كشف جرائم ليبيا.. علي العسبلي ينشر مقاله في العربي الجديد

إعادة الإعمار في ليبيا تظهر وجهها الحقيقي كلما هطل المطر، حيث ينكشف الوهم الذي روج له الجميع؛ مدير منظمة رصد الجرائم في البلاد، علي العسبلي، يصفها في مقال على موقع “العربي الجديد” الممول من قطر بأنها مجرد كذبة تتلاشى أمام أول قطرة ماء. تتحول الطرق إلى مجاري، والأحياء إلى مستنقعات، مما يبطل كل الوعود الرسمية بالنهضة العمرانية التي يتباهون بها طوال العام.

كيف يفضح المطر أوهام إعادة الإعمار في ليبيا

مع حلول الشتاء، يعود السيناريو نفسه في كل ركن من أركان ليبيا، سواء شرقًا أو غربًا؛ الشوارع التي كانت تُروَّج كإنجازات حديثة تغدو أنهارًا جارفة، بينما برك الصرف الصحي تغمر الحياة اليومية للسكان. هذا المشهد المتكرر يجعل الرواية الرسمية التي تتحدث عن تقدم عمراني تبدو هشة، ففي غضون ساعات قليلة، يتضاءل كل ما بني عليه الاحتفاء بالمشاريع الكبرى. العسبلي يؤكد أن مثل هذه الانتكاسات ليست صدفة، بل دليل على فشل جذري في التخطيط، حيث تفتقر البنى التحتية الأساسية إلى أي أساس متين يصمد أمام الظروف الطبيعية، مما يترك المواطنين يواجهون الفيضانات دون حماية حقيقية. هذه الوقائع تحول إعادة الإعمار في ليبيا إلى قصة متعبة، تعكس إهمالًا ممنهجًا للاحتياجات اليومية.

المشاريع السطحية في إعادة الإعمار في ليبيا: دعاية أم واقع

يصعب فهم السبب وراء الاحتفاء ببناء ملعب كرة قدم أو فندق فخم في ليبيا، بينما يعاني السكان من غياب أبسط الخدمات؛ شبكة صرف صحي موثوقة، إمدادات كهرباء منتظمة، طرق آمنة خالية من الثقوب، ناهيك عن مستشفيات مجهزة أو مدارس وجامعات حديثة. هذه المشاريع، التي تُقدَّم كإنجازات عظيمة، لا تمثل تقدمًا خدميًا يلمسه الناس في حياتهم اليومية، بل هي أداة للدعاية السياسية، ورسالة ابتزازية للمسؤولين ليبتزوا الرأي العام. كل فصيل يسعى إلى محو ذكريات القمع والفساد والجرائم المستمرة، مقابل ترميم طريق أو إصلاح مسجد أو صيانة مطار يئن تحت وطأة الإهمال. أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة، الذين يشكلون غالبية الشعب، لا يجدون فائدة في فنادق خمس نجوم لا يقوون على دفع ثمن وجبة بسيطة فيها، أو ملاعب لا يستطيعون شراء تذاكر مبارياتها، في الوقت الذي تفتقر فيه المدارس إلى الكتب والمستشفيات إلى الأسرّة والأدوية. هكذا، تتحول إعادة الإعمار في ليبيا إلى مسرحية، حيث يُقدَّم التجميل السطحي كبديل عن الإصلاح الجذري.

لتوضيح المفارقات في إعادة الإعمار في ليبيا، إليك قائمة بالعناصر الرئيسية التي يبرزها العسبلي:

  • الطرق الجديدة تتحول إلى أنهار مع أول مطر، مما يعرقل الحركة اليومية.
  • الأحياء السكنية تغرق في مياه الصرف الصحي، محولة الحياة إلى كابوس صحي.
  • الفنادق الفارهة تبقى بعيدة عن متناول الغالبية، دون أن تحل مشكلات الكهرباء أو الصرف.
  • ملاعب الرياضة تُروَّج كإنجاز، بينما الجامعات تفتقر إلى المعامل والمكتبات.
  • ترميم المطارات يأتي بعد سنوات من الإهمال، مقابل تجاهل القمع السياسي.

ما الذي يجب أن يعنيه الإعمار الحقيقي في ليبيا

لا معنى لطلاء واجهات العمارات المتداعية، في حين تكون أساساتها مليئة بالشقوق والانهيارات؛ هذا التجميل السطحي يشبه عمليات التعديل الجمالي الفاشلة، التي تخفي وراءها التشوهات العميقة للفساد والظلم الاجتماعي. العسبلي يدعو إلى إعادة الإعمار في ليبيا التي تركز على الإنسان أولاً، بدءًا من إصلاح التعليم المدمَّر تمامًا، والنظام الصحي الذي انهار تحت وطأة الإهمال، والبيئة التي أصبحت مكبًّا هائلًا للنفايات. في الجدول التالي، مقارنة بسيطة بين النهج السائد والمطلوب:

النهج السائد النهج المطلوب
مشاريع دعائية سطحية مثل الفنادق إصلاح الصرف الصحي والكهرباء
احتفاء بملاعب رياضية تطوير المدارس والمستشفيات
ترميم واجهات للدعاية حماية البيئة من التلوث

هذه الرؤية تحول إعادة الإعمار في ليبيا من وهم إلى واقع يخدم الجميع، بعيدًا عن الاستغلال السياسي.