فوضى الفيصلي والوحدات.. ما السبب في صعود أندية الشمال؟

الدوري الأردني يمر بمرحلة تغيير جذري في بنيته التاريخية؛ فالسيطرة الطويلة لأندية عمان مثل الفيصلي والوحدات، اللذين جمعا 52 لقباً على مدى عقود، بدأت تخف، مما يتيح لفرق أخرى أن تشكل مسار الموسم. بعد فترة من الهدوء النسبي، أحدثت المشكلات الإدارية والمالية اضطراباً؛ ففتح ذلك أبواب الطموح أمام الرمثا والحسين إربد لتحقيق نجاحات حقيقية، مستفيدين من خطط مدروسة تجلب اللاعبين والمعجبين على السواء.

كسر السيطرة التقليدية في الدوري الأردني

عندما أُسس نادي شباب الأردن في الثمانينيات، كان يُعد مشروعاً مشرفاً؛ فقد فاز بلقب الدوري الأردني بعد أربع سنوات فقط من تكوينه عام 2006، ثم أعاد الكرة بعد سبع سنوات إضافية، مما أشعل أمل في توسيع التنافس خارج عمان. لكن هذا الازدهار لم يستمر؛ إذ أدى عدم وجود استراتيجية مالية دائمة إلى انحدار الفريق تدريجياً، حتى وصل إلى الصراع في التصنيفات المنخفضة، وهو ما يبرز هشاشة الإنجازات بدون دعم إداري محكم يحافظ على الاستمرارية والقدرة على المنافسة في المستويات العليا، درس يظل قائماً للأندية الجديدة داخل الدوري الأردني.

صعود أندية الشمال يهز أركان الدوري الأردني

منذ عام 2021، غيّر نادي الرمثا مسار التاريخ بإحرازه لقب الدوري الأردني بعد غياب دام 39 عاماً عن الصدارة؛ مستفيداً من الفوضى في تنظيم الأندية العاصمية. رغم عودة الفيصلي للقب في 2022 لفترة قصيرة، أصبح الحسين إربد قوة بارزة بفضل الاستثمارات المهنية؛ فقد جذب كوكبة من اللاعبين المحليين الذين يدعمون المنتخب الوطني الذي نجح في التأهل لكأس العالم. خلال التوقف الدولي الأخير، دُعي خمسة من أعضائه لمباراتي روسيا والدومينيكان، مما قوى سيطرته على اللقبين الأخيرين، وأظهر كيف تحول الإدارة الذكية الضغوط إلى إمكانيات في الدوري الأردني.

التحديات الإدارية تخيم على قطبي عمان في الدوري الأردني

في افتتاح الموسم الجديد، حاول الفيصلي والوحدات تعزيز قوتهما بصفقات طازجة، راغبين في استعادة تألقهما، لكن الجولات الأولى أثبتت الشبهات؛ إذ هزم الرمثا الفريقين وتصدر الترتيب، مما أسفر عن فصل مدربيهما جمال أبو عابد والتونسي قيس اليعقوبي. حتى المواجهة الكلاسيكية بينهما لم تولد حماساً؛ فانتصر الفيصلي أمام حشد جماهيري ضعيف في ملعب عمان الدولي، بينما تفوقت قمة الشمال بين الحسين والرمثا فنياً وشعبياً بحضور مفعم بالطاقة، مما يعكس تحولاً في توازن القوى داخل الدوري الأردني نحو المناطق الشمالية، حيث أصبحت جاذبية الجماهير عنصراً أساسياً في تشكيل الفرق. أما المشكلات الإدارية في الفيصلي والوحدات؛ فتظهر في التعديلات الفنية السريعة تحت ضغط المتابعين، حيث تعاقد كل نادٍ مع سبعة مدربين منذ 2021، معظمها إقالات أو انسحابات، مما يعرقل التخطيط الطويل ويحول الجهود نحو الإصلاحات السريعة بدلاً من الاستراتيجيات الدائمة.

بالإضافة إلى ذلك، يواجه الفيصلي تأخيراً في دفع الرواتب لأكثر من ثلاثة أشهر، مع تجنب النزاعات عبر اتفاقيات، بينما خسر الوحدات صفقات محتملة لصالح منافسين، وفقد مواهبه إلى تجارب خارجية بسبب الضيق المالي. في الجانب الآخر، يبرز الحسين إربد الاحتراف في إدارة الموارد؛ إذ سجل فائضاً مالياً يفوق 420 ألف دولار في 2023، وساعد بيع اللاعبين وعقودهم في تعزيز الثبات، مع شراكة مع نادي إيغلز الهولندي لأكاديمية الشباب تضمن تدفق المواهب الجديدة.

استراتيجيات الاستقرار في أندية الشمال بالدوري الأردني

يشدد كميل السكران، عضو مجلس الحسين إربد، على أن النجاحات ليست صدفة؛ بل ثمرة تعاون المجلس الذي حوّل الديون إلى مساندة، ومنح الجهاز الفني حرية في اختيار المحترفين، مما بنى فريقاً صلباً رغم الاتهامات بالاحتكار للمواهب الوطنية. أما الرمثا؛ فيعول على احتياطي هائل من الشباب المحليين، إذ دفعته الظروف المالية نحو الاعتماد على الناشئين الذين برزوا في الموسم السابق، مساهمين في صراع حاد أدى إلى قيادة التصنيف الآن. لتعزيز هذا الاتجاه، يمكن لأندية الشمال اتباع الآتي:

• تعزيز الشراكات الدولية لتطوير الناشئين.
• تركيز الاستثمارات على اللاعبين المحليين لضمان الاستقرار.
• بناء خطط إدارية طويلة الأمد تجنب التغييرات المتكررة.
• تحويل الديون إلى فرص دعم جماهيري.
• استغلال الجماهير المتحمسة لتعزيز الإيرادات.

يتقدم الدوري الأردني بهذه الخطوات نحو توازن أفضل في المنافسة، محافظاً على حيويته الرياضية الأصيلة.