اكتشاف مذهل.. دراسة تكشف طبقات جليد طري في تيتان مع إمكانية مناطق حياة

تيتان قمر زحل يفاجئ العلماء بكشوفات طازجة حول تركيبته الداخلية، إذ أوضحت تحاليل ناسا المبنية على إرث مسبار كاسيني أن الاعتقاد السابق ببحر جوفي متدفق تحول إلى صورة أكثر تعقيداً؛ فبدلاً من سائل واسع، تكشف الطبقات عن تراكمات جليدية متراصة، ممزوجة بطين جليدي، وقرصات ماء محصورة تشبه الخزانات الجوفية أو تجمعات الجليد في المناطق القطبية، كما ورد في بحث نشر في مجلة نيتشر، مما يغير تصوراتنا عن إمكان الحياة في هذا الكوكب الغامض.

بنية داخلية معقدة لتيتان قمر زحل

في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، أعاد علماء تحليل بيانات كاسيني ليرسموا صورة مفصلة عن داخل تيتان قمر زحل، الذي يمتد قطره إلى نحو 5150 كيلومتراً ويغطيه غلاف جوي كثيف يشبه الضباب السميك؛ هذا القمر فريد بعد الأرض في امتلاكه سوائل على سطحه، لكنها ميثان في برد شديد ينخفض إلى 179 درجة تحت الصفر، يشكل منها تجمعات وبحيرات؛ تحت الطبقة الجليدية الخارجية التي يقدر سمكها بـ160 كيلومتراً، تظهر تراكيب من الطين الجليدي المتلاصق، مع تجمعات مائية صغيرة تخترق العمق إلى 400 كيلومتر إضافي، وقد ترتفع درجة حرارتها إلى 21 درجة مئوية نسبياً، تجمع مواد غذائية وتولد ظروفاً قد تناسب كائنات دقيقة؛ يشبه باتيست جورنو من جامعة واشنطن هذا الوضع بجليد المحيطات القطبية الأرضية أكثر من بحار مفتوحة، مما يعدل آراءنا حول توفر الطاقة والعناصر الضرورية هناك.

دور جاذبية زحل في استكشاف تيتان قمر زحل

اعتمد الباحثون على تأثير جاذبية زحل لفك رموز داخل تيتان قمر زحل، حيث يدور القمر في ارتباط مدي يجعله يظهر جانباً واحداً دائماً، مما يولد انتفاخاً سطحياً يصل إلى 10 أمتار؛ أثناء مهمة كاسيني عام 2008، افترض المتخصصون أن سائل داخلي يفسر هذا التمدد، غير أن الدراسة الحديثة تكشف تأخيراً زمنياً يبلغ 15 ساعة بين ذروة الجذب والرفع السطحي، دلالة على مواد داخلية كثيفة ولزجة؛ يشرح فلافيو بيتريكا، الرئيس في المختبر نفسه، أن هذا التأثير يحتاج إلى طاقة أكبر من السوائل العادية، كأن يحرك المرء ملعقة في عسل متراص؛ هذا يعزز نموذج العجينة الجليدية مع قرصات ماء، حيث تمتد الطبقات إلى أكثر من 550 كيلومتراً، وقد يتضمن الماء تجمداً جزئياً أو ذوباناً تحت ضغوط هائلة؛ ساهمت محاكاة مختبر فيزياء الجليد بجامعة واشنطن في إعادة إنتاج هذه الظروف، التي تحول سلوك الماء بشكل جذري عن الشروط الأرضية.

آفاق الحياة داخل تيتان قمر زحل

يظل تيتان قمر زحل وجهة جذابة لاستكشاف أشكال حياة رغم غياب أدلة مباشرة، إذ يرون فيه بيئات أكثر قابلية من المتوقع؛ تذكر أولى جونز، باحثة في المختبر، أن القرصات المائية المعزولة قد تكثف المغذيات أكثر من بحر واسع، مستوحاة من أنظمة القطب الأرضي؛ يضيف بيتريكا أن الحركات الداخلية، كالذوبان أو التجمد، تولد ديناميكية تتخطى توقعاتنا؛ ومع ذلك، يحتاط لوتشيانو ييس من جامعة سابينزا في روما، معتبراً البراهين الحالية ناقصة لاستبعاد بحر جوفي كامل، بناءً على قراءات كاسيني السابقة.

لتوضيح الطبقات الرئيسية في تيتان قمر زحل حسب النماذج العلمية، إليك العناصر الجوهرية:

  • القشرة الجليدية الخارجية تبلغ سمكها نحو 160 كيلومتراً.
  • الترتيبات من الطين الجليدي والماء الجزئي السائل تمتد لـ400 كيلومتر إضافي.
  • العمق الإجمالي يفوق 550 كيلومتراً للمواد المعقدة.
  • قرصات مائية دافئة عند درجة حرارة تقارب 21 درجة مئوية.
  • تأثير الضغط الشديد الذي يغير خصائص الماء بشكل ملحوظ.
  • الانتفاخ السطحي الناجم عن الجاذبية يؤكد التركيب غير السائل التام.
العنصر الخصائص
سطح تيتان قمر زحل سوائل ميثان عند 179 درجة تحت الصفر، مع بحيرات وأمطار.
الداخل الجوفي طبقات جليد وطين، قرصات ماء معزولة، استجابة متأخرة للجاذبية.
المهمات المستقبلية دراغونفلاي تنطلق عام 2034، تبحث عن مواقع حياة ومصادر ماء.

يشارك تيتان قمر زحل الاهتمام مع أقمار مثل غانيميد وإنسيلادوس ويوروبا، حيث تخفي قشورها الجليدية عوالم مائية؛ مهمة كاسيني التي دامت عقدين، إلى جانب دراغونفلاي في 2034، ستكشف المزيد عن هذه الإمكانيات البعيدة.