رسمياً الآن.. مصرف ليبيا المركزي يصدر تعليماته الجديدة للمصارف التجارية.

تأتي أحدث تعليمات مصرف ليبيا المركزي للمصارف التجارية لتضع ضوابط صارمة على القطاع المالي، حيث تهدف هذه الإجراءات الصادرة مؤخرًا إلى إعادة هيكلة آليات التمويل وضمان استقرار النظام المصرفي في البلاد، وفي هذا الإطار، أعلن المصرف عن مجموعة من القرارات الحاسمة التي ستؤثر بشكل مباشر على استراتيجيات المصارف خلال الفترة المقبلة وحتى نهاية العام 2025، مما يعكس توجهًا جديدًا نحو إدارة المخاطر الائتمانية بشكل أكثر تحفظًا.

أبعاد تعليمات مصرف ليبيا المركزي للمصارف التجارية وتأثيرها

تتمثل أبرز ملامح القرار الجديد في وقف منح التمويلات للجهات الاعتبارية بشكل مؤقت حتى نهاية عام 2025، وهو إجراء يستهدف بشكل أساسي الشركات والمؤسسات الكبرى التي تعتمد على الاقتراض المصرفي لتوسيع عملياتها، وتشكل هذه الخطوة تحولًا جذريًا في سياسات الإقراض المتبعة، حيث تسعى إلى الحد من تركز المخاطر في محافظ المصارف الائتمانية، وتأتي هذه الخطوة الهامة ضمن سلسلة تعليمات مصرف ليبيا المركزي للمصارف التجارية التي تهدف إلى تعزيز متانة القطاع المالي، فهذا القرار لا يقتصر تأثيره على الجهات الاعتبارية فقط؛ بل يمتد ليؤثر على ديناميكيات السوق بأكمله عبر توجيه السيولة نحو قنوات أخرى قد تكون أقل خطورة وأكثر دعمًا للاقتصاد الفردي.

علاوة على ذلك، فرضت الضوابط الجديدة حدًا أقصى للتوسع في المحفظة الائتمانية الإجمالية للمصارف التجارية، بحيث لا يتجاوز هذا التوسع نسبة 7% من رصيد المحفظة المسجل في نهاية عام 2024، ويعتبر هذا السقف المحدد أداة رقابية فعالة لمنع النمو المفرط في الإقراض الذي قد يؤدي إلى فقاعات ائتمانية أو زيادة في حجم الديون المتعثرة، ومن خلال هذا القيد، يضمن المصرف المركزي أن نمو المصارف يتم بشكل مستدام ومدروس، بما يتوافق مع القدرة الاستيعابية للاقتصاد الليبي، ويعكس هذا القيد بوضوح التزام المصرف بتنفيذ تعليمات مصرف ليبيا المركزي للمصارف التجارية بدقة متناهية.

أهداف قرار المصرف المركزي والتركيز على تمويل الأفراد

تهدف هذه الإجراءات التنظيمية بالدرجة الأولى إلى تعزيز استقرار القطاع المصرفي والحد من المخاطر المرتبطة بعمليات الإقراض الواسعة، فبحسب الرسالة الصادرة عن مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد، السيد عبدالمجيد الماقوري، لوحظ تزايد ملحوظ في طلبات المصارف لتمويل الأفراد، والذي أصبح يمثل المصدر الرئيسي لدخلها، وهذا التوجه دفع المصرف المركزي إلى إعادة تقييم التوازنات في السوق، حيث إن التركيز المفرط على نوع واحد من التمويل قد يخلق اختلالات هيكلية، ولذلك جاءت تعليمات مصرف ليبيا المركزي للمصارف التجارية لتشجيع تنويع مصادر الدخل وإدارة المخاطر بصورة أكثر شمولية.

إن التحول نحو التركيز على تمويل الأفراد يأتي كاستجابة طبيعية لمتطلبات السوق، ولكنه يتطلب في الوقت ذاته إطارًا تنظيميًا يضمن عدم تحوله إلى مصدر خطر جديد، وتبرز أهمية هذه التعليمات في كونها تضع آليات واضحة لتحقيق هذا التوازن الدقيق، وتتجسد هذه التوجيهات الجديدة في مجموعة من الإجراءات التنفيذية التي يجب على كافة المصارف الالتزام بها، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • الإيقاف المؤقت لمنح أي تمويلات جديدة للجهات الاعتبارية حتى نهاية عام 2025.
  • التقيد الصارم بالحد الأقصى المحدد للتوسع في المحفظة الائتمانية بنسبة لا تتجاوز 7% من رصيدها المسجل بنهاية 2024.
  • قبول الخضوع لعمليات رقابية مكثفة ودقيقة لضمان الامتثال الكامل لهذه القرارات.

تضمن هذه النقاط أن تعليمات مصرف ليبيا المركزي للمصارف التجارية لا تبقى مجرد حبر على ورق، بل تتحول إلى ممارسات فعلية تساهم في تحقيق الاستدامة المصرفية المنشودة.

ضوابط وآليات الرقابة لتنفيذ تعليمات مصرف ليبيا المركزي

أكد مصرف ليبيا المركزي أن جميع المصارف التجارية ستخضع لرقابة دقيقة ومستمرة لضمان التزامها الكامل بتطبيق التعليمات الجديدة، فهذه الرقابة ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية المصرف لضمان تحقيق الاستقرار المالي وحماية أموال المودعين، وسوف تشمل آليات المراقبة مراجعة دورية للمحافظ الائتمانية وتحليل بيانات الإقراض للتأكد من عدم تجاوز الحدود المقررة، وهذا التشديد الرقابي يعزز من مصداقية تعليمات مصرف ليبيا المركزي للمصارف التجارية ويجعلها ركيزة أساسية لتعزيز الحوكمة في القطاع.

إن فرض هذه الضوابط الصارمة يعكس رؤية طويلة الأمد تهدف إلى بناء قطاع مصرفي ليبي مرن وقادر على مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية، ومن المتوقع أن تسهم هذه الإجراءات في تعزيز الثقة بين العملاء والمصارف من جهة، وبين المصارف الليبية والمؤسسات المالية الدولية من جهة أخرى، كما أن الالتزام بتطبيق تعليمات مصرف ليبيا المركزي للمصارف التجارية يعد مؤشرًا قويًا على جدية السلطات النقدية في إصلاح القطاع المالي وتوجيهه نحو ممارسات أكثر أمانًا واستدامة.

وبهذه الخطوات التنظيمية، يرسم المصرف المركزي مسارًا جديدًا للقطاع المصرفي يوازن بين متطلبات النمو وضرورة الحفاظ على الاستقرار المالي، مما يعزز الثقة في النظام المصرفي الليبي على المدى الطويل ويؤكد على أهمية الالتزام الشامل بتلك الإجراءات لتحقيق الأهداف المرجوة.