نساء الجزيرة في السودان: ضحايا الحرب ووصمة المجتمع

انتهاكات النساء في حرب الجزيرة تجسد معاناة لا حدود لها، حيث تحولت أجسادهن إلى ساحات للعنف المزدوج من المقاتلين والقيود الاجتماعية؛ في ولاية الجزيرة، بين اشتباكات الجيش وقوات الدعم السريع، واجهت النساء الجوع القاسي والحبس الإجباري، ثم الوصمة التي تطارد ناجياتهن، فالمرأة تُقتل في الشوارع برصاص العدو، وفي البيوت برصاص الأهل لأن شرفها يُقدَّر أكثر من حياتها، وفق إفادات نشرتها شبكة إعلاميات من مدني بتاريخ 1 ديسمبر 2025.

كيف واجهت النساء الجوع والإكراه في النزوح

غادرت (ع) قريتها مع أطفالها هرباً من الجوع الذي يهدد حياتهم، لكن سوق العمل تحت سيطرة قوات الدعم السريع فرض شروطاً قاسية ترتكز على المظهر والعرق، بل وتطالب بممارسات جنسية؛ لم تكن توقعاتها إلا لقمة عيش، لكنها وجدت نفسها مجبرة على نهب المحلات والمصانع، حيث يُفتح مصانع الزيت للنساء ذوات القوام الممتلئ، ومتاجر الملابس لمن يُرَين أقل جاذبية؛ بعد نهب متجر أواني لصاحبه المعروف، منحوها جوال أرز وأمروها بالعودة سيراً على الأقدام لساعتين، فاضطرت إلى رميه لتتمكن من السير رغم الجوع الذي يثقل خطواتها، مما يبرز كيف تحول الجوع إلى أداة للإذلال والانتهاك.

الحبس والخطر اليومي أثناء الاشتباكات

في مناطق الجزيرة، بات التجول مستحيلاً للنساء خوفاً من الانتهاكات الجنسية، إذ أعلنت قوات الدعم السريع أن مهمتهم اليومية تشمل استهداف أجسادهن كجزء من الحرب؛ في مجتمعات محافظة، يُعتبر ذكر اسم المرأة جريمة، ناهيك عن التهديد بالاغتصاب، فالتزمن المنازل إلا في الطوارئ، مثل حالة (ج) التي حملت ابنتها على عربة كارو أثناء مخاض الولادة، فسارتا ساعات وسط الأشجار والمياه متجنبتين نقاط التفتيش؛ لسوء الحظ، عثر عليهما المسلحون، فاحتجزوا الرجال وفتشوا الابنة في مناطق حساسة، مهددين بأخذ المولود، ثم خطفوا والدتها إلى الخرطوم حيث اختبأت في جوال ليومين قبل عودتها بمساعدة قوات أخرى، مما يظهر كيف يحول الحبس الحياة إلى سجن يومي مليء بالرعب.

الخطف والانتهاكات أثناء الرحيل

امتد العنف إلى الخطف من الأسواق والمنازل خلال النزوح، حيث يجمع الرجال النساء في منزل بعيد ويغلقون الأبواب ليواجهوا السياط أو القتل، بينما يختبئن في الخلاء مع الأفاعي والحشرات لأيام؛ قضين ليالٍ في المزارع وعادةً في الصباح، لكن المنازل أصبحت جحيماً مؤخراً، ولم يسلم العرائس من التصيد في الأعراس كانتقام عرقي، مع تهديد الأهل بتسليم بناتهم، مما دفع الرجال إلى الموت دفاعاً عن الشرف؛ في رحلة النزوح، سلكت النساء طرقاً طويلة مشياً أكثر من أسبوعين بعد تجريدهن من الأحذية، وصولاً إلى مراكز إيواء غير مستعدة، حيث واجهن تقرحات الأقدام والاغتصاب أمام أقربائهن كوسيلة إذلال؛ روت (غ) عن سيرهن ثلاثة أيام مع أطفالها وزوجة أخيها الحامل ووالدتها، فانفجر المخاض خلف حقول الذرة تحت المطر، فماتت زوجة الأخ ودُفنت هناك، ثم فقدت والدتها بعد ثلاثة أيام أخرى ودُفنت بأيدي الأطفال، مستمرين في السير رغم الفقدان.

لتوضيح أنماط الحماية المجتمعية، إليك قائمة بالطرق التي اعتمدها الأهالي:

  • جمع النساء في منازل مهجورة أثناء المداهمات، وردم الأبواب بالأشواك للتمويه.
  • دفع أموال طائلة للمسلحين لتجنب الخطف والاغتصاب والزواج القسري.
  • استخدام التصفير كإشارة تحذيرية للاختباء تحت الأسرة أو في المخازن أو خلف الأشجار.
  • تجميع الفتيات والأطفال في قرى آمنة أو بيوت الشيوخ ذات القدسية الظاهرية.
  • مراقبة النساء في مراكز الخدمات الصحية لمنع الحديث عن الانتهاكات خوفاً من الوصمة.

الوصمة والمحاكمات الاجتماعية بعد الحرب

رغم جهود الحماية، جاءت الوصمة كرد فعل مرير، إذ مات الرجال دفاعاً عن شرف بناتهم، وأصيبوا باضطرابات نفسية، بينما حُرمت النساء من خدمات الصحة النفسية والجنسية بسبب المراقبة الأسرية؛ في معسكرات اللجوء، يرافق الرجال النساء لمنع الكشف عن التجارب، وفي العيادات المتجولة يحرسون المقدمين؛ تفاقم الأمر مع الحوامل من الاغتصاب، فطُردن من المنازل خوفاً من الفضيحة، ليبدأن رحلة انتهاكات أخرى مع أطفال يذكرن بالجريمة؛ عند العودة، واجهن كراهية داخلية، كأنهن مسؤولات عن الحرب، واتُهم النزوح بجلب العادات السيئة وتفكيك المجتمعات، مما يجعلهن يدفعن فاتورة العنف في السلام والحرب معاً.

| نوع الانتهاك | التأثير على النساء |
|—————|———————–|
| الجوع والإكراه على النهب | فقدان الكرامة والتعرض للإذلال الجسدي. |
| الحبس الإجباري | عزلة نفسية وخطر الانتهاكات اليومية. |
| الخطف والاغتصاب | فقدان الأحبة وصدمات دائمة. |
| الوصمة الاجتماعية | طرد أسري ومحاكمات داخلية بدون جريمة. |

تلك الانتهاكات في حرب الجزيرة ليست مجرد ذكريات، بل جروح مفتوحة تطالب بالعدالة، فالنساء ناجيات يستحقن الحماية والاعتراف بقوتهن رغم الألم الذي لم يُطفئ إصرارهن على الحياة.