توفير شبكات بديلة اليوم ينصف المستأجر والمالك بعد قانون الإيجار في مصر 2025

لم تسري أحكام القانون الجديد إلا على عقود الإيجار القديم التي تم توقيعها قبل 31 يناير 1996، التاريخ الذي اتخذت فيه الدولة خطوات لتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، مما أدى إلى تفاوت حاد في أسعار الإيجارات في مصر منذ ذلك الحين. مستأجرو وحدات الإيجار القديم كانوا يتمتعون بحماية تضمن دفعهم مبالغ رمزية حتى في أفخر المناطق.

تأثير القانون الجديد على معاناة ملاك عقارات الإيجار القديم

يرى مؤيدو تنفيذ القانون الجديد أنه سيخفف من المعاناة التي يعانيها ملاك العقارات القديمة، الذين ظلوا لفترات طويلة مقيدين بتثبيت قيمة الإيجار، مما جعل عائداتهم ضئيلة جداً وحالت دون قيامهم بصيانة المباني. بالمقابل، يتساءل العديد من الملاك مثل طارق محمد، البالغ من العمر 61 عامًا في القاهرة، عن عدالة هذا الأمر، متسائلًا: “كيف يبقى المستأجر في وضعه القديم من الفقر مع بلوغه سن التقاعد، في حين لا يتغير وضع المالك؟”، خاصة أن بعض المستأجرين هم أيضًا من الأرامل والمطلقات وأصحاب المعاشات. محمد لا يتقاضى سوى 12 جنيهًا شهريًا مقابل إيجار شقتين، وجنيهان إيجار محل تجاري واحد.

التزام الحكومة وتأمين مسكن للمستأجرين القدامى خلال تطبيق الإيجار القديم الجديد

في 27 أغسطس، وافق مجلس الوزراء على لوائح لتخصيص وحدات سكنية للمستأجرين القدامى، سواء بالإيجار أو التمليك، بعد حكم قضائي في نوفمبر السابق قضى بعدم دستورية قانون الإيجار القديم وألزم الحكومة بحل المعضلة. أكد محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، التزام الدولة بضمان توفير سكن مناسب لجميع المستأجرين المستحقين قبل بدء تطبيق القانون، وأشار إلى أن “لن يكون هناك عائلات بلا مسكن”. رغم ذلك، أثار خبراء مثل الباحثة مي قابيل من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مخاوف بشأن سرعة إصدار القانون؛ فقد أشارت إلى نقص البيانات التفصيلية حول المستأجرين وعددهم، داعية إلى دراسة أعمق للموضوع قبل التنفيذ.

كيفية تطبيق زيادة الإيجارات الجديدة وتأثيرها على الأسر المصرية

تتضمن خطة تطبيق القانون مرحلتين انتقاليتين، تمتد الأولى لسبع سنوات على الوحدات السكنية، والثانية لخمس سنوات للوحدات غير السكنية، حيث سترتفع الإيجارات بنسبة تصل إلى عشرين ضعفًا في المناطق المتميزة وعشرة أضعاف في المناطق المتوسطة والاقتصادية. وسيكون الحد الأدنى للإيجار ألف جنيه في المناطق الراقية، و400 جنيه في المناطق المتوسطة، و250 جنيهًا في الأحياء الأقل دخلًا. وتتكفل لجنة حكومية بمراجعة هذه الأسعار وتحريكها بمعدل زيادة سنوي 15% خلال الفترة التالية.

يرى كثير من الناس أن هذه الزيادات كبيرة مقارنة بالرواتب، خاصة أن الحد الأدنى للأجور الرسمي يبلغ 7000 جنيه شهريًا، فيما يتقاضى بعض العاملين في القطاع الخاص أقل من ذلك، كما أن نسبة الإنفاق على السكن تمثل نحو ربع ميزانية الأسرة بحسب الباحثة مي قابيل، مما يزيد العبء المالي على المواطنين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة المستمر.

يشير مرصد العمران إلى أن نحو 530 ألف أسرة تعتمد على شقق الإيجار القديم وتحتاج إلى دعم، وهو ما يزيد من الضغط على المعروض السكني المتواضع، فعلى مدار العقد الماضي، تم توفير ما يقرب من 69 ألف وحدة سكنية سنويًا عبر برنامج الإسكان الاجتماعي. ويشكل توزيع هذه الوحدات تحديًا كبيرًا بسبب قوائم الانتظار الطويلة، في حين يرى مصمم المدن أحمد زعزع أن التوزيع المحتمل للبيوت الجديدة في أطراف القاهرة قد يزيد العبء على القاطنين؛ إذ يبتعدون عن أماكن العمل والخدمات الحيوية، بينما يمكن أن يؤثر العرض المفاجئ للوحدات للبيع أو الإيجار على أسعار العقارات وسير التطوير في المناطق التاريخية، مما قد يغير المشهد العمراني ويزيل الطابع الشعبي والتاريخي.

بالنسبة لمحمد حسن، صاحب محل تجاري في الخصوص شمال القاهرة، الإيجار الجديد لا يهدد منزله فقط، بل مصدر رزقه، إذ قال: “حياتي تدمرت، سأخرج من المحل بعد خمس سنوات، ومن الشقة بعد سبع سنوات، فأين أذهب؟”.

هذه التحولات تعكس تعقيدات تنفيذ قانون الإيجار القديم الجديد، وما يترتب عليها من تحديات اقتصادية واجتماعية تحتاج إلى توازن دقيق بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين.