تجري غرفة التطوير العقاري حاليًا دراسة مكثفة لإقرار ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري في مصر، وذلك بهدف حماية صغار المطورين العقاريين وضمان استقرار القطاع، ويأتي هذا التحرك في إطار الجهود المستمرة لضبط آليات العمل وتفادي الممارسات العشوائية التي قد تضر بسمعة السوق وتزيد من مخاطر التعثر المالي للشركات الناشئة في هذا المجال الحيوي.
غرفة التطوير العقاري تدرس ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري وحماية المطورين
أعلنت الدكتورة عبير عصام، عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، عن حزمة إجراءات تنظيمية قيد الدراسة داخل الغرفة تمهيدًا لتقديمها إلى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وجاء هذا الإعلان خلال مشاركتها في جلسة حوارية ضمن فعاليات ملتقى «بوابة استثمار البحر المتوسط» MIG2025 بمدينة العلمين الجديدة، حيث ركزت المناقشات على الفرص الاستثمارية الواعدة بساحل البحر المتوسط وسبل تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وأوضحت أن الغرفة تقوم بدور استشاري وخبير فني لدعم الشركات العقارية، خصوصًا تلك التي تفتقر للخبرة الكافية، بما يضمن تطبيق أفضل الممارسات ويساهم في حماية المطورين الجدد وتعزيز استقرار السوق.
تفاصيل ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري المقترحة وتوصيات سابقة
أكدت عبير عصام أن بعض المطورين لجأوا إلى ممارسات غير منضبطة لتحقيق مكاسب سريعة؛ مثل تحديد نسب تحميل عشوائية وغير واقعية للوحدات السكنية والتجارية، بالإضافة إلى تقديم فترات تقسيط طويلة بشكل مبالغ فيه، وهو ما قد يعرض المطور لمخاطر التعثر المالي ويشوه سمعة القطاع بأكمله إذا قامت شركات غير متخصصة بتقليد هذه الممارسات، ولذلك فإن وضع ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري أصبح ضرورة ملحة، وتتضمن التوصيات التي تدرسها الغرفة مجموعة من الإجراءات الواقعية التي تهدف إلى تنظيم مهنة التطوير العقاريอย่าง احترافي.
وتتضمن المقترحات الرئيسية النقاط التالية:
- وضع قواعد واضحة ومحددة لنسب التحميل في الوحدات السكنية والتجارية.
- تنظيم سنوات التقسيط لتجنب المخاطر المالية وضمان قدرة المطور على الوفاء بالتزاماته.
- مواصلة العمل على دراسة وإقرار العقد الموحد الذي يتطلب خبرات فنية وقانونية متخصصة.
- احتساب قيمة الأراضي التي يتم سداد ثمنها نقدًا ضمن التكاليف الإجمالية للمشروع.
ولفتت إلى أن الغرفة سبق وأصدرت توصيات لاقت استجابة من مجلس الوزراء ووزير الإسكان، من أبرزها تخفيض نسبة الإنجاز المطلوبة لاعتبار المشروع مكتملاً إلى 80%، ومنح مهل إضافية للتنفيذ، الأمر الذي حال دون سحب الأراضي من المطورين وساهم في تسريع وتيرة إنجاز المشروعات ودعم النشاط العقاري بشكل فعال، ما يعكس أهمية تبني ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري.
دور الشراكات والتعليم الفني في تطبيق ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري
شددت الدكتورة عبير عصام على أن الاستثمار في التعليم الفني يمثل ركيزة أساسية لجودة العقار المصري وتنظيم السوق، وأشادت بفكرة قيام الشركات العقارية الكبرى بإنشاء مدارس للتكنولوجيا التطبيقية متخصصة في تخريج فنيين عقاريين مهرة، وضربت مثالاً بنجاح مدرسة “عمار للتكنولوجيا التطبيقية” التي خرجت 150 فنيًا متخصصًا في مختلف بنود التشييد من الحفر وحتى التشطيبات، كما أشارت إلى وجود مبادرات مماثلة من مطورين آخرين مثل مدرسة “ماونتن فيو” ومدرسة “طلعت مصطفى”، وهذه المبادرات تخدم مهنة التطوير العقاري وتضمن وجود كوادر مؤهلة لتطبيق المعايير والجودة التي تفرضها أي ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري.
وفيما يتعلق بتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، أكدت على ضرورة إتاحة الفرص لجميع المطورين العقاريين للمشاركة في مشاريع هيئة التنمية العمرانية عبر إلغاء شرط سابقة الأعمال مع الهيئة، مستشهدة بتجربة شركة “عمار العقارية” في تطوير أراضٍ لصالح النقابات كنموذج ناجح للشراكة، كما دعت إلى تفعيل مشاركة المطورين في مشروعات الإسكان الاجتماعي، واقترحت طرح أراضٍ للإسكان الحر والاستثماري على المطورين مقابل تخصيص أراضٍ أخرى لنفس المطور لتنفيذ وحدات إسكان اجتماعي، مما يسد الفجوة في الوحدات السكنية المطلوبة للشباب ويدعم المطورين، وهذه المبادرات الاستراتيجية تعتبر مكملًا أساسيًا لوجود ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري.
أشارت كذلك إلى أن وزارة الإسكان وصندوق الإسكان الاجتماعي يدرسان حاليًا طرح أراضٍ مخصصة للإسكان الاجتماعي على شركات التطوير العقاري، وأشادت بنموذج الشراكة القائم في جنوب مصر كتجربة ناجحة تستحق التعميم، خاصة في محافظات الصعيد التي تفتقر إلى وجود مطورين عقاريين بالخبرة والملاءة المالية الكافية لإنجاح المشروعات العقارية الكبرى، مما يعزز فكرة أن التكامل بين الجهات الحكومية والخاصة هو الطريق الأمثل لتنفيذ ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري بشكل فعال.
إن هذه الجهود المتكاملة، التي تشمل وضع ضوابط جديدة لتنظيم السوق العقاري وتطوير الكوادر الفنية وتشجيع الشراكات الفعالة، تمثل خارطة طريق واضحة لتعزيز استدامة ونزاهة القطاع، وضمان نموه بشكل صحي يلبي احتياجات المجتمع ويدعم الاقتصاد الوطني.