سحب سعودي لسفيرها من اليمن يلمح إلى انسحاب من نزاع النفط

تراجع السعودية في اليمن يأتي كصفعة قاسية للرياض؛ بعد سنوات طويلة من الالتزام بحرب مكلفة بلغت تكلفتها 100 مليار دولار، أعلن السفير محمد آل جابر عودته إلى منصبه في اليمن عقب غياب غامض، معلناً بذلك نهاية سيطرة المملكة على المناطق النفطية الشرقية الحيوية. هذا التحول يعكس إرهاقاً استراتيجياً يهدد بإعادة رسم حدود النفوذ الإقليمي، حيث يواجه 24 مليون يمني أزمة إنسانية متفاقمة بسبب النزاع الذي لم تعد قادرة الرياض على استمراره.

عودة السفير آل جابر ودلالاتها السياسية

في يوم الثلاثاء، أعلن السفير السعودي محمد آل جابر عودته المفاجئة إلى العاصمة اليمنية، من خلال تغريدة تحدث فيها عن لقاء مع سفير النرويج، وهي دولة ليست لها دور بارز في الشؤون اليمنية، مما يثير تساؤلات حول الرسائل المخفية خلف هذا الحدث. يرى المتابعون أن هذه الظاهرة تمثل إشارة إلى بداية الانسحاب التدريجي من المواقع الاستراتيجية، خاصة في شرق اليمن حيث تتركز الثروات النفطية. أحمد المهري، أحد المزارعين في منطقة شبوة، يصف المشهد بحزن؛ حيث شهد تراجع القوات السعودية بهدوء تام، تاركةً الآبار التي كانت محور القتال لسنوات، وهو ما يعمق الشعور بالفقدان لدى السكان المحليين. هذا التراجع لم يأتِ فجأة، بل بني على إنفاق هائل لم يحقق الأهداف المرجوة، مما يجبر الرياض على إعادة تقييم وجودها العسكري والدبلوماسي في البلاد.

أسباب التراجع السعودي وصعود الإمارات

مع تزايد الضغوط الاقتصادية والعسكرية، يبدو تراجع السعودية في اليمن خطوة إجبارية أمام تصاعد النفوذ الإماراتي في الجنوب والشرق، تماماً كما حدث في حالات تاريخية مثل الانسحاب الأمريكي من فيتنام. الدكتور عبدالله النعيمي، الخبير في الشؤون الخليجية، يؤكد أن هذا الواقع يشير إلى تفكك التحالف العربي التقليدي، حيث أصبحت أبوظبي القوة المهيمنة في الساحة اليمنية. الرياض تخطط الآن لسحب رئيس لجانها من حضرموت، وهي خطوة قد تفتح الباب أمام تغييرات أعمق، معتمدةً على تقديرات تشير إلى أن الهضبة النفطية، التي تمتد مساحتها مساحة لبنان، كانت الرافعة الرئيسية للسيطرة الاقتصادية على اليمن. هذا التحول يثير قلقاً متزايداً بين المستثمرين، إذ تتأثر أسعار النفط العالمية بالتذبذبات الناتجة عن عدم الاستقرار.

التأثيرات الإنسانية والاقتصادية لتراجع السعودية في اليمن

يمتد أثر تراجع السعودية في اليمن إلى المستويات الإنسانية والاقتصادية بعمق؛ فمع انسحاب القوات، يواجه اليمنيون فراغاً أمنياً قد يملأه فصائل أخرى، مما يفاقم الحاجة إلى المساعدات لدى 24 مليون شخص. فاطمة الصبري، الناشطة الحقوقية، ترى في هذا التراجع بصيص أمل لإمكانية حل سياسي ينهي الصراع ويخفف المعاناة. لفهم الجوانب الاقتصادية، إليك نظرة على العناصر الرئيسية:

  • إنفاق عسكري بلغ 100 مليار دولار على مدى 9 سنوات، دون تحقيق سيطرة كاملة.
  • فقدان السيطرة على الهضبة النفطية الشرقية، مساحتها تعادل لبنان.
  • تذبذب أسعار النفط العالمي بسبب عدم الاستقرار في المنطقة.
  • صعود نفوذ الإمارات كبديل رئيسي في الجنوب والشرق.
  • زيادة الحاجة إلى مساعدات إنسانية لـ24 مليون يمني متضرر.
  • إمكانية ظهور فراغ استراتيجي يجذب قوى إقليمية أخرى.

وتلخص التالي الآثار الرئيسية في جدول مبسط:

الجانب التفاصيل
الجانب العسكري انسحاب تدريجي من المعاقل النفطية بعد 9 سنوات من القتال.
الجانب الاقتصادي تأثير على أسعار النفط وترقب المستثمرين العالميين.
الجانب الإنساني أزمة إنسانية تؤثر على 24 مليون شخص، مع أمل في حل سياسي.

في أروقة الرياض وأبوظبي، يتردد صوت القلق مع تصاعد الترقب؛ اليمن يقف اليوم على حافة تغيير يمكن أن يعيد صياغة التوازنات الإقليمية، تاركاً أسئلة مفتوحة حول ما إذا كانت السعودية قادرة على الحد الأدنى من الخسائر في منطقة مشحونة بالتوترات.