صدمة في التعليم السعودي: متفوقون محكوم عليهم بالفشل ومصير مجهول

يُعد نظام متابعة الغياب والانضباط المدرسي في المملكة العربية السعودية من أكثر الأنظمة أهميةً التي تعكس تحولًا جوهريًا في طريقة إدارة العملية التعليمية، حيث تركّز على ضرورة حضور الطالب اليومي وعدم التغاضي عنه بأي حال من الأحوال، ما يعكس إدراكًا عميقًا بأن التعليم لا يتوقف عند حدّ الكتب أو التلقين فقط بل يتطلب التزامًا ومشاركة فعلية داخل المدرسة.

أثر نظام متابعة الغياب والانضباط على مستقبل الطلاب الأكاديمي

أثار قرار وزارة التعليم السعودي بشأن حرمان الطلاب من النجاح في حال تجاوز نسبة الغياب المسموح بها دون عذر نظامي جدلًا واسعًا، فرغم تفوق البعض دراسيًا إلا أن استمرار التغيب يمثل خللًا خطيرًا في العملية التعليمية؛ حيث تؤكد الوزارة على أن حضور الطالب والتزامه هما العنصران الأساس في تحقيق التقدم الحقيقي، فغياب الطالب الدائم يفقد العملية مضمونها بتحويله إلى مجرد حافظ للمعلومات دون تفاعل أو بناء معرفي.

ويُعد هذا النظام صارمًا لكنه عادل، إذ يربط بين التفوق الأكاديمي والانضباط بالحضور اليومي، ما يضع مسؤولية واضحة ليس فقط على الطالب بل وعلى الأسرة أيضًا للمتابعة، لذلك يُعتبر الحضور المنتظم شرطًا لا غنى عنه لاستحقاق النجاح وتجاوز المراحل الدراسية.

منصة “نور” ودورها الجوهري في نظام متابعة الغياب والانضباط المدرسي

تمثل منصة “نور” العمود الرقمي الرئيس الذي يدير عمليات الرصد الفورية للغياب والانضباط في المدارس السعودية، فهي تربط الوزارة بكافة أطراف العملية التعليمية من إدارة المدارس، والمعلمين، وأولياء الأمور، إلى الطلاب أنفسهم.

تعتمد المنصة على توثيق كل حالة غياب أو تأخير بصورة دقيقة وفورية، مما يتيح تجميع بيانات حية تُمكّن الوزارة من اتخاذ إجراءات سريعة وفعّالة لمعالجة ظاهرة الغياب؛ فتُفعّل لجان الإرشاد والتوجيه وتُطبق خطط متنوعة تستهدف تقليل التغيب، ما يجعل النظام التعليمي أكثر شفافية وصرامة، ويؤسس لبيئة تعليمية منتظمة وقادرة على التتبع والمحاسبة بدقة.

التعاون بين المدرسة والأسرة ومحورية الحضور في ترسيخ الانضباط

تؤمن وزارة التعليم أن نجاح نظام متابعة الغياب والانضباط لا يتم بالقرارات وحدها، بل يحتاج إلى شراكة قوية بين المدرسة والأسرة، حيث يُرسَل إشعارات فورية وتنبيهات إلكترونية لأولياء الأمور لتعزيز دورهم في متابعة أبنائهم.

تتحول الأسرة بذلك إلى شريك فعّال في تعزيز انضباط الطالب، مما يساهم في معالجة أسباب التغيب قبل تفاقمها وتحولها إلى سلوك دائم. كما أن حضور الطالب اليومي لا يمثل مجرد التزام رسمي، بل هو جزء من بناء شخصيته واحترامه للمواعيد والمسؤوليات، وهو نواة لصقل مهاراته الاجتماعية والتربوية داخل المجتمع المدرسي وخارجه.

إن الانضباط المرتبط بنظام متابعة الغياب لا يعكس فقط التزام القوانين، بل يشكل حجر الأساس في بناء جيل واعٍ وقادر على تحمل مسؤولياته، إذ أن المدرسة تعتبر مصنعًا لتشكيل القيم وزرع ثقافة الاحترام والمثابرة التي ترتقي بالمجتمع ككل، ما يجعل هذا النظام محوريًا في استشراف مستقبل تعليمي متين ومثمر للطلاب السعوديين.