تُثير تعديلات قانون الإيجار القديم لغير القادرين اهتمامًا واسعًا في المجتمع المصري، حيث دخل التشريع الجديد حيز التنفيذ رسميا بعد تصديقه ونشره في الجريدة الرسمية، وهو ما يمثل بداية العد التنازلي لتصحيح العلاقة الإيجارية الموروثة منذ عقود، والتي كانت دائمًا مصدر جدل قانوني واجتماعي واسع النطاق بين الملاك والمستأجرين على حد سواء.
بدأ المستأجرون في سداد قيمة انتقال مؤقتة تبلغ 250 جنيهًا شهريًا اعتبارًا من الأول من سبتمبر 2025 ولمدة ثلاثة أشهر متتالية، وتأتي هذه الخطوة كإجراء انتقالي لحين انتهاء اللجان الفنية التي ستشكلها المحافظات من مهمتها الأساسية، والتي تتمثل في تصنيف المناطق السكنية المختلفة إلى ثلاثة مستويات رئيسية هي المتميزة والمتوسطة والشعبية؛ وهذا التصنيف هو الذي سيحدد بدقة القيمة الإيجارية الجديدة التي سيتم تطبيقها فعليًا بداية من شهر نوفمبر التالي، وهو ما يمهد الطريق لمرحلة جديدة من العلاقة بين الطرفين.
يهدف هذا القانون الجديد إلى إعادة هيكلة العلاقة الإيجارية التي بقيت ثابتة دون تغيير لعشرات السنين، حيث يسعى إلى تحقيق توازن عادل ومنصف بين حقوق المالك في استثمار ملكيته وحق المستأجر في سكن ملائم، وذلك من خلال وضع إطار زمني واضح لإنهاء العقود القديمة التي تعود إلى منتصف القرن العشرين؛ كما أنه يعمل على توفير بدائل سكنية مضمونة للفئات المستحقة، الأمر الذي يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية ومنع حدوث أي اضطرابات محتملة في السوق العقاري المصري.
ما هي أبرز تعديلات قانون الإيجار القديم لغير القادرين؟
مع بدء تطبيق القانون فعليًا، يبرز تساؤل مهم حول مصير الأسر غير القادرة على الوفاء بالالتزامات المالية الجديدة، والخوف من خطر الإخلاء يسيطر على الكثيرين منهم، ولكن التشريع الجديد وضع آليات واضحة للتعامل مع هذه الحالات الإنسانية، حيث أن الهدف ليس طرد المستأجرين بل تنظيم العلاقة بشكل يحفظ حقوق الجميع، وهذا يجعل من فهم بنود الدعم الاجتماعي والحماية التي يقدمها القانون أمرًا حيويًا لكل الأطراف المعنية.
لقد جاءت تعديلات قانون الإيجار القديم لغير القادرين لتضع حلولًا جذرية لهذه المشكلة، حيث نصت المادة السادسة منه على تأسيس صندوق خاص تكون مهمته الرئيسية هي تحمل مسؤولية تقديم الدعم اللازم للأسر التي يثبت عدم قدرتها على تدبير مسكن آخر، ويقوم هذا الصندوق بتقديم هذا الدعم إما بتوفير وحدات سكنية بديلة بشكل مباشر، أو من خلال صرف دعم نقدي يساعد هذه الأسر على تغطية تكاليف الإيجار في مسكنهم الجديد، وهذا الإجراء الوقائي يضمن عدم تعرض أي أسرة للتشرد بعد انتهاء مدة التعاقد الأصلية.
صندوق الدعم وآليات تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم
يوفر القانون آليات دعم متنوعة ومرنة تضمن وصول المساعدة إلى مستحقيها بالصورة الأمثل، حيث لا يقتصر الدعم على شكل واحد بل يتكيف مع ظروف كل أسرة، وتتضمن هذه الآليات ما يلي:
- توفير وحدات سكنية بديلة بالتعاون مع وزارة الإسكان وصندوق الإسكان الاجتماعي للأسر التي لا تمتلك أي بدائل سكنية أخرى.
- تقديم دعم نقدي يتم صرفه بشكل دوري، سواء كان شهريًا أو سنويًا، وفقًا لما ستحدده اللائحة التنفيذية للقانون لمساعدة المستحقين.
هذه الخيارات المزدوجة تمنح المستحقين القدرة على اختيار ما يناسبهم، وتضمن أن تعديلات قانون الإيجار القديم لن تكون عبئًا على الفئات الأكثر احتياجًا، بل ستكون مصحوبة بحماية اجتماعية حقيقية تتكفل بها الدولة، بما يضمن استقرارهم المعيشي والاجتماعي.
الفئات المستفيدة من تعديلات قانون الإيجار القديم وضمانات الحماية
وضعت المادة السابعة من القانون أولويات واضحة للاستفادة من صندوق الدعم، مؤكدة على ضرورة حماية الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، وهذه الأولوية تعكس التزام الدولة بالبعد الإنساني والاجتماعي أثناء تنفيذ القانون، وتأتي الفئات التي لها الأولوية في الحصول على الدعم كما يلي:
- الأرامل اللاتي فقدن عائلهن.
- المطلقات اللاتي يواجهن تحديات اقتصادية.
- كبار السن الذين لا يمتلكون مصدر دخل كافٍ.
- الأشخاص من ذوي الإعاقة لتأمين استقرارهم.
تؤكد المادة الثامنة من القانون أن أي مستأجر يتم تصنيفه ضمن فئة “غير القادرين” لن يُترك لمواجهة مصيره بمفرده؛ حيث ألزمت الحكومة ممثلة في الصندوق المختص بتوفير حلول فورية وعملية، سواء بتأمين سكن بديل مناسب أو بتقديم دعم مادي يكفي لتغطية نفقات السكن، وهذه الضمانة القانونية تمنع بشكل قاطع تعرض أي أسرة للضياع أو التشرد، وتجعل من تعديلات قانون الإيجار القديم لغير القادرين نموذجًا للتغيير المدروس.
وبهذه الإجراءات المتكاملة، يسعى التشريع الجديد إلى طي صفحة العقود الممتدة لعقود مع ضمان استقرار الأسر المستحقة، حيث تمثل هذه الضمانات حجر الزاوية في إنجاح تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم لغير القادرين بشكل عادل ومستدام.