الأسهم الأمريكية تتصاعد والداو جونز يتجاوز عتبة 47 ألف نقطة

تدور المنافسة الراهنة بين الولايات المتحدة والصين حول أشباه الموصلات، التي أصبحت نقطة التقاء الصراعات الجيوسياسية الحديثة وأحد أبرز عناصر القوة العالمية، فالرقاقة الإلكترونية تمثل اليوم محور تنافس استراتيجي لا يقتصر على التكنولوجيا فحسب، بل يشمل الأمن الاقتصادي والعسكري كذلك.

الرقاقة الإلكترونية وأثرها في الصراع التكنولوجي الجيوسياسي

لم تعد الرقاقة الإلكترونية مجرد مكون تقني داخل الأجهزة الذكية، بل تجاوزت ذلك لتصبح عنصرًا حيويًا في الصراع بين القوى الكبرى؛ فالولايات المتحدة تعتبر تقدم الصين في هذه التكنولوجيا تهديدًا وجوديًا لمكانتها، أما بكين فتراها حجر عثرة أمام صعودها. الصراع لم يعد قائمًا فقط على الرسوم التجارية، بل تحول إلى حرب شاملة تركز على إحكام السيطرة على سلسلة إمداد أشباه الموصلات، إذ من يتحكم بها يضمن التفوق في مجالات الذكاء الاصطناعي، الحوسبة الكمية، وقطاع التسلح المتطور. هذا الواقع يجعل من الرقاقة الإلكترونية ساحة صراع حقيقية، حيث ترتبط عملية تصنيعها بحلف عميق يشمل تايوان التي تستضيف أكبر شركة تصنيع وأشباه موصلات متقدمة وهي TSMC، إلى جانب كوريا الجنوبية وهولندا واليابان، ما يجعل أي اضطراب فيها يهدد الأمن الاقتصادي والتكنولوجي العالمي.

التحديات التي تواجه صناعة أشباه الموصلات بين الولايات المتحدة والصين

تتوزع قيادة صناعة أشباه الموصلات بين عدة دول، حيث تتحكم الولايات المتحدة في التصميم والبرمجيات، وتبرز تايوان وكوريا الجنوبية كقوتين رئيسيتين في التصنيع الدقيق، بينما تلعب هولندا دورًا محوريًا في توفير معدات الطباعة الضوئية واليابان في المواد المتخصصة. تعاني الصين من تأخر ملحوظ في هذه المجالات رغم استثمارات ضخمة، إذ تعتمد على استيراد تقنيات المعدات الحديثة التي تصنعها هذه الدول. لذلك، تبنت واشنطن سياسة حظر التصدير وفرض القيود على الشركات الصينية مثل “هواوي” و”SMIC”، إضافةً إلى تقوية شبكة تحالفات استراتيجية مع اليابان وهولندا وكوريا الجنوبية وتايوان لضمان تفوقها في معركة أشباه الموصلات. هذا الأمر أدى إلى تداخل الصراعات الاقتصادية والتكنولوجية مع المخاوف الأمنية، إذ ترتبط أشباه الموصلات بشكل مباشر بتشغيل الأسلحة المتطورة والطائرات المسيّرة والصواريخ الفائقة السرعة، مما جعلها عنصراً أساسيًا في الأمن القومي.

تداعيات “حرب السيليكون” على النظام العالمي ومستقبل التكنولوجيا

لم تعد المنافسة تقنية أو اقتصادية فقط، بل شكلت حربًا ثقافية وسياسية يشهدها النظام العالمي، حيث أضحى للعالم اليوم نظامان تكنولوجيان متعارضان؛ واحدٌ يهيمن عليه الغرب وأشباه موصلاته، وآخر يتطور وفقًا للنمو الصيني السريع، ما يضع الحلفاء في موقف حساس بينهما. هذا الانقسام يفاقم تحديات سلاسل التوريد، فيصل بتكاليف الإنتاج إلى مستويات مرتفعة، ويعطي الدول النامية خيارات محدودة تقلص من استقلاليتها الحديثة. كما تتحول أجزاء من أوروبا إلى بناء قطاع رقاقي مستقل لتفادي التبعية، ما يعكس انعكاسًا سياسيًا واقتصاديًا في استراتيجيات الدول. معايير السيطرة على أشباه الموصلات ستحدد من يحكم النظام العالمي الجديد، فالرقاقة لم تعد فقط “منتجًا اقتصاديًا”، بل أصبحت “سلاح قوة” يحدد مستقبل التكنولوجيا والهيمنة السياسية. فإذا كان القرن الماضي قد ارتبط بحروب النفط، فالقرن الحادي والعشرين سيكون قرن حروب السيليكون، حيث تتركز نقاط الاختناق في عدد محدود من المواقع الاستراتيجية، ما يجعل التعرض للصدمات والخلافات أحد التهديدات القصوى للاستقرار العالمي.

الدولة / المنطقة الدور في صناعة أشباه الموصلات المميزات والتحديات
الولايات المتحدة تصميم البرمجيات والتكنولوجيا الأساسية تفرض قيود تصدير وتكنولوجيا لمنع تقدم الصين
تايوان تصنيع رقائق السيليكون المتقدمة تستضيف أكبر مصنع عالمي (TSMC) وتعتبر نقطة توتر جيوسياسي
كوريا الجنوبية تصنيع متقدم وتطوير تكنولوجيا الذاكرة تلعب دورًا حيويًا بين التحالف الأمريكي والسوق الصينية
هولندا مورد معدات الطباعة الضوئية فرضت قيود على بيع المعدات للصين
اليابان توفير المواد المتخصصة شريك تقني استراتيجي للغرب في الصناعة