بيانات سوق العمل الأمريكي.. ردود فعل حادة تهز الأسواق العالمية

تباطؤ سوق العمل الأمريكي يتسارع في نوفمبر؛ إذ أفادت بيانات إضافة الوظائف الخاصة بانخفاض حاد بلغ نحو 32 ألف وظيفة، مما يعكس تراجعًا غير متوقع بعد الارتفاع الذي سجل في الشهر السابق، حيث كان الاقتصاديون يتوقعون زيادة طفيفة بلغت 5 آلاف وظيفة فقط، وهذا التباطؤ يثير تساؤلات حول استقرار الاقتصاد الأمريكي أمام التحديات الراهنة.

كيف أثر تباطؤ سوق العمل الأمريكي على الشركات الصغيرة؟

تعرضت المنشآت الأصغر حجمًا، تلك التي تضم أقل من 50 موظفًا، لخسائر جسيمة بلغت 120 ألف وظيفة خلال نوفمبر، وكان أبرزها في الشركات التي تشمل بين 20 و49 موظفًا حيث بلغ التراجع 74 ألف وظيفة، ويُعتبر هذا الأسوأ منذ مارس 2023؛ بينما نجحت الشركات الكبيرة، التي تضم 50 موظفًا فما فوق، في تحقيق زيادة صافية قدرها 90 ألف وظيفة، مما يبرز الفجوة الواضحة بين الأحجام المختلفة في مواجهة الضغوط الاقتصادية، وتُعد شركة إيه دي بي، المختصة في إدارة الموارد البشرية، مصدر هذه البيانات التي تكشف عن عمق التحديات في سوق العمل الأمريكي.

في قطاعات معينة، برزت بعض الإيجابيات رغم الجو العام السلبي؛ إذ أضاف التعليم والرعاية الصحية معًا 33 ألف وظيفة جديدة، كما ساهم قطاع الترفيه والضيافة بـ13 ألف وظيفة إضافية، ومع ذلك، غلب التراجع على معظم المجالات حيث خسرت الخدمات المهنية والأعمال 26 ألف وظيفة، تلتها خدمات المعلومات بـ20 ألف، والصناعة بـ18 ألف، أما الأنشطة المالية والإنشاءات فقد سجل كل منهما انخفاضًا يبلغ 9 آلاف وظيفة، وهذه التوزيعات تُظهر كيف ينتشر تباطؤ سوق العمل الأمريكي عبر التنوع الاقتصادي.

ما دلالات تباطؤ نمو الأجور في سياق سوق العمل الأمريكي؟

شهد نمو الأجور تباطؤًا ملحوظًا، إذ ارتفعت الأجور للموظفين الذين بقوا في مناصبهم بنسبة 4.4% على أساس سنوي، أي انخفاضًا بـ0.1% عن أكتوبر، وهذا يعكس ضغوطًا إضافية على الدخل المتوسط في ظل الظروف غير المستقرة؛ وقالت نيلة ريتشاردسون، الاقتصادية الرئيسية في إيه دي بي، إن التوظيف أصبح غير منتظم مؤخرًا بسبب حذر أصحاب الأعمال تجاه تصرفات المستهلكين والاقتصاد المتقلب، مشيرة إلى أن التراجع في نوفمبر امتد لعدة قطاعات لكنه كان أشد في الشركات الصغيرة.

تزداد المخاوف الاقتصادية مع اقتراب اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في 9 و10 ديسمبر؛ إذ تعد بيانات إيه دي بي آخر مؤشر يصل إليه قبل الاجتماع، وتتوقع الأسواق احتمالًا بنسبة 90% لخفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، رغم تردد بعض الأعضاء حول الحاجة لمزيد من التيسير، ويتناقض موقف المسؤولين حيث يدعو البعض للتخفيض لمواجهة تباطؤ سوق العمل الأمريكي وتجنب الركود، بينما يحذر آخرون من تعزيز التضخم الذي يفوق الهدف بنسبة 2%.

ولإيضاح التغييرات في القطاعات، إليك جدولًا يلخص الوضع:

القطاع التغيير في الوظائف
التعليم والرعاية الصحية +33,000
الترفيه والضيافة +13,000
الخدمات المهنية والأعمال -26,000
خدمات المعلومات -20,000
الصناعة -18,000
الأنشطة المالية -9,000
الإنشاءات -9,000

تأثير تباطؤ سوق العمل الأمريكي على الأسواق المالية

أدى الإعلان عن هذه البيانات إلى ردود فعل فورية في الأسواق؛ إذ ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي بنحو 94 نقطة أو 0.2%، كما صعدت تلك الخاصة بمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.3%، بينما زادت عقود ناسداك 100 بـ0.2%، وفي أسواق السلع، تقدم الذهب بنسبة 0.75% إلى 4252 دولارًا للأونصة، والفضة بحوالي 0.37% إلى 4221 دولارًا، أما عقود النفط الخام الأمريكي فقد انخفضت بنسبة 0.4%، مما يعكس توازنًا بين القلق الاقتصادي والتوقعات لدعم من الفيدرالي.

من المتوقع أن يصدر مكتب إحصاءات العمل تقريره عن الوظائف غير الزراعية في 16 ديسمبر، بعد تأجيل بسبب الإغلاق الحكومي، وستكون هذه البيانات حاسمة لفهم مدى عمق تباطؤ سوق العمل الأمريكي؛ ومع تعديل أرقام أكتوبر لتظهر زيادة 47 ألف وظيفة بدلاً من 42 ألفًا، يبقى التركيز على كيفية استجابة السياسات للحفاظ على التوازن الاقتصادي.