ذكرى رحيله.. كيف بقي يوسف وهبي رمز المسرح العربي وصوته خالدًا في الفن

يوسف وهبي، عملاق المسرح والفن العربي، ترك بصمة لا تُمحى في عالم المسرح والسينما المصرية والعربية، حيث أسهم عبر مسيرة مهنية امتدت لأكثر من ستة عقود في إثراء الساحة الفنية بأعمال خالدة، وما زال اسمه يتردد بين روّاد الفن الكلاسيكي.

رحلة يوسف وهبي في المسرح وتأثيره على فن التمثيل العربي

وُلد يوسف عبد الله هديب وهبي عام 1898 في الفيوم، ونشأ في أسرة ميسورة، وكان والده يعمل مفتشًا للري، مما سمح له بتلقي تعليم جيد في بيئة ثقافية راقية، وبدأ شغفه بالتمثيل مبكرًا، مما دفعه للسفر إلى إيطاليا عقب الحرب العالمية الأولى لدراسة المسرح على يد كبار المعلمين هناك، ليعود إلى مصر عام 1921 ويبدأ رحلته المسرحية احترافية.
انطلق يوسف وهبي في عالم المسرح عبر انضمامه إلى فرقتي حسن فايق وعزيز عيد، ثم أسس فرقة رمسيس المسرحية، التي أصبحت مدرسة فنية لصقل المواهب، وقدم من خلالها أكثر من ثلاثمئة مسرحية متنوعة بين المؤلفة والمعربة والمقتبسة، أبرزها: «الموت المدني»، «راسبوتين»، «ابن الفلاح»، «بنت مدارس»، «أولاد الشوارع»، «ناكر ونكير»، و«بيومي أفندي»، ما جعل فرقة رمسيس علامة فارقة في المسرح العربي.

يوسف وهبي ودوره الريادي في صناعة السينما العربية الناطقة

في عام 1930، أسس يوسف وهبي مع محمد كريم شركة «رمسيس فيلم» ليبدأ إنتاج الأفلام السينمائية، وكانت أولى إنتاجاته فيلم «زينب» الذي لاقى صدى واسعًا، قبل أن يقدم عام 1932 فيلم «أولاد الذوات» الذي يعتبر أول فيلم عربي ناطق، وقد كتب يوسف نصه بنفسه مستندًا على مسرحية ناجحة من تأليفه، مما جعل العمل محطة تاريخية في تاريخ السينما العربية.
تابع تقديم الأفلام عبر كتابة وإخراج عدة أعمال، منها فيلم «الدفاع» عام 1935 الذي شارك في إخراجه مع المخرج نيازي مصطفى، ثم فيلم «المجد الخالد» عام 1937، الذي جمع فيه بين التمثيل والإخراج والتأليف. واستمرت مسيرته السينمائية لتشمل أعمالاً بارزة مثل «غزل البنات»، «حياة أو موت»، «القاهرة 30»، «الاختيار»، و«كرسي الاعتراف»، ليصبح رصيده السينمائي حوالي ستين فيلمًا.

تكريمات يوسف وهبي وإنجازاته الشخصية والإنسانية

نال يوسف وهبي تقديرًا رسميًا وشعبيًا نظير إنجازاته الفنية وإنسانيته، حيث حصل على رتبة البكوية من الملك فاروق، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1960، إضافة إلى جائزة الدولة التقديرية مرتين، كما مُنح الدكتوراه الفخرية تكريمًا لمساهماته؛ وقد تفرد بوسام من بابا الفاتيكان للدفاع عن الحقوق الكاثوليكية، ليكون أول مسلم ينال هذا الشرف اللافت.
رغم خمس زواجات، لم يُثمر زواجه نهاية الأبناء، وكان معروفًا بوفائه لزوجته الأخيرة سعيدة هانم منصور التي رافقته حتى وفاته في 17 أكتوبر 1982، عن عمر يناهز أربعة وثمانين عامًا، مخلفًا وراءه إرثًا فنيًا وإنسانيًا متعدد الجوانب يستمر تأثيره عبر الأجيال.