شهد الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة جدلاً واسعًا حول تحركاته الحقيقية، حيث أشارت تصريحات محمود محيي الدين إلى ركود الإنتاج خلال عقد كامل، رغم ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، مما يفتح نقاشًا مهمًا حول واقع الاقتصاد المصري والابتعاد عن صندوق النقد الدولي كخيار استراتيجي.
تحليل أداء الاقتصاد المصري خلال السنوات العشر الماضية
أوضح محمود محيي الدين أن الاقتصاد المصري لم يشهد تحركًا حقيقيًا في الناتج المحلي الحقيقي منذ عامي 2015 و2016، ما يعني أن حجم الإنتاج الفعلي للسلع والخدمات ظل ثابتًا تقريبًا رغم زيادة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي على الورق. الناتج المحلي الحقيقي يعكس القدرة الفعلية للاقتصاد على توليد السلع والخدمات، وهو ما لم يشهد نموًا ملحوظًا، بينما الناتج المحلي الاسمي ارتفع بشكل كبير نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار التي تضاعفت خلال الفترة الماضية.
وأفاد الخبير المصرفي عز الدين حسانين أن التضخم وارتفاع الأسعار المحلية والمستوردة أدى إلى مضاعفة حجم الناتج المحلي الاسمي من حوالي 2 تريليون جنيه في 2015 إلى ما يقارب 20 تريليون جنيه في 2025، مدفوعًا بزيادة الإنفاق الحكومي على المشروعات القومية والبنية التحتية، لكنها لم تصاحب زيادة معتبرة في الإنتاج الفعلي. وهذا يعكس انخفاضًا في هيكل الإنتاج الحقيقي للاقتصاد المصري رغم المؤشرات الإيجابية على الورق.
النمو الاقتصادي المصري وتحديات الابتعاد عن صندوق النقد الدولي
على الرغم من مطالب محمود محيي الدين بالابتعاد عن صندوق النقد الدولي، لجأت مصر إلى الصندوق في 2022 للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، مع تنفيذ حزمة إصلاحات اقتصادية شملت تحرير سعر الصرف والتخارج من بعض الأنشطة الاقتصادية. وزادت قيمة القرض إلى 8 مليارات دولار في 2024 لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث استفادت مصر من 3.3 مليار دولار ضمن مراجعات البرنامج.
وأكد الخبراء الاقتصاديون مثل وليد جاب الله أن التعاون مع صندوق النقد يتم وفق برنامج مصري خالص يأخذ بالاعتبار خصوصية السوق المحلية، مع الالتزام بالمعايير الدولية. وأشار جاب الله إلى أن تحقيق مصر نجاحات ملموسة في التعاون المالي يثبت جدوى هذا النهج بدلاً من الطرح المطلق لعدم التعاون مع الصندوق.
مؤشرات الاقتصاد المصري وواقع النمو الحقيقي مقابل الاسمي
بينت بيانات الناتج المحلي الإجمالي أن الاقتصاد المصري شهد ارتفاعًا مستمرًا في القيمة الاسمية منذ 2016، حيث ارتفع الناتج من 3.5 تريليون جنيه إلى 13.1 تريليون جنيه في 2025، مع تسجيل نمو في الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4.5% في السنة المالية 2024-2025 مقارنة بنسبة 2.4% في العام السابق، وذلك بدعم الإصلاحات الاقتصادية وزيادة إنتاج الصناعات التحويلية.
ومع ذلك، يشدد المحللون على ضرورة التمييز بين النمو الاسمي والنمو الحقيقي في الاقتصاد المصري، خاصةً عند الحديث عن السياسات المستقبلية وفرص النمو المستدام. يشير النمو الحقيقي إلى تحسين الطاقة الإنتاجية وزيادة الكميات المنتجة، وهو ما يلعب الدور المحوري في دفع الاقتصاد نحو آفاق جديدة من التنافسية والاستقرار.
السنة | الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (تريليون جنيه) |
---|---|
2016 | 3.5 |
2017 | 4.3 |
2018 | 5.2 |
2019 | 5.9 |
2020 | 6.4 |
2021 | 7.1 |
2022 | 8.4 |
2023 | 9.9 |
2024 | 11.2 |
2025 | 13.1 |
بهذه الأرقام والتفسيرات، يتضح أن الاقتصاد المصري يحتاج إلى سياسات تعزز النمو الحقيقي وتطوير الإنتاج بعيدًا عن الاعتماد على المؤشرات الاسمية فقط، مع الحفاظ على التعاون المالي الدولي وفق آليات تراعي خصوصية الاقتصاد الوطني.