نهيان بن مبارك يدشن مؤتمر الأسرة لمجلس الإفتاء في الإمارات

الأسرة في سياق فقه الواقع تمثل محورًا أساسيًا في بناء هوية وطنية قوية ومجتمع مترابط، كما يبرز المؤتمر العالمي الثالث لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي الذي انطلق في أبوظبي برعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أم الإمارات؛ حضر الافتتاح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وسط نخبة من العلماء والمتخصصين المحليين والدوليين، ليسلط الضوء على دور الأسرة في مواجهة التحديات المعاصرة بمنظور فقهي يجمع بين التراث والواقع المتغير.

رؤية المؤتمر في تعزيز تماسك الأسرة

شهدت الجلسة الافتتاحية حضورًا واسعًا لمسؤولين رفيعي المستوى من الهيئات الأسرية والدينية، إلى جانب ممثلين دوليين وإعلاميين محليين؛ بدأت بتلقين السلام الوطني وتلاوة قرآنية، ثم عرض فيديو يلخص تاريخ المؤتمر وأهدافه القيمية، متناولاً كيفية دعم الأسرة كوحدة أساسية للهوية الوطنية في ظل التغييرات الاجتماعية؛ أعقبتها كلمات ملهمة من قادة المؤسسات، تركز على الأسرة في سياق فقه الواقع كأداة لبناء مجتمع مترابط يعكس قيم الإمارات، مع الالتزام بروح التوجيهات الرئاسية التي تجعل التنمية الأسرية عملًا وطنيًا نبيلًا.

دور الفقه في تعزيز هوية الأسرة الوطنية

أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك في كلمته أن هذا الحدث يجسد الالتزام بتوجيهات سمو أم الإمارات، التي تمثل قدوة في حب الوطن وبناء مجتمع عزيز؛ يعكس المؤتمر عزم الإماراتيين على تحقيق رؤيتها الشاملة لخدمة الإنسان، محتفلًا بإنجازات سموها التي تحول تنمية الأسرة إلى مسار للنهوض الوطني؛ ويتوافق تمامًا مع إعلان رئيس الدولة بأن عام 2026 سيكون عام الأسرة، لتكون نموذجًا للعائلة الناجحة القادرة على العطاء، مع التركيز على تطوير الطاقات وتعزيز التواصل بالمودة، وسط انفتاح كامل على التقدم العالمي بروح الثقة والإيمان بالهوية الإماراتية.

اجتهاد فقهي يواكب التحديات المعاصرة

يبرز المؤتمر أهمية ربط الفقه بالواقع المتسارع، مستندًا إلى مكانة الشريعة في مسيرة الدولة؛ يدعو إلى اجتهاد يعتمد على القرآن والسنة وآراء العلماء، مع إعمال العقل لمواكبة الزمان والمكان دون جمود؛ ينطلق هذا المنهج من مقاصد الشريعة لتحقيق مجتمع يسوده العدل والتكافل والسلام، حيث تكون الأسرة في سياق فقه الواقع نواة لتعميق روابط القرابة وإرساء سلوكيات تجعلها أكثر فاعلية في تربية الأبناء وتمكينهم اقتصاديًا واجتماعيًا، مع دعم روحي يغرس حب الوطن والأخلاق النبيلة؛ يتجنب هذا النهج كل تأثيرات هدامة، محافظًا على الوسطية والانفتاح.

في سياق مناقشات المؤتمر حول الأسرة في سياق فقه الواقع، طرح معالي الوزير أسئلة حاسمة لتعزيز دور العائلة؛ إليك أبرزها في نقاط رئيسية:

• كيف يضمن فقه الواقع رؤية واضحة لدور الأسرة في المجتمع، مما يخلق مناخًا يحفز على التفوق وعمارة الأرض، مع تزويد العائلة بالطاقة للإسهام في التطور؟.
• كيف يجعل فقه الواقع الأسرة في الإمارات قدوة في تربية الأبناء بطرق آمنة، تعزز الثقة بالنفس والوطن، والانتماء، مع الالتزام بالوسطية والأمر بالمعروف؟.
• كيف يساعد فقه الواقع الأسرة على الاستفادة من العصر الرقمي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لتعزيز الترابط بين الأجيال وتوفير حياة نشطة مشتركة؟.
• كيف تحول تعاليم الإسلام وفقه الواقع الأسرة إلى قاعدة لبناء قناعة بالتوكل والمثابرة، في إطار رؤية طويلة الأمد تتوافق مع طموحات الوطن لمستقبل مزدهر؟.
• كيف يعمق فقه الواقع قيم الإسلام في مواجهة التحولات، ليجعل الأسرة مصدر قوة للسلم المجتمعي والحفاظ على الهوية؟.

أما كلمات المتحدثين الآخرين، فقد سلطت الضوء على أبعاد الاجتهاد؛ تحدث الشيخ عبد الله بن بيه عن الأسرة كنواة للسلم المجتمعي في ظل التحولات، مطالبًا بمواءمة النصوص الشرعية مع الواقع لتعزيز الاستقرار والحوار الرقمي؛ أشاد الدكتور أحمد التوفيق بالدور الإماراتي، مشيرًا إلى الأسرة كحاضنة للقيم، مع استعراض التجربة المغربية في فقه الواقع؛ أكد الدكتور عمر حبتور الدرعي أن الأسرة ركيزة وطنية تتطلب اجتهادًا مشتركًا يواكب التقنيات الحديثة.

يغطي البرنامج على يومين قضايا الاستقرار الأسري والهوية، مع استعراض تجارب وطنية مثل إرث الشيخ زايد في التماسك، متوافقًا مع عام المجتمع 2025 وتخصيص 2026 للأسرة؛ يمثل هذا الحدث خطوة في تطوير الإفتاء الأسري، مجسدًا نموذجًا إماراتيًا يجمع الوعي بالواقع مع الانفتاح على العصر.