عبدالعزيز الحقيل يفسر انهيار أسعار النفط في الثمانينيات ورد الحكومة السعودية

انهيار أسعار النفط يعود إلى خلافات داخل أوبك في الثمانينيات، كما كشف المهندس عبدالعزيز الحقيل، الرئيس العام السابق لمؤسسة الخطوط الحديدية السعودية، خلال لقاء في برنامج “مِخيال”؛ فقد شهد اجتماع في مالي توترات حول الالتزام بحصص الإنتاج، حيث التزمت السعودية فقط بكامل حصتها، بينما زادت دول أخرى إنتاجها مما أدى إلى فائض يضغط على الأسعار عالميًا، وهبطت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة في بداية 1986، مما أجبر الحكومة السعودية على اتخاذ إجراءات حاسمة للحفاظ على موقعها في السوق.

الخلافات التي أشعلت انهيار أسعار النفط

في اجتماع منظمة أوبك بمدينة مالي، برزت خلافات عميقة بين الدول الأعضاء حول احترام الحصص الإنتاجية، وهو ما أدى مباشرة إلى انهيار أسعار النفط؛ فقد كانت السعودية الدولة الوحيدة التي التزمت بدقة بالكميات المحددة، بينما لم يحترم بعض المنتجين الآخرين تلك الحدود، مما خلق فائضًا هائلاً في العرض العالمي؛ هذا الفائض دفع الأسعار نحو الانخفاض السريع، فانتقلت من 17 إلى 18 دولارًا للبرميل إلى ما بين 8 و9 دولارات فقط، وهو تحول مفاجئ أثر على الاقتصادات النفطية كلها؛ كان هذا الانهيار بمثابة درس قاسٍ في ديناميكيات السوق، حيث يعتمد التوازن على التعاون الجماعي بين الأعضاء.

استراتيجية السعودية أمام انهيار أسعار النفط

واجهت الحكومة السعودية هذا الانهيار بقرار جريء يركز على الحفاظ على الحصة السوقية، فبدلاً من تقليص الإنتاج، زادت منه من حوالي 8 ملايين برميل يوميًا إلى أكثر من 9 ملايين؛ هذا التحرك منع الدول الأخرى من الاستيلاء على حصة المملكة، وعلى الرغم من انخفاض السعر، إلا أن الكمية الكبيرة ضمنت دخلاً مقبولاً للصندوق العام؛ كان القرار مدروسًا، يعكس رؤية طويلة الأمد لمواجهة التقلبات، ويبرز كيف حولت السعودية الضغط إلى فرصة لتعزيز نفوذها؛ في النهاية، ساهم هذا في استقرار الاقتصاد المحلي خلال الفترة الصعبة.

بناء الاحتياطيات بعد انهيار أسعار النفط

استثمرت المملكة في بناء احتياطي استراتيجي إضافي خلال فترة الانهيار، مما أتاح لها الاستفادة منه في أزمات لاحقة؛ على سبيل المثال، عند اجتياح العراق للكويت، توقف الإنتاج الكويتي تمامًا، فتكفلت السعودية بتعويض النقص العالمي من خلال هذه المخزونات؛ هذا النهج لم يقتصر على الجانب المالي، بل امتد إلى تعزيز البنية التحتية النفطية، مما ساعد في مواجهة التحديات السياسية؛ بالإضافة إلى ذلك، أظهر كيف يمكن للدول المنتجة تحويل الأزمات إلى قوة دافعة للتخطيط المستقبلي.

لتوضيح التغييرات في الإنتاج والأسعار خلال الانهيار، إليك جدولًا يلخص الوضع الرئيسي:

الفترة الإنتاج السعودي (مليون برميل/يوم) سعر البرميل (دولار)
قبل 1986 8 17-18
بعد الانهيار أكثر من 9 8-9

أما في سياق التعامل مع مثل هذه الأزمات، فإن الخبراء يركزون على خطوات أساسية للحفاظ على الاستقرار:

  • مراقبة الالتزام بحصص الإنتاج داخل المنظمات الدولية لتجنب الفائض.
  • زيادة الإنتاج مؤقتًا للحفاظ على الحصة السوقية رغم الانخفاض في الأسعار.
  • بناء احتياطيات مالية واستراتيجية لمواجهة التقلبات السياسية والاقتصادية.
  • تعزيز التعاون مع الدول المنتجة الأخرى لإعادة التوازن في السوق العالمي.
  • استثمار الإيرادات في تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النفط.

يبقى درس انهيار أسعار النفط في الثمانينيات تذكيرًا بأهمية الرؤية الاستراتيجية، حيث نجحت السعودية في تحويل التحدي إلى قوة مستدامة.