقذ حياة عدد لا يحصى من الأبرياء وحول المناطق الخطرة إلى أراضٍ آمنة، وهذا الجانب من إرثها يوضح أن زيارات الأميرة ديانا للدول العربية لم تكن تهدف فقط لتعزيز الروابط الدبلوماسية، بل كانت تحمل هماً إنسانياً حقيقياً، ولا يزال هذا الإرث يتجدد سنوياً من خلال “جائزة ديانا”، التي تُمنح للشباب والشابات الذين يسعون لإحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم، مستلهمين روحها وعطاءها.

بعد مرور ما يقرب من ثلاثة عقود على رحيلها، لا تزال شخصية الأميرة ديانا تحظى بمكانة خاصة في الوجدان العربي، حيث أثبتت أن الدبلوماسية الحقيقية تكمن في القدرة على لمس قلوب الناس والتواصل معهم على المستوى الإنساني، تاركةً إرثاً من المحبة والاحترام.