أطلقت شركة السعودية لإعادة التمويل العقاري برنامج التوريق المحلي الذي يتضمن إصدار أول أوراق مالية مدعومة بالتمويلات العقارية السكنية، ما يعزز من سوق التمويل العقاري ويتيح فرصًا استثمارية مميزة في أصول ذات جودة ائتمانية عالية ومدة استحقاق متوسطة. هذا البرنامج يمثل نقلة نوعية في تطوير أدوات التمويل العقاري بالمملكة، من خلال تعزيز السيولة وزيادة قدرة البنوك على الإقراض وخفض تكلفة التمويل السكني.
كيف يُعزز برنامج التوريق من أدوات التمويل العقاري في السعودية
أكد محمد الخرس، رئيس مجلس إدارة شركة إنوفست العقارية، أن الموافقة على إطلاق أول برنامج للأوراق المالية المدعومة بالتمويلات السكنية بمثابة بداية مرحلة جديدة لتطوير أدوات التمويل العقاري في السوق السعودي، الأمر الذي سيؤثر إيجابيًا على القطاع المالي والعقاري ويعزز من استدامة النمو وتوسيع قاعدة التمويل. ويُعرف التوريق بكونه عملية تحويل القروض العقارية طويلة الأجل إلى أوراق مالية تُباع للمستثمرين مقابل التدفقات النقدية المستقبلية، مما يمكّن البنوك من تحرير السيولة المجمّدة وإعادة تدويرها؛ وهذا يؤدي إلى خفض تكلفة التمويل على المستفيدين.
من جهته، أوضح فارس القحطاني، رئيس قسم الأبحاث في صكوك المالية، أن التوريق يتيح للبنوك والجهات التمويلية بيع أصولها المالية وتحويلها إلى أوراق مالية يمكن تداولها، مما يزيد من السيولة ويعزز قدرة المؤسسات المالية على منح المزيد من التمويلات السكنية بتكلفة أقل، نتيجة لزيادة المنافسة وتحولة السوق نحو خيارات تمويلية أكثر مرونة.
تلبية الطلب المتزايد: توسعة قدرة البنوك على الإقراض ودورها في نمو السوق العقاري
تَساعد آلية التوريق البنوك على بيع جزء من محافظ القروض العقارية وتحوّلها إلى سيولة نقدية فورية، يمكن استخدامها في تمويلات جديدة؛ وهذا يضاعف من قدرة القطاع المالي على تلبية الطلب المتنامي على التمويل السكني. وذكر الخرس أن زيادة قدرة البنوك على الإقراض تنعكس مباشرة على نمو الطلب على الوحدات السكنية، وهو ما يدفع المطورين إلى التوسع في إنشاء مشاريع جديدة تلبي هذه الطلبات. ويضيف القحطاني أن استمرارية نجاح هذه الخطوة تعتمد على قدرة الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري على جذب التمويل عبر إصداراتها، إضافة إلى تقبل المستثمرين، خصوصًا الأجانب منهم، للأوراق المالية المرتبطة بالعقارات داخل السوق السعودي.
أدوات استثمارية مبتكرة وفرص متنوعة في السوق المالية السعودية عبر التوريق
يُعد إدخال الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية (MBS) علامة فارقة توفر للسوق المالية أداة استثمارية جديدة تجذب صناديق التقاعد، وشركات التأمين، وصناديق الاستثمار التي تبحث عن أصول مستقرة وتدفقات نقدية طويلة الأجل. ويوضح الخرس أن هذا التنوع يعمق السوق ويقوي ثقة المستثمرين المحليين والدوليين. وفي السياق ذاته، يشير القحطاني إلى أن هذه الأوراق تقسم إلى شرائح (Tranches) ذات مستويات مخاطرة وعائد مختلفة، ما يتيح للمستثمرين اختيار خيار يناسب استراتيجياتهم المالية، ويزيد من مرونة إدارة المخاطر داخل السوق المالية، تمامًا كما هو متبع في الأسواق العالمية المتقدمة.
كما يمهد برنامج التوريق الطريق لسوق ثانوية نشطة، حيث يمكن إعادة بيع الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية وتداولها، مما يعزز من سيولة السوق ويزيد من جاذبيتها للمستثمرين. وتُظهر تجارب عالمية مثل فاني ماي وفريدي ماك في الولايات المتحدة نجاح هذا النموذج في بناء سوق ثانوية قوية ومستقرة.
ضوابط قوية للحد من مخاطر التوريق وتجنب أزمات السوق العقاري
وفقًا للخُبراء، الفرص والمخاطر في تطبيق التوريق داخل المملكة تخضع لرقابة صارمة من البنك المركزي، مما يحجم احتمالات الأزمات المالية المرتبطة بهذا النوع من التمويل، خاصة أن الطلب على التمويل السكني يرتكز على حاجة حقيقية لملاك مساكنهم الأولى. وتختلف التجربة السعودية تمامًا عن أزمة 2008 في الولايات المتحدة التي نشأت من عوامل عدة، منها توسع واسع في الإقراض عالي المخاطر وضعف الرقابة، فيما يتم دعم التوريق بالمملكة بأصول عقارية ذات قيمة حقيقية ومتانة عالية.
وبيّن القحطاني أن التوريق كأداة استمر وجوده في الأسواق العالمية منذ سبعينيات القرن الماضي ولم يسبب مشاكل إلا عند تراكم عوامل خارجية غير طبيعية؛ أما في السعودية، فتشكل القروض العقارية السكنية حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر على أمان السوق مقارنةً بنسبة 75% التي كانت موجودة في الولايات المتحدة وقت الأزمة، ما يعكس متانة القاعدة الاقتصادية ويحدّ من المخاطر النظامية المحتملة.
- التوريق يعزز من سيولة البنوك ويزيد قدرتها على الإقراض.
- يوفر أداة استثمارية جديدة تجذب المستثمرين المؤسسيين.
- يساهم في تنويع سوق رأس المال السعودي وزيادة عمقه.
- يُمكِّن المستثمرين من اختيار شرائح بمخاطر وعوائد متفاوتة.
- يدعم وجود سوق ثانوية نشطة للأوراق المالية العقارية.
- تطبق ضوابط مصرفية صارمة للحد من المخاطر المالية.