يُمثل اكتشاف كوكب وليد جائع يلتهم المادة المحيطة بنجم حديث الولادة حدثًا فلكيًا استثنائيًا، حيث أعلن العلماء عن رصد كوكب أُطلق عليه اسم WISPIT 2b، يقع على مسافة تقارب 430 سنة ضوئية من كوكبنا، وهو ما يفتح نافذة جديدة لفهم المراحل الأولى من تكون الكواكب في الكون الشاسع.
تفاصيل اكتشاف كوكب وليد جائع بحجم المشتري
كشفت التحليلات الأولية أن WISPIT 2b هو عملاق غازي ضخم، يقارب في حجمه كوكب المشتري الموجود في نظامنا الشمسي، لكنه يمثل نسخة مصغرة منه من حيث العمر، إذ لا يتجاوز عمره الكوني 5 ملايين سنة فقط؛ وهو عمر ضئيل جدًا مقارنة بعمر نظامنا الشمسي الذي يبلغ 4.6 مليار سنة، ويقوم هذا الكوكب الوليد بدور فعال في تشكيل بيئته، حيث ينحت لنفسه مسارًا خاصًا داخل قرص الغاز والغبار المحيط بنجمه الأم WISPIT 2، وهذا القرص يُعرف علميًا باسم القرص الكوكبي الأولي، وما يفعله الكوكب أشبه بلعبة “باك مان” الشهيرة، فهو يلتهم المادة من حوله بِنهم أثناء دورانه، وهو ما يساهم في نموه وتطوره، ويعطي هذا السلوك الفريد للعلماء نظرة مباشرة على عملية نمو الكواكب العملاقة التي كانت مجرد نظرية في السابق.
WISPIT 2b: أول كوكب مُكتشف في قرص نجمي متعدد الحلقات
تكمن أهمية هذا الاكتشاف في كونه أول حالة مؤكدة يتم فيها رصد كوكب داخل قرص كوكبي أولي يتميز بتركيبته متعددة الحلقات، مما يعني أن القرص المحيط بالنجم ليس كتلة واحدة متجانسة؛ بل يحتوي على فجوات وقنوات غبارية متعددة، وهو ما يجعله شبيهًا بالأسطوانات الموسيقية القديمة المعروفة بالفينيل، وهذا التركيب المعقد يشير إلى وجود تفاعلات ديناميكية قوية بين الكوكب الوليد والقرص الذي نشأ منه، ويقدم هذا المشهد دليلًا حيًا على أن الكواكب قادرة على تشكيل هياكل معقدة في بيئتها النجمية منذ مراحلها المبكرة جدًا، لذا فإن هذا التقدم العلمي يعد أكثر من مجرد إعلان عن **اكتشاف كوكب وليد جائع يلتهم المادة**، بل هو تأكيد لفرضيات كانت تنتظر دليلًا مرئيًا.
كيف تم توثيق اكتشاف كوكب وليد جائع بصور فريدة؟
تمكن الفريق العلمي من التقاط صور مذهلة لهذا الجرم السماوي باستخدام التلسكوب العملاق (VLT) الموجود في قلب صحراء أتاكاما بدولة تشيلي، والذي يوفر ظروفًا مثالية للرصد الفلكي، ويعتبر هذا الإنجاز هو المرة الثانية فقط في تاريخ علم الفلك التي يتم فيها تصوير كوكب في طور التكوين حول نجم يشبه شمسنا في مراحلها الأولى، ويمتد القرص الكوكبي المحيط بالنجم لمسافة هائلة تعادل 380 ضعف المسافة بين الأرض والشمس، مما يجعله مختبرًا طبيعيًا مثاليًا لدراسة التفاعلات المعقدة بين الكواكب والأقراص النجمية، وفهم آليات تطور الأنظمة النجمية عبر الزمن، ويضيف هذا الكشف دليلًا ماديًا حاسمًا يدعم نظريات تكون الكواكب الغازية الضخمة، حيث يوضح أن عملية **اكتشاف كوكب وليد جائع يلتهم المادة** أصبحت ممكنة بفضل التقنيات الحديثة. وقد وصفت ريشيل فان كابليفين، قائدة الفريق العلمي من جامعة لايدن، هذه التجربة قائلة: “كان اكتشاف هذا الكوكب تجربة مذهلة، لقد كنا محظوظين بشكل لا يُصدق، فلم نتوقع العثور على نظام بهذا الجمال في مجموعة من النجوم الفتية قليلة الدراسة، ومن المرجح أن يصبح هذا النظام مرجعًا أساسيًا لسنوات قادمة”.
رُصد الكوكب باستخدام تقنية الأشعة تحت الحمراء، حيث ظهر متوهجًا بشكل لافت داخل فجوة واسعة في القرص النجمي المظلم، ويرجع هذا التوهج إلى الحرارة الهائلة التي لا يزال يحتفظ بها بعد عملية تشكله العنيفة مباشرة، وقد مكن هذا التوهج الحراري الفريق العلمي من التقاط صورته المباشرة، بالإضافة إلى دراسة العلاقة بين تكوين الكواكب الغازية الضخمة ومدى شيوعها حول النجوم الصغيرة حديثة السن مقارنة بالنجوم الأكبر عمرًا، وهذا يؤكد أن توثيق اكتشاف كوكب وليد جائع يلتهم المادة لم يكن مصادفة بل نتيجة لتطور أدوات الرصد الفلكي.