نهاية ذا لاين.. تعثر حلم نيوم السعودي بين الطموح والواقع الهندسي

أطلق مشروع ذا لاين نيوم السعودي طموحًا هندسيًا فريدًا، حيث كان من المفترض أن يقام نموذج حضري مستقبلي بطول 170 كيلومترًا وارتفاع 500 متر، يستوعب تسعة ملايين نسمة في مدينة خالية من السيارات والانبعاثات؛ لكن الحلم اصطدم بتحديات معقدة في الهندسة والفيزياء والتمويل أدت إلى تعثر تنفيذ المشروع بشكل كبير.

التحديات الهندسية والفيزيائية التي واجهها مشروع ذا لاين نيوم السعودي

واجه مشروع ذا لاين نيوم السعودي منذ انطلاقه صعوبات هندسية غير مسبوقة، حيث حذّر مهندسون من صعوبة تعليق هياكل ضخمة بهذا الارتفاع، مشيرين إلى احتمال تحوّلها إلى “بندول متأرجح” مع كل حركة، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا للثبات. هذا بالإضافة إلى الجدار الزجاجي الممتد لمئات الكيلومترات، الذي يتطلب كميات هائلة من الفولاذ والخرسانة تفوق قدرة الإنتاج العالمي على مدى عقد من الزمن. تشير الدراسات إلى أن المرحلة الأولى فقط من المشروع تحتاج إلى وصول شحنة بناء كل ثماني ثوانٍ لتتمكن من إتمام الوحدات السكنية المطلوبة، مما يكشف عن مستوى تعقيد استثنائي في التنفيذ لم يسبق له مثيل.

تكلفة مشروع ذا لاين نيوم السعودي وتحديات التمويل وتأثيرها على تقدم المشروع

تجاوزت تكلفة مشروع ذا لاين نيوم السعودي خلال السنوات الماضية 50 مليار دولار، مع تقليص المرحلة الأولى من 20 وحدة إلى ثلاث وحدات فقط، حيث بلغت تكلفة كل وحدة 48 مليار دولار تقريبًا. ومع تراجع أسعار النفط وتباطؤ الاستثمارات الأجنبية، بدأ صندوق الاستثمارات العامة السعودي بتقليص مخصصاته، ما أثّر بشكل مباشر على وتيرة العمل. يُنظر الآن إلى المشروع كـ “خطة تطوير متعددة الأجيال” بدلاً من خطة تنفيذ محددة زمنياً، وهو انعكاس واضح لتأثير التمويل المحدود على طموحات المشروع الضخمة.

التحديات البيئية والمعمارية التي تعرقل إنجاز مشروع ذا لاين نيوم السعودي

لم تظهر التحديات التقنية فقط، بل أُثيرت مخاوف بيئية جادة نظرًا لموقع مشروع ذا لاين نيوم السعودي على مسارات الطيور المهاجرة، مما يهدد التنوع الحيوي في المنطقة. كما أن التصميم المكثف للمدينة يحد من دخول الضوء الطبيعي ويصعّب حركة الهواء، الأمر الذي استدعى تطوير أنظمة تهوية وإخلاء مبتكرة لا مثيل لها في مشاريع عمرانية بهذا الحجم عالميًا. هذه العقبات المعمارية تضيف بعدًا جديدًا لمشكلة التنفيذ، حيث يقتضي المشروع تجاوز قيود بيئية وصحية قوية لضمان استدامته.

رغم هذه العقبات المعقدة، تؤكد إدارة نيوم أن مشروع ذا لاين السعودي لا يزال أولوية استراتيجية، مع استمرار عمليات الحفر والبناء في مناطق مختارة، وتوجيه الجهود نحو مشاريع أخرى أكثر واقعية مثل منتجع تروجينا للتزلج وميناء سندالة السياحي. يُعد مشروع ذا لاين نيوم السعودي نموذجًا لطموح هندسي اصطدم بحدود الفيزياء والتمويل، ويُشكل نقطة انطلاق لإعادة تقييم مفاهيمَ عمرانية مبتكرة قد تثمر في المستقبل القريب أو البعيد، مع إمكانية تطوير نموذج أكثر قابلية للتنفيذ يلبي تطلعات رؤية 2030 السعودية.