تراجع متواصل في سعر الدولار أمام الجنيه.. ما تأثير الأموال الساخنة؟

الدولار يواصل الهبوط أمام الجنيه المصري وسط تزايد دور الأموال الساخنة التي تؤثر بشكل مباشر في سعر الصرف، حيث شهدت الفترة الأخيرة تقلصًا ملحوظًا في قيمة الدولار مقابل الجنيه؛ مما طرح تساؤلات عديدة حول مدى استدامة هذا الانخفاض وهل يعكس تحسنًا حقيقيًا في المؤشرات الاقتصادية أم مجرد تأثير عوامل ظرفية مؤقتة

تأثير الأموال الساخنة على تراجع الدولار أمام الجنيه المصري واستقرار السوق

شهد الدولار تراجعًا واضحًا أمام الجنيه المصري، إذ سجل الجنيه أقوى أداء منذ نوفمبر 2024، حيث تداول عند مستويات بين 49.02 و49.12 جنيهًا خلال الأسبوع الماضي وفق البيانات الرسمية، ويُعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى تدفقات دولارية كبيرة دخلت السوق المصري مدفوعة بعدة عوامل، من بينها تحسن المناخ الاستثماري وتراجع التوترات الجيوسياسية في المنطقة، وذلك بحسب تصريحات مصادر مصرفية نقلتها منصة “إنتربرايز”.
وأشارت المصادر إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة الجديدة جذب استثمارات أجنبية قصيرة ومتوسطة الأجل، المعروفة بـ”الأموال الساخنة”، ما يُعزز الحفاظ على استقرار نسبي في السوق المصري؛ خاصة مع بداية العام المالي الجديد الذي جاء مصحوبًا بتراجع الالتزامات المالية لشهادات الدين وارتفاع الإيرادات الضريبية، ما منح وزارة المالية والبنك المركزي قدرة أكبر على إدارة العوائد المالية بكفاءة

الدولار يواصل الهبوط أمام الجنيه المصري وسط تحذيرات من التفاؤل المفرط بشأن استقراره

أوضح الخبير المصرفي عز الدين حسانين، في تصريحات لـ”تليجراف مصر”، أن التحسن الأخير في سعر صرف الجنيه يعكس حالة من الاستقرار النسبي للسوق، لكنه نبه إلى ضرورة عدم الإفراط في التفاؤل؛ مؤكّدًا أن استمرار انخفاض الدولار أمام الجنيه مرتبط بعوامل مهمة، أبرزها استدامة التدفقات الدولارية الواردة ووضوح السياسات النقدية المستقبلية، فارتفاع أسعار الفائدة قد جذب استثمارات مؤقتة لكنه لا يعكس تحسنًا اقتصاديًا هيكليًا.
كما شدد حسانين على أهمية تعزيز مصادر النقد الأجنبي المستدامة التي تشمل التصدير، السياحة، وتحويلات العاملين بالخارج، وهي عناصر أساسية لدعم قدرة الاقتصاد المصري على التعامل مع تحديات السوق النقدي على المدى الطويل، دون الاعتماد فقط على الأموال الساخنة المؤقتة

تزايد تحويلات العاملين بالخارج وتعزيز دور الأموال الساخنة في انخفاض الدولار أمام الجنيه المصري

أظهرت أحدث بيانات البنك المركزي المصري قفزة ضخمة في تحويلات العاملين بالخارج التي بلغت 29.4 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2024 إلى أبريل 2025، مقارنة بـ16.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي السابق، مسجلة نموًا بنسبة 77.1%، وهذا النمو الكبير في إيرادات العملة الصعبة يعزز من فرص استقرار الجنيه المصري.
وفي تقرير صادر عن بنك “جولدمان ساكس” أُشير إلى أن الجنيه المصري لا يزال متداولًا بأقل من قيمته العادلة بحوالي 30%، ما يفتح المجال لتعافٍ إضافي في سعر الصرف في ظل تحسن بيئة الاستثمار وزيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، وهذا يعكس بدوره المستويات الإيجابية التي تشهدها أدوات الدين الحكومية.
وفي دعم إضافي للأموال الساخنة، تظهر الأرقام الرسمية تراجع عجز الحساب الجاري بنسبة 69.3% في الربع الأول من عام 2025 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، بدعم مباشر من نمو تحويلات العاملين بنسبة 86.6%، وارتفاع فائض الميزان الخدمي نتيجة زيادة الإيرادات السياحية بنسبة 23%، إلى جانب ارتفاع ملحوظ في الصادرات السلعية غير البترولية بنسبة 56.9%، ما يدل على تحسن شامل في القطاعات التي تدر النقد الأجنبي

• تدفقات دولارية قوية نتيجة تحسن بيئة الاستثمار
• ارتفاع أسعار الفائدة لجذب الأموال الساخنة
• زيادة تحويلات العاملين بالخارج لتعزيز الاحتياطي النقدي
• تحسن المؤشرات الاقتصادية مثل الحساب الجاري والإيرادات السياحية

يرى المراقبون أن استمرار تراجع الدولار أمام الجنيه المصري مرتبط بشكل وثيق باستدامة تدفقات الأموال الساخنة وتوفير بيئة استثمارية قوية تدعم تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، بينما يبقى تعزيز مصادر النقد الأجنبي المستدامة حاجة ملحة لتحقيق استقرار طويل الأجل، بحيث يمكن للجنيه أن يحافظ على مكاسبه أمام الدولار بشكل متزن في ظل مؤشرات اقتصادية متعافية وتوقعات إيجابية من الجهات المتخصصة.